حديث الأربعاء

مصر على العهد

محمد سلامة
محمد سلامة

تظل السياسة وإن اخُتلف حول مسمياتها المحرك الأول والأخير للاقتصاد فى العالم دون ما استثناء ... دائماً ما يسدد هذا الاقتصاد عن طيب خاطر أحياناً ... مكرهاً غالباً ... فاتورة سياسات دولته ... سياسات الآخرين على كراهيتها  ... لا أتذكر على مدى أيام عمرى التى انقضت أو تلك التى لا تزال فى رحم الغيب - إذا ما كان فى العمر بقية - أن مر يوم دون أن تلقى تلك السياسة - كما اعتدنا منها وعودتنا - بظلالها «الكئيبة» على المشهد الاقتصادى ...  لقمة عيش الناس ... أرزاقهم ... أحلامهم ... طموحاتهم فى غدٍ يأتى دون ما دور لهذه السياسة «البغيضة»  ... دون منغصاتها ... مشاكلها التى لا تنتهى حتى تبدأ ... هو حال مصر ... على مدى تاريخها الممتد بامتداد التاريخ الذى بدأت أولى تباشيره ههنا ... حضاراته ... إرهصاته ... نجاحاته ... إخفاقاته ... كانت مصر حاضرة ... تضىء العالم حولها ... تبهره بحضاراتها التى لم يُكشف عن أسرارها بعد ... باتت مصر ولا تزال محط أنظار العالم شرقه ... غربه ... أطماعه ... سياساته «التوسعية» ... على مدى عقود سددت مصر ولا تزال فاتورة  سياسات هذا العالم .... غاياته « الميكافيلية « ...   الانتهازية  ... غطرسته  ... أحقاده ... كراهيته أن يكون لها دور كما كان وسيكون بإذن الله تعالى ...  يفتح لنا التاريخ صفحاته ... يكشف لنا كم المكائد ... الدسائس ... الخطط التى تُحاك ولاتزال لحصار مصر ... إضعافها ... تقزيمها ... إلهائها فى مشاكل ... أزمات ... خلافات ... هاهنا مر الهكسوس ... التتار ... المغول ... «الفرنجة» ... فرنساوية ... إنجليز... يهود صهاينة ... وغيرهم كُثر ... اجتمعوا رغم كل خلافاتهم ... اختلافاتهم على احتلال مصر ... حصارها ...  «تركيعها» ... استنزاف مواردها ... اقتصادها  ... هو السيناريو ما زال يتكرر ... لن تستطيع احتلالها عسكرياً ...  البديل حصارها اقتصادياً ... خلال العقد الأخير بدت تلك السياسة  فى أحقر صورها ...  محاولاتها «المستميتة» للإضرار بمصر اقتصادياً ... مشروع سد النهضة الإثيوبى  جنوباً مع ما يمثله من خطورة على وجود مصر ... حياتها ... مقدرات عيشها ... زاد عليه الحرب المستعرة فى السودان على مدى شهور لا يعلم نهايتها سوى الله سبحانه وتعالى ... حتى إن وضعت الحرب أوزارها هنالك بلد جرى تدميره لن تقوم له قائمة قبل عقودٍ يظل خلالها مسرحاً لمزيدٍ من التجاذبات «القبلية» التى لا تُبقى على أخضر او يابس ...  غرباً عدم استقرار الشقيقة ليبيا التى تعانى ولاتزال خلافات الأخوة «الأعدقاء»  ... شرقاً هنالك الكيان الصهيونى مصدر كل الأزمات ... على مدى 75 عاماً منذ وعد بلفور «الملعون» الذى لا يملك أعطى من لا يستحق ...  هنالك كانت ولاتزال البدايات ... أزمات لا تنتهى من جيران الحدود الشرقية ...  حروب تشتعل لا تهدأ من وقت لآخر ... ضرب بكل المقررات ... القرارات الدولية ... الاتفاقات الأممية ... على مدى تلك السنون منذ ابُتلينا بهذا الكيان الصهيونى حروب ممتدة من 48 ...56 ... 67 ... حرب الاستنزاف ... انتصار أكتوبر المجيد 73 ... حروب أخرى لا تنتهى مع الفلسطينيين ... اللبنانيين ... السوريين .. تحمل اقتصاد مصر جانباً من تداعياتها السلبية ... تخيل كم هى فاتورة تلك الحروب المستمرة ... كم تحمل اقتصاد مصر من تبعات ... التزامات حرب ... تعمير ... انهيار السياحة أحد أهم مصادر الدخل بالعملة «الصعبة» ... تراجع حركة التجارة ...  التصدير ... غلق قناة السويس وضياع إيراداتها السنوية من رسوم العبور على مدى السنوات العجاف لإغلاقها  ...  استثمارات أجنبية  أحد اهم مطالبها «المشروعة» مناخ آمن بعيداً عن أى صراعات ... نزاعات ... حروب إقليمية ...   فرص ضائعة ...  فرص بديلة ... إنفاق بالمليارات استعداداً للحروب ... مليارات أخرى لمداواة ما خلفتها تلك الحروب ...  «تريليونات» من الدولارات على مدى  75 عاماً من الحروب مع هذا الكيان الصهيونى ... لولاها لاختلفت صورة الاقتصاد المصرى تماماً ... مراجعة عاجلة لمستويات أسعار صرف الدولار أمام الجنيه المصرى ... خمسينيات القرن الماضى قبل ما يحتل الصورة ذلك الكيان الصهيونى كان متوسط سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصرى لا يتجاوز 20 قرشاً ... الجنيه المصرى كان يساوى 5 دولارات ... الجنيه الذهب عيار 21 كان سعره 97.5 قرش  ... وفود العالم شرقه وغربه كانت تتوافد على مصر طلباً للمساعدات ... المعونات ... المنح ... باتت مصر قبلة لمراكب الهجرة الشرعية وغير الشرعية طمعاً فى فرصة عمل فى مصر ... تعليم ... استثمار ... آخر نكبات الكيان الصهيونى التى ستلقى بالتأكيد بظلالها البغيضة على اقتصاد مصر حربه غير الأخلاقية على «غزة» التى يُتوقع معها تراجع معدلات السياحة التى بدأت بالفعل الانتعاش ... تأجيل المستثمرين الأجانب قراراتهم بالاستثمار انتظاراً لما تكشف عنه الأحداث المأساوية فى غزة ... خسائر بالجملة للبورصة ...  ما كاد الاقتصاد المصرى يتجاوز تداعيات انتشار فيروس «كورونا» حتى واجه تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية ...اليوم وتلك الحرب لا تزال تراوح مكانها تباغتنا الحرب الصهيونية على غزة الجريحة المُحاصرة منذ اكثر من 16 عاماً ... أعتقد لولا  مشروع التنمية الذى قاده ولايزال الرئيس عبد الفتاح السيسى لأختلف الأمر كثيراً للاقتصاد المصرى الذى كُتب عليه سداد فواتير سياسات استعمارية كانت ولا تزال كل مهمتها محاربة مصر إن لم تكن حروباً عسكرية مباشرة كانت حرباً اقتصادية وإن تعددت أشكالها ... مصادرها ... لكنها الأهداف واحدة حصار مصر حتى لا تقوم لها قائمة يخشاها الجميع ... حتى لا تستعيد أمجادها التى تستحق ... حتى لا تحتل مكانتها التى تليق بها ... دعهم يمكرون غداً بإذن الله تعالى أفضل ... ستتجاوز مصر كل الأزمات التى فُرضت عليها ... ستواصل مهمة مقدسة بدأتها وبدأها معها الرئيس عبد الفتاح السيسى .