حروف ثائرة

على خطى أكتوبر .. وماذا بعد ؟

محمد البهنساوى
محمد البهنساوى

« على خطى السادس من أكتوبر العظيم 1973 «، جاءت مفاجآت وأحداث السابع من أكتوبر 2023، ويبدو أن فصائل المقاومة الفلسطينية درست جيدا وبتمعن أسباب انتصار المصريين والسوريين العظيم فى 73 لينفذوا دروسه، ومع اختلاف الزمان والمكان واتساع العمليات وتنوعها، تبقى الدروس متقاربة، والأهداف متناسقة، ونتمنى تشابه النتائج.


ولعل أول درس تعلمته الفصائل الفلسطينية أن المستحيل مجرد وهم يخلقه الضعفاء بأنفسهم وظروفهم لتبرير تخاذلهم عن هدفهم وقضيتهم، فمن كان يظن أن مصر وسوريا ستنتصران فى حرب أكتوبر، نفس الشىء بالقضية الفلسطينية، والتى كان أكثرنا تفاؤلا يمنى نفسه باستمرار العمليات الفدائية المتقطعة منعا لموت القضية، وكنا جميعا متأكدين أن اقتحام المستوطنات وتهديد أمن المحتل الغاصب حلم لن يراه جيلنا، وها نحن نراه حلما سرمديا ندعو الله ألا ينقلب كابوسا مزعجا !!
الدرس الثانى المهم ، التكتم والخداع الاستراتيجى التى كانت خطة علمية محكمة وسر نصر أكتوبر العظيم . روح تلك الخطة استلهمتها المقاومة الفلسطينية بعدة تفاصيل أدت لما شاهدناه وأدهش العالم، فقد جرى الإعداد لهذا اليوم فى سرية تامة، حتى العبور تم نفس اليوم « يوم كيبور أو عيد الغفران «، ففى حين أن المحتل الإسرائيلى يعرف أن المقاومة الفلسطينية تعتمد على إطلاق زخات من الصواريخ ولم يدر فى خلده مطلقا أن تلك الدفعات الصاروخية ما هى إلا مقدمة وستار هجمات برية وجوية على مستوطنين وقواعد عسكرية لمحتل.


ورغم أن دروس أكتوبر التى استلهمتها المقاومة عديدة وتحتاج الكثير لشرحها لكن يبقى درسها الأعظم أنه مهما كانت الخطة محكمة والسلاح متطورا فإن الإنسان المؤمن بقضيته المستعد للتضحية بروحه من أجلها هو سر النصر، هكذا آمن ونفذ الراحل العظيم المشير أحمد إسماعيل وزير حربية النصر، وهكذا انحنى العالم ومازال احتراما للجندى المصرى.
وتتبقى الدروس الكثيرة على الجانب الآخر، المحتل المتغطرس، والذى ظن فى الماضى أن حصونه تحميه من غضب المصريين، فتحطمت تحت أحذية جنودنا، وهكذا يكرر نفس الغطرسة ويذوق من نفس الكأس.


وتبقى النتيجة، والتى تظل اليوم بكل تأكيد خارج كل التوقعات كما كانت هجمات 7 أكتوبر خارج كل التوقعات أيضا، فإذا تحدثنا عن رد الفعل الإسرائيلى على هجمات المقاومة، الاحتمال الأكبر أنها ستكون أكثر دموية ووحشية أولا للتمويه على خيبتهم الثقيلة وفشلهم الذريع، وثانيا لإستغلال ما حدث من المقاومة الفلسطينية لهدم البنية التحتية لقطاع غزة وتدمير قدرات الفصائل الفلسطينية واستغلال تعاطف المخدوعين حول العالم معهم فى تصفية القضية الفلسطينية، وإن كان هناك احتمال قائم لجنوح إسرائيل لبعض السلم إذا ما تعلموا الدرس القاسى وأدركوا أن السلام وإعادة الحقوق المسلوبة هما الضمان لأمن المنطقة واستقرار إسرائيل نفسها، إذا كانوا حقا يريدون سلاما أو يتعلمون درسا.
وتبقى حقيقة لا تقبل أى شك، وبحيادية ونظرة مجردة أن مصر كانت ومازالت وستظل الرقم الأهم فى القضية الفلسطينية، مصر التى تدرك أن أى خطر يهدد الفلسطينيين يهدد أمنها القومى. مصر التى لديها قدرة ومكانة وفكر ورزانة سياسية تمكنها من لعب الدور الأهم لصالح الفلسطينيين أولا واستقرار المنطقة ثانيا. ولنراجع عندما يتم إبعاد مصر جزئيا أو المحاولات الفاشلة لاستبدال دورها، هذا درس آخر لمن يريد أن يعتبر من كافة الأطراف فلعلهم يعتبرون !!