«الشيخ قطب» قصة قصيرة للكاتب علاء عبدالعظيم

 قصة قصيرة للكاتب علاء عبدالعظيم
قصة قصيرة للكاتب علاء عبدالعظيم

كانت مشكلة «الشيخ قطب»، هكذا كان يسميه معارفه وأصدقاؤه - هي كيف يتزوج؟! بعد أن أمضى ٣٥ عاما من عمره دون أن يعرف النساء، وقد استطاع أن يكبت الشيطان، ويكتم أنفاسه بصلواته، وصومه، لكن ها هو يصاب بمرض يسميه الأطباء الذين تردد عليهم مرضا عصبيا، وقد يكون الشفاء في الزواج.

شكا الشيخ قطب إلى أصدقائه في العمل يروي لهم كيف يصاب بتشنجات عصبية، ويبرد جسمه يتصبب العرق الغزير منه، ويقضي لياليه يشكو السهاد للمرتبة والوسادة، والسرير، ولم يكن يعلم أن أصدقائه الذين كتموا ضحكاتهم، وسخريتهم.

قرر أحدهم أن يمزح معه ليصبح قطب نكتتهم الوحيدة طوال العمر، أخبر الشيخ قطب أنه قرر أن يزوجه من بنت حلال مفيش بعد كده.

انفرجت أسارير الشيخ قطب، وأومأ بالموافقة.

ذهب الشيخ قطب مع صديقه إلى بيت العروس في منطقة الفجالة، حيث تقطن في حارة ضيقة، طرق الزائرون باب شقة في الدور الأول، فتح لهم رجل عجوز يرتدي جلبابا فوقه معطف، ورحب بهما في حجرة الاستقبال البسيطة الأثاث.

ماكاد صديق الشيخ قطب أن يفتح موضوع الزواج، حتى اندفع الشيخ قطب في خطبة حماسية مشيدا بوالد العروس، وبثقته المطلقة فيه، وانه احس منذ الوهلة الاولى أنه يدخل بيت أناس صالحين.. اتقياء.

استرسل الشيخ قطب في كلامه دون أن يترك فرصة لاحد يقاطعه في الحديث.

لم يكف الشيخ قطب عن الكلام حتى دخلت العروس تقدم القهوة، يبدو عليها الخفر والحياء، والارتباك، وقدمت القهوة وانصرفت في الحال.

لم يستطع الشيخ قطب أن يلمح شيئا من جمالها، لكن كيانه كله ارتجف، وسرت الحمى في بدنه، وصمم على الزواج منها بغير قيد أو شرط.

اتفق مع والدها، وقرأ الفاتحة، وفي اليوم التالي ذهب إلى عمله فإذا به يقابل بعاصفة من الضحك والنكات الساخرة، وسرعان ماعلم أن زملائه ارادوا أن يضعوه في موقف لا ينساه طوال حياته، وأن عروسه اسمها "دانس"، تعمل في كباريه كراقصة.

لم يصدق الشيخ قطب حتى ذهب في تلك الليلة إلى الكباريه ورأى "دانس" وهي تهز بطنها، لكنه لم يصدق مع ذلك شيئا مما قيل، وكانت الصدمة الحقيقية له عندما قابل والد الفتاة عند باب الكباريه الذي لم ينكر أن ابنته هي التي ترقص داخل المكان.

مضى الشيخ قطب في حاله مهموما، حزينا يأسف لحال الدنيا وما فيها من شرور، وآلام.

وظل على هذا الحال أيام واسابيع، واشتد عليه مرضه العصبي، وضاقت الدنيا في عينيه حتى جاء يوم تبدل فيه حاله، وانشرح صدره ورأى كل الناس السعادة تطفح من عينيه، ولم يطل عجبهم فقد علموا أن الشيخ قطب تزوج "دانس".