أوراق من دفتر الوطن : الشعرالسيناوى وانتصارات أكتوبر

أوراق من دفتر الوطن : الشعرالسيناوى وانتصارات أكتوبر
أوراق من دفتر الوطن : الشعرالسيناوى وانتصارات أكتوبر

حاتم عبدالهادى السيد

لعبت سيناء دورًا محوريًا استراتيجيًا فى كل الحروب التى خاضتها مصر بلا استثناء، وشارك أبناء سيناء فى كل هذه الحروب، مدافعين عن الكرامة الوطنية، ومعبرين عن الولاء والانتماء للوطن وللعروبة وللقومية العربية والدين الإسلامى الحنيف، ولعل موقع سيناء الجغرافى بالنسبة لمصر قد أكسبها تلك الإسترتيجية المتميزة، لكونها بوابة مصر الشرقية على الحدود والمعبر الوحيد لها من جهة الشرق، فغدت سيناء بموقعها الفريد خط الدفاع الأول عن مصرنا الحبيبة. هذا ولقد عرف العالم بأسره أهمية ومكانة سيناء منذ أقدم العصور، وسعى المستعمرون الذين يريدون دخول مصر إلى بسط سيطرتهم على شبه جزيرة سيناء أولا، فاكتسبت سيناء بذلك أهمية إستراتيجية خاصة، وعسكرية أيضًا. ولقد عرفت مصر تلك الأهمية العظيمة لسيناء منذ عهد الفراعنة، فسعت لإنشاء القلاع والحصون بها، ووضعت حاميات عسكرية على طريق الممرات:الكنتلة- العوجة- متلة- أبوعجيلة وغيرها، كما كان هناك الطريق الحربى القديم (طريق حوريس) محصنا بالذخيرة والمؤن، هذا ولقد شهدت سيناء حروب مصر منذ عهد الأسرات، كما استخدم القدماء المصريون مناجم سيناء لتعدين النحاس والفيروز والمنجنيز، ونهضوا بالتجارة عن طريق الأسطول المصرىفى البحر المتوسط والبحر الأحمر.

  وكانت سيناء تلعب دورا سياسيا واقتصاديا عظيما، ثم جاءت العصور الوسطى فكانت الثقافة ثقافة فن لا ثقافة أدب، كما كانت ثقافة حروب أيضًا، فانتشرت القصص الشعبية والدراما الدينية، وبظهور البردى تم تسجيل هذه الوقائع بالخط الهيروغليفى والديموطيقى أو الشعبى والإغريقى، وظهر الفن المصرى جليا من خلال النقوش البارزة فى الصناعات المنوية والمسينية، وبرز الفن المعمارى وظهر النحاتون وبنيت القلاع والحصون وزخرفت بالنقوش، كما ظهرت الكتابات الدينية وبعض الكتابات الأدبية التى اضطلع بها الكهان والكتبة، كما سجلت المعارك الحربية والآثار الفرعونية، وظهرت آثار هذه الحضارات على معابد سيناء مثل معبد سرابيط الخادم ودير سانت كاترين وفوق مآذن المساجد وعلى الجدران والحصون والقلاع وغيرها. وفى عهد الدولة الحديثة حكم مصر البدو الساميون (الهكسوس) وانفصلت سوريا وكنعان عن أيدى المصريين فى السنوات الألف الثانية ق.م، حيث كانت شعوب البحر فى (ايجا) تعمل فى الدلتا نهبًا وتخريبًا، وحدث فى غضون هذه الفترة من بداية نشوء الانحطاط أن قطن العبرانيون فى (جاسان) وكان الخروج إلى سيناء ليس متأخرًا من عهد أحد فراعنة الأسرة التاسعة عشر حوالى (1320- 1200).
ولقد كانت آخر الحروب المصرية مع الكيان الصهيونى الغاشم؛ منذ حرب 1948- 1973؛ وانتصرت مصر فى  أكتوبر؛ وانطلقت أقلام شعراء سيناء تشارك المصريين والعرب فى الفرحة بالنصر؛ ولقد رأينا الشاعر عبدالكريم الشعراوى يؤرخ لتلك الانتصارات الخالدة فى عبور القناة وتحطيم خط بارليف ؛ ويرصد لنا يوميات المعركة عبر صور ومعان دافقة تؤرشف لأدب المعركة؛ وأدب الحرب؛ يقول :
وتفضل ذكرى أكتوبر تونسنا
تسامرنا ف مجالسنا
تِرَجَّع فكرنا المهموم ليوم ستة
ليوم ماكانت الحتة بتتحضر
وبتحضر فطار اليوم
وشهر الصوم يفوت تلته
وزِى المدرسة الميرى بيوحيلى 
بان اليوم ده مش عادي
وصوت ع المدنة بينادي
وخلق كتير على وشوشهم
جنين بسمة بتتردد على استحياء
وشايلة سؤال
عن اللى اتقال من الراديو
عن اللى ع القنال عدوا
ومدوا جسرهم فوقه
ودبت رجلهم تانى على شرقه
ويرصد عبدالكريم الشعراوى  نكسة 1967م والتى قادت إلى الانتصارات؛ فى حرب الاستنزاف؛ وأكتوبر 1973؛ فالكل منتظر ليلة الخلاص والنصر؛ من شارك وتطوع فى الحرب؛ ومن ينتظر فى المزارع والحقول؛ وعلى المقاهى يتسمع أخبار الحرب ؛ كما يرصد دور جنودنا الأبطال وشجاعتهم فى حرب الإرادة والصمود؛ يقول :
ولسه فاكر النكسة
فهمت ان الكلام صادق
ومتطابق مع الأحلام
وان المصرى فاض صبره على الذلة
على أرضه اللى محتلة
وحان الوقت... 
واتحدد بمعرفته
ماهوش مجبر
ولا أمره فى ايد غيره
وكان فاعل ومش مفعول
وشعب بحاله كان مسئول
ومد لحاف على قده
ومش بس اللى بيعدوا
كما الطوفان
كانوا الأبطال لوحديهم
ده حتى اللى فى قلب الريف
بيسقى الارض بصموده
وربى ولاده ع النخوة
وحتى اللى عطاءهم كان 
قزازة دم... ودعوة ام لاولادها
ومين معهم
وناس ع القهوة يجمعهم
ودان ع الراديو مشدودة
ومردودة بصيحة نصر
تعيشى يامصر
ويفضل اسمك الغالى
على مر الزمان معنى
وبلسم كل اوجاعنا
وتفضل ذكرى اكتوبر تونسنا
تسامرنا فى مجالسنا
وفى قصيدته «العودة» يرصد لنا الشاعر عبدالقادر عيد عياد عظمة جيشنا البطل؛ وجنودنا البواسل الذين عبروا القناة وضحوا بأرواحهم رخيصة من أجل تحرير سيناء وتحطيم خط بارليف المنيع؛ يقول :
حطمت سواعدك 
 خط العبور
 خط بارليف الرهيب
 إلى كانوا مركبيه
عقد في
 رقبة سجينه
 أو كدبلة
   فى صباع
   يعنى خطبة
     بالغصوبة
      فين بقى
      طعم الخطوبة
فين بقا هدف الرجال
 اللى خلوا الرمل يشهد
 انت لازم كنت عارف
 إنهم ضحوا  وضحوا
 لجل ما يشوفوها حرة
جبت لينا الراحة
   بعد الانتصار
 جبت للجيش الهدية
 بعد ما أدوا  المهمة
 بعد ما جابوا النهار 
 قمت قدمت الهدية... السلام
وشاعرنا عبدالقادر عياد  يفخر بقواتنا المسلحة؛ وببداية التحرر الوطنى منذ عهد الرئيس جمال عبدالناصر؛ ثم بقائد انتصارات أكتوبر الرئيس محمد أنور السادات؛ وبرجال البحرية المصرية؛ وسلاح الطيران الذى كان يقوده الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك؛ وكل ضابط وجندى قدم لمصر هدية النصر؛ ومكافحة المستعمر الصهيونى الغاشم؛ يقول:
 لسّه  فيكى  يا مصر
أبطال الحقيقة
 ناس جريئة
    ناس تشع النصر
    من قلب الغروب
 جالك الفرسان تتابع
   كل واحد راية رافع
   كان جمال بالثورة
 والأحرار بداية شعلتك
 ضاءت الأنوار و دبّت
 داخل الثوار بشاير
    ثورتك
والسادات أكتوبر  
   النصر المجيد
    رجّع البسمة
      لسينا
       لمصر 
خلى اليوم ده عيد
عيد بمعنى المعني
 معنى الالتزام
عيد غرس
 فى القلب
   أشجار السلام.
ويشدو شاعرنا حسونة فتحى بالغناء؛ وبحبه لسيناء من خلال قصيدته «أغنية لسيناء»؛ حيث يتغنى بنحيلها وزيتونها وقداستها؛ وهى التى استطاعت أن تقهر الأعداء على مر العصور والأزمان كونها بوابة مصر الشرقية التى استطاعت أن تصد العدا؛ وتطوى الهموم والنكسة ليتحول الحزن إلى فرح ممتد؛ فيغنى لها؛ يقول: 
لو شبهوكي.. يشبهوكى بمين 
وانتى فى كل الدنيا ما لك زى 
وحياة جمالك والزتون والتين 
لتكونى غنوة للزمان الجى 
عدى فى عمرك م السنين ألوفات 
وفصول شقا وعذاب وويل وآهات 
وياما عدى الليل عليكى وفات 
يطلع نهارك.. نور وفرحة وضى  
يا أرض طاهرة وزهرة الأراضين 
محفوظة باسم الله ليوم الدين 
وبركة مرور الأنبيا الصالحين 
أحمد وموسى والمسيح الحى 
شفتك فى حلمى جنتين بنخيل 
وانا مش ولى ولا ليا فى التأويل 
لكن بحبك.. والمحبة دليل 
يا قلب صافى وأخضرانى ونى 
الغربة عنك غربتين وحنين 
صابرين.. وربك بشر الصابرين 
البعد طال.. لكن أكيد راجعين 
آن الأوان.. نطوى همومك طي.
ويتحدث الشاعر محمد ناجى حبيشة عبر قصيدته سيناء عن أهمية سيناء الاستراتيجية بالنسبة لمصر؛ يقول:
ادينى ودنك يا مصر
عايز أقول لك كلام
دى سينا زى كتاب عنوانه هو الصمت 
وحروفه هى الحذر
وفهرسه الإقدام.
عينكو على أهلها عينكو على أرضها
لوسينا تعطس فى يوم مصر يصيبها زكام.
وعن سيناء وانتصارات أكتوبر؛ خططت أغنية عن سيناء؛ منذ عشرين عامًا تتغنى ببطولات جيشها وشعب سيناء البطل؛ أقول فيها:
غنى ياقلبى لسينا الغالية 
 غنى وسَمًّع كل الدنيا
غنى ياقلبى ليها وقول 
حبك أجمل شيء فى الدنيا
غنى يا قلبى لسينا الغالية
غنوا وقولوا يامصريين
سينا رجعت بعد سنين
حررنا الأرض وعدينا
والشهدا فى حضنك نايمين
غنى يا قلبى ليها وقول
حبك أجمل شيء فى الدنيا
غنى يا قلبى لسينا الغالية
اسمك سينا دا اسم جميل
زى حضارة وادى النيل
هنغنيلها جيل ورا جيل
ونكتب لها أجمل مواويل
غنى يا قلبى ليها وقول 
حبك أجمل شيء فى الدنيا
غنى يا قلبى لسينا الغالية .
هكذا حفظت ذاكرة الشعر تلك البطولات الرائعة لقواتنا المسلحة؛ عبر نصر أكتوبر الخالد المجيد؛ وكتب شعراء سيناء بأقلامهم الوطنية ملحمة الحرب والنصر عبر ربوع سيناء الممتدة بين البحر والصحراء والنخيل؛ والنوارس والسمان؛ على رمال سيناء الطاهرة التى احتضنت دماء الشهداء لتؤكد من جديد أن بسيناء رجالاً حافظوا على الأرض؛ وما زالوا. 
ولقد سجل التاريخ صمود أهل سيناء ووقوفهم خلف قواتنا المسلحة وجيشنا الباسل فى معركة الإرهاب الأخيرة؛ ولولا يقظة القيادة السياسية لضاعت سيناء من جديد على أيدى الارهابيين؛ والفضل يرجع لله عز وجل؛ ثم  لأبناء سيناء ولقواتنا المسلحة؛ والرئيس البطل عبدالفتاح السيسى الذى نغنى له فى سيناء؛ ونقول:
يا بلدنا يامنورة أنا جاى أغنيلك
السيسى هوا البطل نَوَّر قناديلك
ريس وزى القمر هوا هلال نيلك
يبقى عمار يابلد ودا كله من خيرك
لقد كتب شعراء سيناء عن أكتوبر وملحمة النصر ومنهم الشعراء : الشيخ: محمد عايش عبيد؛ سالم اليماني؛ محمد عبدالوهاب خطابى؛ عبدالهادى محمد السيد، محمد فؤاد يعقوب؛ أشرف العنانى؛ بركات معبد؛ سامى سعد؛ د. أحمد سواركة؛ سالم شبانة؛ أسعد الكاشف؛ د. سمير فايق محسن؛ زكريا الرطيل؛ محمد ماجى حبيشة؛ مصطفى آدم؛ حسن غريب؛ عاطف العيسوى؛ هشام المالح؛ ابتهال محمد؛ رشا الفرجانى؛ حسام كمال؛ أحمد أبوحج؛ رانيا النشار؛ ايمان معاذ؛عوض عبدالستار؛ محمد أبوحج؛ شحاته أبوجالوس؛ أشرف حسونة؛ محمدعلى سلامة؛ أحمد سلامة الليثي؛ محمود قطامش؛ محمود أمين الخليلي؛على نجم؛ محمود طبل؛ عبدالله السلايمة ؛ وغيرهم.  كما كتب شعراء البادية قصائدهم باللهجة البدوية عن انتصارات أكتوبر المجيدة ومنهم : الشيخ: عنيز أبو سالم؛ حسين التيهى؛ مصلح سالم ابن عامر؛ صبيح أبو رويعى؛ حمدان ضيف الله؛ منصور القديرى، مسعد بدر؛ رضوان المنيعى؛عطا الله الجداوى؛ سلمى الجميعانى؛عطية أبو مرزوقة؛ ومئات من شعراء البادية الكبار عبر ربوع سيناء الممتدة..
تظل سيناء بوابة الوطن على حدودنا الشرقية الممتدة؛ ولا نملك فى النهاية  إلا أن نقول:
سيناء حب فى فؤادى خالد    ...   لو بادت الأيام ليس يبيد.