دروس لاتنسى.. بالابتكار والبحث العلمى واجهنا أخطر التحديات

■ باقى زكى يوسف
■ باقى زكى يوسف

خلال 50 عاما لابد أن نحيى ذكرى اليوبيل الذهبى لاستخدام حرب أكتوبر مبدأ دعم البحث العلمى والابتكار.. لقد كانت تلك المعركة بحق شاهدا على قدرة المصريين على مواجهة أخطر التحديات بالابتكارية اللامحدودة.. وهناك مجموعة من الدروس العبقرية خلال الحرب ومنها..

البداية كانت مع الدرس العبقرى الأول من اللواء أركان حرب المهندس باقى زكى يوسف الذى قام بحل إحدى المعضلات الكبرى فى عملية اقتحام خط بارليف تمثل حينها فى كيفية فتح ثغرات فى الرمال والأتربة التى لا تؤثر فيها الصواريخ وقنابل المدفعية، وكانت فكرته هى فتح الثغرات المطلوبة فى السد الترابى بواسطة خراطيم المياه القوية وقد قال الخبراء السوفييت وقتها قال إن تدمير الخط يحتاج الى قنبلة نووية، لكن العبقرية الهندسية المصرية التى بحثت وطورت الفكرة بعد أكثر من 300 تجربة عملية وعلمية!

أما الدرس العبقرى الآخر فهو الضابط ابراهيم شكيب الذى واجه معضلة عبور القناة بسبب مواسير النابلم أو أنابيب جهنم، التى خبأتها إسرائيل تحت سطح الأرض على جانب قناة السويس، ويسع كل منها 200‏‏ طن من النابلم والجازولين، وفى حالة اشتعالها سرعان ما تجعل من سطح الماء أتونًا طافيًا، يمكن أن تندلع منه ألسنة اللهب إلى ارتفاع متر، وترتفع درجة الحرارة إلى 700 درجة لتحرق القوارب والدبابات البرمائية وهو ما يجعل العبور مستحيلًا.. وجاءت الفكرة العبقرية من البطل ابراهيم شكيب وهى “سد” فتحات تلك الأنابيب القادمة من الصهاريج، واقتراح أن تتولى مجموعة من قوات الضفادع البشرية بإغلاق تلك الفتحات بمادة لا تتحلل بالمياه وتكون مقاومة أيضًا للنابلم..

ليأتى دور الرائد المهندس، أحمد مأمون، الذى استطاع فى فترة وجيزة اختراع مادة تتجمد فى مياه القناة، وأعطاها إلى قائد القوات البحرية المصرية فى سرية تامة، ثم تم تحويلها إلى الرئيس السادات، ليقرها رسميًا، وتم التكتم عليها، حتى الليلة التى سبقت العبور مباشرة، حين قامت الضفادع البشرية بسد فتحات المواسير، والبالغ عددها 360 فتحة.

أما المعضلة الكبرى التى واجهتنا فى حرب أكتوبر هى التوصل لطريقة لإبلاغ الأوامر والتعليمات العسكرية، وتبادل المعلومات والإخباريات بين القيادات والضباط دون أن يتم فك شفرتها من قبل العدو الإسرائيلى المتفوق فى التجسس الاليكترونى ويمتلك أحدث الأجهزة الأمريكية وقتها وهنا التفت قادة الجيش إلى الفكرة العجيبة الغريبة التى طرحها أحد الجنود البسطاء لتبدو وكأنها شبه مستحيلة، بسبب إفراطها فى البساطة بطلها هو الجندى المصرى النوبى أحمد إدريس الذى قال لقائده: “اللغة النوبية” هى الحل. تكون هى لغة الإرسال، يحاول العدو فك شفرتها، يجد نفسه أمام لغة بلا أبجدية موثقة” أو قاموس مكتوب. وأبلغ الفكرة لقادته الذين قالوا له: “هاتوا الصول ده” وقابله السادات واعتمد فكرته العبقرية التى نجحت نجاحا مبهرا فى تضليل العدو.