بطل الصاعقة البحر ية اللواء وسام حافظ| الضفادع المصر ية نفذت 8 عمليات ناجحة بإيلات

بطل الصاعقة البحر ية اللواء وسام حافظ
بطل الصاعقة البحر ية اللواء وسام حافظ

ستظل حرب أكتوبر المجيدة، ملحمة تتناقلها الأجيال، عن أبطال من ذهب بذلوا الغالى والنفيس من أجل الحفاظ على تراب الوطن الغالى، هؤلاء الأبطال الذين ضربوا أروع الأمثلة ليس للمصريين فقط بل للعالم بأسره فى البطولة والشرف والعزة والكرامة، ..

ومن بين هؤلاء الأبطال لا ننسى المجموعة الأسطورية التى نفذت العديد من المهام الصعبة شبه المستحيلة، إنها المجموعة «39 قتال»، تحت قيادة الشهيد البطل إبراهيم الرفاعى، وتكونت من خيرة أبطال قوات الصاعقة البرية والبحرية، الذين اختارهم «الرفاعى» من المشهود لهم بالكفاءة والشجاعة.

بمناسبة مرور 50 عامًا على انتصار السادس من أكتوبر، التقت «جريدة الأخبار» بأحد أبطال المجموعة «39 قتال»، ليحدثنا عن ذكرياته أيام الحرب وأهم وأصعب العمليات التى شارك بها، ودور المجموعة 39 خلال الحرب، إنه اللواء بحرى وسام عباس حافظ، وهو أحد أبطال الصاعقة البحرية خلال فترة الاستنزاف، وانضم إلى «39 قتال»، بقيادة الشهيد إبراهيم الرفاعى فى يونيو 1968، وقد شارك معه فى 99 عملية منذ انضمامه للمجموعة حتى حرب اكتوبر، وكانت جميعها خلف خطوط العدو ولعل أشهر هذه العمليات عملية الثأر للشهيد عبدالمنعم رياض، كما شارك خلال حرب أكتوبر فى عدة عمليات أهمها تفجير منطقة بلاعيم، وتدعيم القوات المصرية فى عملية الثغرة الشهيرة.

استهل اللواء بحرى وسام حافظ، حديثه لـ«الأخبار» عن عملية إيلات الشهيرة، حيث أكد أن هناك معلومة مغلوطة بأن إيلات كانت عملية واحدة والصحيح أنها كانت 8 عمليات ناجحة نفذتها قوات الضفادع البشرية المصرية، داخل ميناء إيلات الإسرائيلي، وقد شاركت فى عملية الاستطلاع لعدد من هذه العمليات، وأبرز تلك العمليات هى عملية «شحنة الأرز» والتى كانت مرتبطة بعملية إيلات الشهير.

حيث قامت مصر حينها بتصدير شحنة أرز لدولة الأردن وكنا نحن أفراد قوات الاستطلاع ضمن القائمين على تصدير هذه الشحنة، وكان مكان إقامتنا بأحد فنادق الأردن الموجودة على الشاطئ المقابل لشاطئ إيلات، وذلك لكى نتمكن من عملية الاستطلاع وكشف كل المعلومات اللازمة لتنفيذ العملية المخطط لها، وبالفعل قمنا بالسباحة لمسافة خمسة كيلومترات بالقرب من أماكن الشحن والإنزال للسفن الإسرائيلية على أرصفة ميناء إيلات وبناء على ما تم رصده من تحركات ومواعيد الشحن والإنزال تم تنفيذ إحدى عمليات إيلات الشهيرة، بقيادة رضا حلمى . 

وأضاف أنه من المواقف التى لا يمكن نسيانها فى هذه العملية والذى يثبت شجاعة وبسالة أبطال الضفادع البشرية المصرية، مواجهتهم للانش صواريخ إسرائيلى فوجئوا به قادم نحوهم، وما كان منهم إلا الاندفاع نحوه بكل قوة مما جعل العدو الإسرائيلى على ذلك اللانش يلجأ للفرار من مواجهة الضفادع المصرية، وكان لمثل هذه المواقف أثر كبير فى رفع الروح المعنوية لدى مقاتلينا، وبالفعل فى ١٧ نوفمبر ١٩٦٩ قام أبطال الضفادع المصرية بتنفيذ المهمة وتم تفجير السفينتين «داليا» و«هايدروما» وكانت «داليا» من نصيب نبيل عبدالوهاب، وعمر عز الدين وأبو ريشة قاما بتفجير «هايدروما»، واستشهد الشهيد البرقوقى فى هذه العملية .

وأوضح اللواء بحرى وسام حافظ، أنه بعد نجاح العملية الأولى بإيلات قام العدو الإسرائيلى بتشديد الاحتياطيات الأمنية فى الميناء، حيث أنشأ شباكًا جديدة حول الميناء لمنع دخول الضفادع البشرية، وزرع ألغامًا تحت المياه بشكل مكثف، بالإضافة إلى الدوريات التى تتجول باللانشات بشكل مستمر، لكشف أى تسلل، كما كانوا يقومون بإلقاء عبوات حارقة فى المياه حول الميناء، فضلًا عن نشر معدات تصوير بتقنيات عالية فى مكان، وقد تم توصيلها بشاشات مراقبة فى مراكزهم لكشف أى تسلل والتعامل معه مباشرة.

وتابع: فى ذلك الوقت خرجت مع زملائى فى عملية استطلاع جديدة لكشف ما استحدث من احتياطات وإجراءات حول الميناء وكان ذلك فى يناير 1970، وبالفعل بعد الاستطلاع وجدنا أن افضل طريقة للهروب من هذه الإجراءات والوصول إلى «بيت شيفع» و«بات يم» هو الدخول من البر لتجنب أماكن المفرقعات من خلال المرور بأماكن المياه الضحلة، وبالفعل استطاع الأبطال الوصول إلى «بيت شيفع» عن طريق البطل رامى عبدالعزيز و«بات يم» وصل إليها البتانونى وأبو ريشة، وتم تلغيم السفينتين وتفجيرهما وكذلك تفجير الرصيف الحربي، ونجحت العملية نجاحًا منقطع النظير وأربكت العدو تمامًا، ولم تكن تلك العملية الأخيرة داخل إيلات بل استطاع أبطال الضفادع المصرية الوصول إلى الميناء وتنفيذ عدة عمليات ناجحة وصل عددها إلى ثمانى عمليات كبدت العدو خسائر فادحة .

وعن دور المجموعة 39 فى ما قبل 1973 وصولًا إلى انتصار أكتوبر العظيم، كشف اللواء بحرى وسام حافظ، أن المجموعة نفذت عدة عمليات خلال حرب الاستنزاف تحت قيادة الشهيد البطل إبراهيم الرفاعي، وكان هناك مخططات عديدة لعمليات أخرى ستقوم المجموعة بتنفيذها على نفس النهج، ولكنهم فوجئوا بقرار بدء الحرب، وكانت أول عملية حين أقلعت ثلاث طائرات من مطار ألماظة وضربت مطار بلاعيم وتم تدمير بترول بلاعيم، وصدرت الأوامر للمجموعة فى ذلك الوقت بالذهاب إلى الغردقة لضرب قاعدة شرم الشيخ بالصواريخ الـ 130 ملم التى قمنا بتصنيعها، وكان البحر حينها عاليًا جدًا، وكنا سنذهب إلى منطقة تُسمى مرسى بريكا غرب شرم الشيخ لضرب القاعدة، وتبلغ هذه المسافة 130 كيلو متر إبحار، والبحر عالٍ جدًا، فتم تأجيل العملية لليوم التالي.

واستكمل: قررنا بعدها تقليص عدد القوارب من 12 إلى 4 قوارب فقط، ووضع قاذفتين مع 4 أفراد فقط على كل قارب، وبالفعل فى اليوم التالى 11 أكتوبر انطلقنا مع المغرب من شدوان، وبعد التحرك وصلتنا إشارة من اللواء مصطفى كامل وهو القائد الذى يرشدنا ويتابعنا أثناء العملية، يطالبنا بالرجوع لأن الطيران الإسرائيلى رصدنا، فأغلق الشهيد إبراهيم الرفاعى جهاز الاتصال واستمر فى العملية، وهذا الموقف من المواقف التى لا تُنسى مع الشهيد الرفاعى رحمة الله.

وتابع: عندما وصلنا إلى رأس محمد كان البحر هادئًا تمامًا، وبدأ الاشتباك بيننا وبين الإسرائيليين، وكنت أنا خارج دائرة إطلاق النار لليهود، وبالتالى فهم لم يتمكنوا من رؤيتي، فقررت الاقتراب منهم وضربهم بمدفع 84 ملم، ولكن اللانش تعطل قبل الوصول وتحولت نيران العدو إلى اللانش الخاص بي، ولكنها كانت تمر من فوقنا ولم تصبنا، فضربت اللانش الأول وقتلت 2 وأصيب 3 آخرون، واستمرت المناورات بينى وبين الطيران الإسرائيلى لمدة ساعة ونصف الساعة ثم تمكنت من الهرب منهم والعودة سالمًا، بعدها عادت المجموعة إلى قناة السويس وانتهت الحرب.

كشف اللواء بحرى وسام حافظ، أنه بعد انتهاء المعركة الثانية، قامت المجموعة 39 قتال بضرب رأس شراتيب ومطار الطور بالصواريخ فى يوم 17 أكتوبر، وعادت إلى القاهرة فى اليوم التالي، وطلب حينها من قيادته زيارة والديه وتناول الفطور معهما، ووافقوا وبالفعل ذهب إلى هناك وبعد تناول الفطور جاءه اتصال بصدور تعليمات جديدة بذهاب المجموعة إلى الإسماعيلية، وتحركت المجموعة بالفعل وكانت المرة الأولى التى تتحرك فيها المجموعة على الطريق الزراعى وليس الصحراوي، وعند العباسة قالوا لنا: «استعدوا للاشتباك»، .

وأضاف أنهم التقوا فى مكتب المخابرات بقائد المكتب حينها، الذى أبلغهم بأن الفريق الشاذلى يرغب فى رؤية إبراهيم الرفاعي، فذهبت برفقة «الرفاعي» والدكتور على نصر إلى الفريق الشاذلي، وكان الإسرائيليون آنذاك يعبرون من الشرق للغرب من خلال معدية عليها 3 دبابات إم 80 حتى يقوموا بعمل الثغرة، وكانت مهمتنا الأساسية تدمير المعدية من خلال الغطس وتلغيم العبارة وتفجيرها، وعندما ذهبنا إلى مكتب الفريق الشاذلى فى الإسماعيلية طُلب من «الرفاعي» الدخول من الغرب، للقيام بالتعاون مع قوات المظلات فى عمل هجوم مضاد على القوات الإسرائيلية فى الثغرة والقضاء عليها.

وتابع: فى تمام الساعة 11 ظهر يوم الجمعة 19 أكتوبر 73، بدأت المجموعة فى التحرك سيرًا على الأقدام حتى نفيشة، وتم تقسيم المجموعة إلى مجموعة شرق المعاهدة، ومجموعة غرب المعاهدة، و3 مجموعات فى الخلف، وبعد مرور وقت قليل أخبرنا أحد أفراد مجموعة الغرب بأن أمامه 4 دبابات إسرائيلية والمدفع به عطل، فذهب إليه إبراهيم الرفاعى وبمجرد وصوله أصيب بطلقتى قناصة نصف بوصة واستُشهد فورًا، وثبتنا جميعًا فى مكاننا عند نفيشة، وكان هناك هدوء تام فأرسلت ضابط استطلاع ولكنه لم يعد، وذهبت بنفسى للاستطلاع وأخبرونى باستشهاد إبراهيم الرفاعي، وكانت من أصعب اللحظات التى مررت بها. 

وصدرت لى الأوامر بتولى القيادة مكان «الرفاعي»، وحسنى صلاح الدين كان غرب طريق المعاهدة، وحسن العجيزى فى الخلف، وحدث اشتباك فى الموقع الذى أتواجد فيه، وكان متوقعًا أن يأتى الطيران الإسرائيلى أو مدفعيتهم لضربي، وكان الأسوأ أننى لن أرى من يضربني، فقررت أخذ العساكر والنزول جنوبا 3 كم، وأخذنا قسطًا من الراحة، وفوجئنا بقدوم 2 من العساكر «الدهشان» ومعه مدفع آر بى جى و «عبد الفتاح»، وقالوا إن هناك أوامر وصلتهم بالذهاب إلى قيادة الجيش الثانى فى الإسماعيلية، ولكنى طلبت منهم البقاء معنا فوافقوا.

واستكمل: أنه فى الثامنة صباحًا، جاءت كتيبة صاعقة وأبلغتنى بأن الأوامر أن أذهب إلى مكتب المخابرات، وبالفعل ذهبت إلى هناك ووجدت عبدالفتاح هناك وأبلغنى أنه عندما ضرب الدبابة قال له الدهشان «تعالى نضرب الـ 3 دبابات اللى عند أبو عطوة»، ولما ذهبنا إلى أبو عطوة قمنا بضرب الـ3 دبابات وجاءت دفعة رشاش وكنا عند حافة المياه، فغرق الدهشان واستشهد.

وعن أصعب العمليات التى شارك بها قال اللواء بحرى وسام حافظ، إن أصعب عملية شارك فيها ولا ينساها كانت خلال فترة حرب الاستنزاف وهى العملية التى استشهد فيها رفيق السلاح «عصام الدالي»، وقد كانت هذه العملية فى 30 أغسطس 1969، والغريب فى الأمر أن «الدالي» لم يكن من أفراد العملية ولكن حين علم بها أصر على المشاركة فيها، وعند لقائه بنا فى منطقة بئر عديب قال لي: «وسام أنا معاك فى اللانش اعمل حسابي»، فسعدت بذلك وبالفعل هيأت له مكانا بجوارى وقمنا بالعبور، وكان الهدف الأساسى من هذه العملية هو القضاء على «سقالة» بمنطقة خليج السويس كانت السفن واللانشات الإسرائيلية تتمركز عليها ثم يهاجمون الصيادين للاستيلاء على ما بحوزتهم وأسر البعض منهم، أى أن الإسرائيليين كانوا يمارسون شكلًا من أشكال القرصنة على الصيادين فى هذه المنطقة، وبالفعل قمنا بتدمير السقالة والاشتباك مع قوات العدو الإسرائيلى على البر واستشهد صديقى عصام الدالى إثر إصابته بدانة مدفع الدبابة الإسرائيلية.