دكتور ممدوح سالم يكتب: القراءة ليست رفاهية ولا من مكملات الحياة

أطفالنا وشغف القراءة
أطفالنا وشغف القراءة

تذكرون صديقي الذي سألني قبلًا كيف ومتى تكتب؟ ها هو عاد يسألني، لكن هذه المرة عن القراءة والافتتان بها إلى حد الغواية حسب توصيفه! وكيف يمكننا أن نغري أطفالنا بالقراءة؟

فقلت: دعنا نتفق أولًا على أن القراءة ليست رفاهية، ولا هي من مكملات الحياة؛ بل إنها الحياة بأرقى معانيها دون مبالغة.. فإذا كانت الخطوات الأولى للطفل إلى جانب روحه وحواسه هي المؤشرات الأولي نحو استقبال الحياة؛ فإن قدرته على السعي واكتساب المفاهيم ومهارات التعامل الإنساني لا تستقيم إلا بالمعرفة.
قال: صدقت. فأردفت تأكيدًا وقد عكس لمعان عينيه ارتفاع مؤشرات قناعاته:
القراءة لأطفالنا هي البوابة الأولى والكبرى إلى المعرفة وبناء شخصياتهم بناء سويًّا.. وما عليك إلا أن تقرأ أنت أولا ليراك طفلك قارئًا فيقتدي بك ويتأسى بسلوكك.. اقرأ أنت ثم اقرأ له، وساعده في بداياته على اختيار أصدقائه من الكتب النافعة تجده من بعد عالمًا.
عاد يسألني عن قصدي من سابق مقالة لي ذكرت فيها أن التعلم غايته المعرفة، وأنه لا تتحصل المعرفة إلا بالعلم والتعلم والتجربة؛ ولا يكون ذلك مجموعًا إلا بالقراءة؛ فأجبته ذلك أن القراءة هي المعراج الذي يسمو به القارئ إلى سموات المعرفة والإدراك والمسئولية، حتى تُفتَح له مغاليقُ تلك الحياة من أوسع أبوابها.
ثم نبهت صديقي إلى الحذر من تصدير جملته الاعتراضية التي طالما ابتدأني بها ما حدثته عن القراءة:
لا تقل لا أحب القراءة، أو تدعي أنه ليس لديك الوقت لذلك! ما عليك إلا أن تسعى مخلصًا في إيجاد شغفك، وفي أسباب فتنتك بغذاء عقلك، وجماليات روحك ونفسك ورحابات رقيك.. 
ولا تنس يا صديقي أن القراءة أمر سماوي مقدس، وأن أول التنزيل الحكيم قوله تعالى: "اقرأ باسم ربك الذي خلق" العلق (١). ثم إنه لا يخفى عليك أن الأمة لم ترتقِ في عصورها الذهبية إلا حين كانت القراءة درب علمائها وسلوك كتابها ونهج ساستها في فهم شئون الأمم.
وفي الأخير لا يسعني إلا أن أدعوك وأطفالنا لتشاركنا القراءة؛ كي نقدم لهم مستقبلا مرسوما بأحلامهم وطموحاتهم الواعية، ومن قبل نقدم لأنفسنا قدرها البهي وحظها العظيم في كل شئونها.