2.60 % عائد استثمارى يؤكد نجاح المبادرة اقتصاديا

إنجاز عالمي وتاريخي| مصر خالية من «فيروس سي»

صورة موضوعية
صورة موضوعية

نجحت مصر فى الوصول العادل إلى رعاية مرضى فيروس التهاب الكبد، وتخليص الشعب المصرى من هذا المرض الذى فتك بآلاف المرضى خلال العقود الماضية. لتعلن بذلك منظمة الصحة العالمية أن مصر أصبحت خالية من فيروس سى. فقد حققت مبادرة الرئيس «100 مليون صحة» نجاحًا كبيرًا فى تخفيض المعدل السنوى للإصابات الجديدة السنوية بنسبة تزيد عن 92٪، من خلال حملة غير مسبوقة على مستوى العالم، لفحص فيروس «سى» والكشف المبكر عن الأمراض غير السارية لما يقرب من 60 مليون شخص من المصريين وغير المصريين.

◄ إنتاج العلاج محليا ساهم فى القضاء على المرض بأقل تكلفة

◄ مبادرة تكميلية تستهدف علاج مرضى التليف

■ د . خالد عبد الغفار

الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، أشار إلى أن خطة القضاء على فيروس سى من خلال مبادرة «100 مليون صحة» تضمنت توفير العلاج ومستلزمات الفحص مجانا فى 170 مركزا لعلاج الفيروسات الكبدية، على مستوى جميع محافظات الجمهورية، حتى نجحت المبادرة بالعلاج المكثف للمرضى المصابين، فى الوصول إلى معدلات إصابة أقل من المعدلات العالمية من مرضى الفيروس، حيث انخفضت النسبة إلى 0.38% عام 2022، مؤكدا أن جهود الدولة المصرية لم تتوقف مع انخفاض المعدلات إلى هذا الحد، حيث تم إطلاق امتداد لمبادرة القضاء على فيروس سي، بمبادرة تكميلية تستهدف علاج المرضى الذين أصيبوا بتليف الكبد من خلال 76 مركزا لمتابعة المرضى وعلاجهم، التى استفاد من خدماتها نحو 120 ألف مريض حتى الآن، فضلا عن الجهود المستمرة الأخرى لضمان مستقبل آمن للأجيال القادمة من خلال إطلاق مبادرة للكشف عن فيروس سى وعلاجه لدى طلاب المدارس فى المرحلتين الإعدادية والابتدائية.

◄ رحلة الفحص والعلاج
وعن رحلة القضاء على فيروس سى، يقول الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصاديات الصحة والسياسات الصحية وانتشار الأوبئة بجامعة مصر الدولية، إن فيروس سى يحدث نتيجة عدوى ناجمة من الالتهاب الكبدى الوبائى، وقد يكون الفيروس قصير الأمد بحيث يمكن أن يختفى تلقائيا بدون علاج فى 30% من المصابين، أو يكون مزمنا على المدى الطويل ويسبب مضاعفات إلى الـ70% الآخرون، وتشير التقديرات إلى أن ما بين 130 إلى 150 مليون شخص على مستوى العالم يعانون من التهاب الكبد المزمن سى، أى حوالى 3% من سكان العالم. ومن أهم هذه المضاعفات التى قد تحدث جراء الإصابة بالفيروس هى الإصابة بتليف الكبد بنسبة 15 - 30% خلال 20 عاما من الإصابة بالفيروس لـ93% من المرضى الذين يكونون أكثر عرضة لاحقا بالإصابة بسرطان الخلايا الكبدية (HCC) الذى يعد أكثر أنواع السرطان شيوعًا فى مصر وجميع أنحاء العالم. 

■ إسلام عنان

ويؤكد أن علاج فيروس سى بشكل مبكر وفر على المرضى والدولة الكثير من تكلفة المضاعفات الأخرى، لافتًا إلى أن رحلة العلاج مرت بثلاث مراحل، وكانت المرحلة الأولى تتطلب تسجيل المواطنين بياناتهم بشكل «أونلاين» ما كان يشكل صعوبة على غالبيتهم خاصة كبار السن، بالإضافة إلى أن العلاج المتاح حينها كان مستوردا من الخارج فى شكل حقن أسبوعية هى (الإنترفيرون)، وكانت تكلف المريض الواحد حوالى 100 ألف جنيه، وتم علاج نحو 300 ألف مريض على نفقة الدولة حتى عام 2014 وكانت نسب شفاء العلاج لا تتعدى 50% فقط، والإنترفيرون له مضاعفات وآثار جانبية عديدة. حتى تم البدء فى المرحلة الثانية وإجراء المسح القومى مجددًا عام 2015، وحينها تم اكتشاف حوالى 8.7% مصاب بفيروس سى أى حوالى 7 ملايين من الشعب المصري.

ووقتها كان العالم أجمع قد بدأ يتجه للعلاج الفموى بعقار السوفالدي المستورد الذى يحقق نسب شفاء تصل إلى 99%، ولكن كانت تكمن المشكلة فى ارتفاع سعر الدواء بشكل مبالغ فيه، فكان يصل سعر الدواء للمريض الواحد فى أمريكا 80 ألف دولار مما كان يشكل عائقا كبيرا فى علاج أكبر عدد من المرضى على نفقة الدولة، حتى تم التمكن من التفاوض مع الشركة المنتجة لتخفيض سعر الدواء بنسبة 1% ليصل متوسط سعر علاج المريض الواحد الذى يستغرق 3 أشهر 3500 جنيه مصرى.

وأخيرا تم التشجيع على إنتاج محلى لعقار السوفالدى ليخفض تكلفة العلاج إلى 600 جنيه فقط للمريض الواحد مما أعطى الفرصة لعلاج الملايين بالمجان، وتم شفاء نحو 2.5 مليون مريض بنسبة شفاء 99% دون آثار جانبية للعلاج كما كان يحدث من قبل، علما بأن زيادة عدد وحدات الكشف المبكر ووجودها فى العديد من الرعايات الأولية كان له سبب فى إقبال العديد من المواطنين على الكشف وتلقى العلاج، مما وصل لأكبر عدد فحص على مستوى العالم وتشخيص 5 ملايين إصابة منهم وتلقى العلاج لـ4.5 مليون مواطن.

◄ تقييم المبادرة
ويرى الدكتور عنان أن تقييم نجاح المبادرة يتم على أساس صحى واقتصادى، فمن الناحية الصحية تم علاج عدد 4.5 مليون مواطن وإنقاذ حياة الآلاف الأكثر عرضة للإصابة بمضاعفات التليف والوفاة، أى أن المبادرة قللت الوفيات بنسبة «مليون سنة حياة». ولاشك أن عامل السرعة كان له دور هام فى ذلك، فبعد أن كان من المخطط للمبادرة الكشف على المواطنين خلال 3سنوات، تم الفحص فى فترة 18 شهرا فقط.

ومن الناحية الاقتصادية، استطاعت مبادرة الكشف عن فيروس سي توفير 23مليار جنيه على الدولة المصرية، بمعنى أن كل جنيه تم صرفه على الحملة يعود ثانية بنسبة 3.60 جنيه، بما يعادل عائدا استثماريا بنسبة 2.60%. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أنشأت وزارة الصحة المصرية مركزا خاصا بها لمتابعة الحالات هاتفيا وإخبارهم بمواعيد المتابعة الصحية، فضلا عن تدوين سجلات أخرى لمرضى التليف الذين أصيبوا بأورام الكبد والذين وصل عددهم إلى ما يقرب من 60 ألف شخص، ليتم متابعة حالتهم الصحية وتلقى العلاج اللازم فى المراحل المبكرة سواء كان على نفقة الدولة أو تحت مظلة التأمين الصحى. وبشكل عام يتم عادةً الوقاية من سرطان الكبد عن طريق الكشف المبكر عن عوامل الخطر الأولية وعلاج عوامل الخطر الثانوية والوقاية أو الحد من انتكاسة سرطان الكبد بعد العلاج الفعال.

◄ اقرأ أيضًا | برلماني: حصول مصر على الشهادة الذهبية للقضاء على فيروس سي قصة نجاح عالمية‎

◄ قصص الحالات
 ويروى عدد من الحالات رحلتهم مع فيروس سى من الاكتشاف وحتى تلقى العلاج فى المبادرة الرئاسية «100 مليون صحة»، من بينهم منيرة على (53 عامًا) التى تقول إنها اكتشفت إصابتها وزوجها بفيروس سى ولم يكن لديهما علم بذلك، حتى بدأت المبادرة الرئاسية الخاصة بالكشف عن فيروس سى، وقاما بالذهاب سويا لإجراء التحاليل والفحوصات اللازمة وبالفعل تم اكتشاف إصابتهما بالمرض، وتقول إن المبادرة وفرت لهما العلاج سريعا وبالمجان تماما، وإخبارهم بضرورة تناول علاج أقراص السوفالدى لمدة 3 أشهر، وتمت المتابعة ثانية ليتم العلاج من الفيروس بفضل الله عز وجل، وأكدت أن الأطباء المختصين بالحملة يقومون بإجراء اتصالات هاتفية لهما على فترات للاطمئنان على حالتيهما الصحية وتوعيتهما بضرورة إجراء الفحوصات اللازمة بشكل دورى. واختتمت حديثها بتوجيه الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسى ولجميع الأطباء على الخدمات المميزة التى يتم تقديمها لهما على الوجه الأمثل.

فيما يقول إسحق حنا (70 عاما)، إنه اكتشف إصابته بفيروس سى بالمصادفة عندما شعر بالتعب وذهب للطبيب فطلب منه إجراء بعض التحاليل التى أوضحت إصابته بفيروس سى فى مرحلة متأخرة، ما تسبب فى تليف جزء من خلايا الكبد، حينها أخبره الطبيب بالذهاب للمبادرة الرئاسية لتلقى العلاج، وبالفعل ذهب وأجرى التحاليل والفحوصات اللازمة وفى غضون 13 يوما تم الاتصال به لتلقى العلاج الذى كان عبارة عن 48 حقنة لمدة 6 أشهر، ثم أجرى التحليل مرة أخرى وكانت النتيجة إيجابية فتم تكرار العلاج بمعدل 12 حقنة حتى تم الشفاء، وبعدها تم تحديد مواعيد للمتابعة الدورية.