خطة الخداع.. نشر أخبار مسلسلات وبرامج رمضان

تسر يح أكثر من 120 ألف جندى وقائمة للضباط المتوجهين لأداء العُمرة

خطة الخداع
خطة الخداع

فى الأيام السابقة لحرب أكتوبر عام 73، كان المجتمع المصرى يستقبل شهر رمضان المعظم، ولكنه يستقبله وسط حالة من الإحباط والحزن نتيجة احتلال أرض سيناء، التى تمتاز بقدسية خاصة لجميع أبناء الشعب المصرى، بحثنا فى أحوال المصريين فى الأيام الأخيرة قبل اندلاع شرارة العبور ومعركة تحرير الأرض، من خلال الصحف المصرية الصادرة فى ذلك الوقت لنرى كيف كان يعيش المجتمع المصرى فى تلك الأثناء.

قبيل الحرب بأيام قليلة أعلن المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية فى ذلك الوقت عن تسريح لأكثر من 120 ألف جندى اعتبارا من يوم 3 أكتوبر بالإضافة إلى الإعلان عن قائمة بأسماء الضباط الذين سيغادرون مصر متوجهين إلى الأراضى السعودية لأداء مناسك العمرة فى اليوم الرابع من أكتوبر.

ولم تكن تتناول الصحف المصرية أى أخبار عن الجيش المصرى سوى عن تسريح الجنود وآراء وتحليلات للخبراء وعدد من السياسيين ورجال الجيش عن خطورة هذا الخبر من أن الرئيس السادات لا يرغب فى الحرب ولن يقدم عليها خاصة بعد تداول تلك المعلومات، مما يذكى خطة الخداع الاستراتيجى قبل الحرب.

كانت أخبار الجامعة تأخذ مساحة كبيرة فى الصحف المصرية فى هذا التوقيت مثل تنظيم مظاهرة لطلاب اليسار بجامعة عين شمس تطالب الرئيس السادات بإنهاء حالة اللا سلم واللا حرب وإجباره على استرداد الأرض قبل زيارة الرئيس السادات للجامعة وطالب الرئيس السادات من الطلاب أن يعبروا عن آرائهم ويمارسوا حريتهم فى مسئولية وأن يرتقوا بأنفسهم فوق الانفعالات.. ووعد الرئيس السادات بتكرار اللقاءات بينه وبين أبنائه الطلاب.

دخول رمضان

كان دخول رمضان فى ذلك الوقت كمناسبة دينية للمصريين فرصة مواتية لاستكمال خطة الخداع.. حيث تتناثر الأنباء والأخبار الفنية عن آخر المسلسلات الدينية التى يتم عرضها خلال الشهر الكريم سواء على شاشة التليفزيون أو الراديو وأعمال الفنانين فى تلك الفترة، فضلا عن أخبارهم الخاصة وحياتهم الشخصية، وتناولت الصحف عددًا من الأخبار والتحقيقات عن فوانيس رمضان وسوقها فى ذلك التوقيت.

كانت ظروف المعيشة الصعبة التى يعيشها المصريون فى فترة قبل حرب أكتوبر لها أثرها فى تناول الصحف المصرية لأخبار ارتفاع الأسعار، حيث كان الدكتور عزيز صدقى رئيس الوزراء آنذاك يدلى بتصريحات مهمة حول الدعم ومشكلة الخبز وأزمة المواصلات ومحاولات الحكومة المستمرة للتصدى لها.. كما قام عدد كبير من العمال فى مصانع مختلفة مثل مصنع الحديد والصلب وعمال الغزل والنسيج بالاعتصام لزيادة المرتبات وصرف الحوافز والبدلات المتأخرة لهم.

الانسحاب دون حرب.. كما تناولت الصحف أصداء زيارة الرئيس السادات للجزائر خلال مؤتمر دول عدم الانحياز وأخبار تداولتها الصحف عن اجتماعات الرئيس الـ 39 مع وفود الدول وتحليلات سياسية حول سعى السادات إلى تكوين لوبى دولى قوى ورأى عام عالمى للضغط على إسرائيل للانسحاب دون حرب والضغط على الولايات المتحدة لدفع إسرائيل على الرضوخ لهذا اللوبى وتنفيذ مطالبه بالانسحاب.

خطاب ذكرى يوليو

خطاب الرئيس السادات وتصريحاته قبل الحرب بعدة أشهر وبالتحديد فى ذكرى ثورة 23 يوليو وتركيزه على 3 محاور رئيسية هى القوة الذاتية المصرية، مؤكداً أن تلك القوة الشعبية التى خرجت فى 9 و 10 يونيو 67 رافضة الاستسلام ومصممة على مواصلة النضال وخوض المعركة من أجل تحرير الأرض مهما كانت التضحيات، مشيرا إلى أن إرادة الشعب المصرى هى الصخرة التى تحطمت فوقها كل المناورات والمحاولات الأمريكية وكل غارات الإرهاب الإسرائيلية بعد العدوان، كما كانت الدرع القوية فى المعارك الجديدة التى خاضتها مصر ضد العدوان الإسرائيلى فى 67 وسجلت فيها قواتنا المسلحة أروع الانتصارات رغم كل الظروف المعاكسة..

وأكد الرئيس الراحل أنور السادات فى كلمته أن الركيزة الثانية التى يجب أن تعتمد عليها مصر هى القوة العربية، فالعالم العربى يملك قوة هائلة تستطيع أن تلعب دورا هاما فى مواجهتنا ضد العدو الإسرائيلى وضد حليفه الرئيسى وهو الولايات المتحدة.. وقد أوضح الرئيس فى خطابه كيف تستطيع أن تؤدى الإمكانيات العربية دورا حاسما خاصة فى ظل الظروف التى يواجه فيها العالم أزمتين حادتين هما أزمة الطاقة وأزمة النقد فى العالم الغربي.. والأمة العربية تملك بالنسبة لهاتين الأزمتين عناصر تأثير بالغة الأهمية.

الاتحاد السوفييتى

والركيزة الثالثة التى أكد عليها الرئيس السادات فى خطابه كانت مساندة الاتحاد السوفييتى باعتباره الصديق الذى يقف مع الحق العربى.. وأضاف السادات أن مهمتنا جميعا حكومة وشعبا فى هذه المرحلة هى حشد وتعبئة كل العناصر التى تدخل ضمن هذه الركائز الثلاثة حتى نخوض مواجهتنا ضد العدو بأكبر قدر من الفاعلية التى تضمن لنا النصر.

وقال الرئيس السادات إن الجبهة المعادية لمصر وللأمة العربية التى تتمثل فى الاستعمار الصهيونى والأمريكى تسعى لوقف إطلاق النار بقصد تجميد الموقف فى المنطقة وإتاحة الفرصة لإسرائيل لتغيير الأوضاع فى الأراضى العربية المحتلة وفرض الأمر الواقع القائم على التوسع..

وأعلن السادات عن رفضه لهذه المحاولة، مؤكدا أنه لن يسمح بتجميد الموقف ولن يتيح لإسرائيل التوسع كما تريد، مهما كان حجم المساندة الأمريكية التى تتلقاها والقوة الذاتية المصرية مضافا إليها القوة الذاتية العربية قادرة على التصدى للأهداف الاستعمارية الصهيونية والأمريكية وإحباطها.