نحن والعالم

نفق أمريكا المظلم

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

حالة من الاضطراب غير المسبوق تغشى المشهد السياسى الأمريكى حالياً بعد تصويت مجلس النواب لصالح عزل رئيس المجلس، النائب الجمهورى كيفن مكارثى، بأغلبية 216 صوتا، الثلاثاء الماضى.

هذه السابقة التاريخية، التى لم يشهد المجلس مثيلاً لها منذ انشائه منذ 234 عاما، لها من المؤشرات ما قد يٌنبئ بمآل الانتخابات الرئاسية العام القادم، ولها من الدلالات ما يهدد بإدخال الاقتصاد الامريكى نفقاً مظلماً وبإقحام البلاد فى دائرة من الفراغ الدستورى. 

ومن هذه الدلالات ما كشفته من انقسام داخل الحزب الجمهورى فى مواجهة تكتل ديمقراطى لا ينفصم، وذلك لأن أصوات الديمقراطيين الـ208 التى توحدت وراء قرار العزل لم تكن لتكفى للإطاحة بمكارثى لولا النيران الصديقة لـ 8 أصوات من الحزب الجمهورى غردت خارج السرب وصوتت مع القرار. بل ان المفارقة ان مشروع قرار العزل تقدم به أصلا نائب جمهورى استغل تعديل يسمح لأى عضو بتقديم مشروع قانون لعزل رئيس المجلس منفرداً، وهو التعديل الذى أقره مكارثى بنفسه ضمن تنازلات قدمها لمتشددى الحزب لتأييد ترشحه للمنصب. 

اما الدلالة الأكثر أهمية فهى حجم الاستقطاب داخل الكونجرس والذى بات يضع مصلحة البلاد تحت أقدام المصالح الحزبية بل وربما الشخصية.

فالجمهوريون الذين صوتوا مع القرار أطاحوا بمكارثى عقاباً له على لجوئه لأصوات الديمقراطيين لإقرار اتفاق يتفادى إغلاقا حكوميا مدمرا كان الجمهوريون يرون انه سيحرج غريمهم الديمقراطى بايدن.

بينما صوت الديمقراطيون مع القرار استمتاعاً بالفوضى التى ستثيرها إقالة رئيس المجلس والتى بالقطع ستؤثر سلباً على فرص الحزب الجمهورى فى انتخابات الرئاسة والكونجرس القادمين..

وفى خضم هذا التنابذ تجاهل القطبان الشلل السياسى والتشريعى والاقتصادى الذى سيسببه شغور هذا المنصب الحيوى والذى من المتوقع ان يمتد لأيام، عطفاً على ماحدث مع مكارثى الذى استغرق انتخابه 15 تصويتا على مدار 4 أيام، خاصة مع افتقاد الديمقراطيين للأغلبية وانقسام الجمهوريين، وذلك فى وقت تزدحم فيه أجندة المجلس باستحقاقات حيوية على رأسها اقرار الميزانية السنوية لتجنب الإغلاق، وبحث المساعدات لأوكرانيا والتحقيق فى عزل بايدن.