سلاح من المستقبل

إيهاب فتحى
إيهاب فتحى

‭ ‬يأتى‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ .. ‬ويأتى‭ ‬معه‭ ‬سؤال‭ ..‬هل‭ ‬نحن‭ ‬نحتفل‭ ‬فقط‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬بذكرى‭ ‬انتصارنا‭ ‬المجيد‭ ‬فى‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬1973‭ ‬كذكرى‭ ‬مر‭ ‬عليها‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬؟‭ ‬يبدو‭ ‬رقم‭ ‬الخمسين‭ ‬عامًا‭ ‬رقمًا‭ ‬مميزًا‭ ‬يستحق‭ ‬فى‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬الاحتفال،‭ ‬لكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬فى‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬الاحتفال‭ ‬بنصر‭ ‬أكتوبر‭ ‬هو‭ ‬احتفال‭ ‬بذكرى‭ ‬ماضية‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬مر‭ ‬عليها‭ ‬خمسة‭ ‬عقود،‭ ‬إن‭ ‬استعادة‭ ‬يوم‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬أكتوبرفى‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬هو‭ ‬استعادة‭ ‬سلاح‭ ‬من‭ ‬المستقبل‭ ‬صالح‭ ‬دائمًا‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬حروب‭ ‬وأعداء‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬الحاضر‭. ‬

هذه‭ ‬الاستعادة‭ ‬المستقبلية‭ ‬حقيقة‭ ‬وواقع‭ ‬لأن‭ ‬أكتوبر‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬عملًا‭ ‬عسكريًا‭ ‬فقط‭ ‬خاضها‭ ‬الرجال‭ ‬على‭ ‬جبهات‭ ‬القتال‭ ‬بالدم‭ ‬والنار‭ ‬لتحقيق‭ ‬الانتصار،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬أكتوبر‭ ‬كعمل‭ ‬عسكرى‭ ‬فقط‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬ماصنعه‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬الفذ‭ ‬والفارق‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬الأمة‭ ‬والشخصية‭ ‬المصرية‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الدولى‭ ‬والإقليمى‭ ‬يعتبر‭ ‬تقليلا‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬منجز‭ ‬الرجال‭ ‬الأبطال‭ ‬الذين‭ ‬حولوا‭ ‬لحظة‭ ‬انكسار‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬دائم‭ ‬من‭ ‬العزة‭ ‬والقوة‭. ‬

تمر‭ ‬السنوات‭ ‬والعقود‭ ‬ويظل‭ ‬أكتوبر‭ ‬حدثًا‭ ‬مستقبليًا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تطويه‭ ‬صفحات‭ ‬التاريخ‭ ‬أو‭ ‬يشاهده‭ ‬العابرون‭ ‬فى‭ ‬المتاحف‭ ‬كأمر‭ ‬مضى،‭ ‬إن‭ ‬ديمومة‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬ومستقبليته‭ ‬تأتى‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬أثره‭ ‬فى‭ ‬مجرى‭ ‬التاريخ‭ ‬والوجدان‭ ‬المصرى‭ ‬لأن‭ ‬ماقبل‭ ‬أكتوبر‭ ‬شيء‭ ‬وما‭ ‬بعده‭ ‬شيء‭ ‬آخر،‭ ‬فكل‭ ‬حدث‭ ‬مر‭ ‬على‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬منذ‭ ‬الساعة‭ ‬الثانية‭ ‬ظهرًا‭ ‬يوم‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬كان‭ ‬صانع‭ ‬أكتوبر‭ ‬أو‭ ‬العقل‭ ‬المصرى‭ ‬عقل‭ ‬أكتوبر‭ ‬المتفرد‭ ‬بخبراته‭ ‬يتدخل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مواجهة‭ ‬أزمات‭ ‬الحاضر‭ ‬ليديرها‭ ‬لصالح‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬وينتصر‭ ‬فيها‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬على‭ ‬جبهات‭ ‬القتال‭. ‬

عندما‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نستوعب‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬أتت‭ ‬مستقبلية‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬الفارق‭ ‬وكيف‭ ‬تأسس‭ ‬عقل‭ ‬أكتوبر‭ ‬الفريد‭ ‬فى‭ ‬تكوينه‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬المصرية‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬الموغلة‭ ‬بعملها‭ ‬الفذ‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬يجب‭ ‬تدبر‭ ‬الاستعداد‭ ‬لهذا‭ ‬التأسيس‭ ‬فمنذ‭ ‬اللحظات‭ ‬الأولى‭ ‬التى‭ ‬أعقبت‭ ‬المواجهة‭ ‬مع‭ ‬العدو‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬67‭ ‬انطلقت‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬التأسيس‭ ‬ويتجاوز‭ ‬العقل‭ ‬المصرى‭ ‬تداعيات‭ ‬المواجهة‭ ‬مستعيدًا‭ ‬جذوره‭ ‬الحضارية‭ ‬وثباته‭ ‬أمام‭ ‬التحديات‭ ‬ثم‭ ‬الانتصار‭ ‬عليها‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬أقسى‭ ‬الظروف‭ ‬وكان‭ ‬التطبيق‭ ‬العملى‭ ‬لهذه‭ ‬الانطلاقة‭ ‬والتأسيس‭ ‬حرب‭ ‬الاستنزاف‭ ‬وبناء‭ ‬حائط‭ ‬الصوايخ‭ ‬ليقف‭ ‬العالم‭ ‬مذهولا‭ ‬ومن‭ ‬قبله‭ ‬العدو‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬وثبات‭ ‬الشخصية‭ ‬والجندى‭ ‬المصرى‭ ‬المقاتل‭. ‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬الانطلاقة‭ ‬أو‭ ‬الـتأسيس‭ ‬ناتجًا‭ ‬عن‭ ‬اندفاع‭ ‬أو‭ ‬عامل‭ ‬وقتى‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬محددات‭ ‬هى‭ ‬ماجعلت‭ ‬عقل‭ ‬أكتوبر‭ ‬سلاحًا‭ ‬مستقبليًا‭ ‬دائمًا‭ ‬فى‭ ‬يد‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬ويدير‭ ‬حركتها‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬مواجهات‭ ‬وأزمات‭ ‬الحاضر‭ ‬متجاوزًا‭ ‬كافة‭ ‬التحديات‭ ‬وتتضح‭ ‬هذه‭ ‬المحددات‭ ‬فى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬النقاط‭. ‬

يتميز‭ ‬عقل‭ ‬أكتوبر‭ ‬بأنه‭ ‬عقل‭ ‬ناقد‭ ‬لا‭ ‬يخادع‭ ‬نفسه‭ ‬أو‭ ‬الآخر‭ ‬فلحظة‭ ‬الانتصار‭ ‬عنده‭ ‬هى‭ ‬لحظة‭ ‬الاعتراف‭ ‬بوجود‭ ‬قصور‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬عقب‭. ‬67‭ ‬

يدير‭ ‬عقل‭ ‬أكتوبر‭ ‬القرار‭ ‬بأسلوب‭ ‬المواجهة‭ ‬للأزمة‭ ‬فلا‭ ‬يراوغ‭ ‬فى‭ ‬الحل‭ ‬ولا‭ ‬يقبل‭ ‬أنصاف‭ ‬الحلول‭. ‬

يطورعقل‭ ‬أكتوبر‭ ‬الحلول‭ ‬ولا‭ ‬يلجأ‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬تقليدى‭ ‬بل‭ ‬يكون‭ ‬الحل‭ ‬مبتكرًا‭ ‬وغير‭ ‬متوقع‭ ‬وخير‭ ‬شاهد‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬تحطيم‭ ‬خط‭ ‬بارليف‭ ‬بأسلوب‭ ‬لم‭ ‬يتوقعه‭ ‬أحد‭. ‬

لا‭ ‬يلجأ‭ ‬عقل‭ ‬أكتوبر‭ ‬لتجزئة‭ ‬الحل‭ ‬بل‭ ‬يقوم‭ ‬بحل‭ ‬شامل‭ ‬للأزمة‭ ‬التى‭ ‬يواجهها‭ ‬حتى‭ ‬يقتلع‭ ‬أسبابها‭ ‬نهائيًا‭.  ‬

يسير‭ ‬عقل‭ ‬أكتوبر‭ ‬وفق‭ ‬منهج‭ ‬وخطة‭ ‬متدرجة‭ ‬منضبطة‭ ‬ولا‭ ‬يتورط‭ ‬فى‭ ‬اندفاع‭ ‬أوتراجع‭. ‬

لايتأثر‭ ‬عقل‭ ‬أكتوبر‭ ‬بالأجواء‭ ‬الدعائية‭ ‬المحيطة‭ ‬به‭ ‬ولا‭ ‬تجبره‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬قراره‭ ‬نتيجة‭ ‬لما‭ ‬تصنعه‭ ‬من‭ ‬ضباب‭ ‬معلوماتى‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬العقل‭ ‬ثابت‭ ‬فى‭ ‬رؤيته‭ ‬أما‭ ‬حركته‭ ‬فقائمة‭ ‬على‭ ‬المنهج‭ ‬والخطة‭ ‬فقرار‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬تم‭ ‬حسابه‭ ‬بدقة‭ ‬متناهية‭ ‬ولم‭ ‬يتأثر‭ ‬متخذ‭ ‬القرار‭ ‬بالأجواء‭ ‬المحيطة‭ ‬التى‭ ‬طالبته‭ ‬بالاندفاع‭ ‬دون‭ ‬استعداد‭. ‬

بمراجعة‭ ‬هذه‭ ‬المحددات‭ ‬التى‭ ‬ميزت‭ ‬عقل‭ ‬أكتوبر‭ ‬نجد‭ ‬أنها‭ ‬صالحة‭ ‬فى‭ ‬كافة‭ ‬المواجهات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالحاضر‭ ‬والمستقبل‭ ‬لأنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬وليدة‭ ‬لحظة‭ ‬معينة‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬إعادة‭ ‬لصياغة‭ ‬تفكير‭ ‬أمة‭ ‬وضابط‭ ‬لحركتها‭ ‬التاريخية‭ ‬فى‭ ‬مواجهاتها‭ ‬القادمة‭ ‬لذلك‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مستغربًا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬العقل‭ ‬الفذ‭ ‬حاضرًا‭ ‬بكامل‭ ‬طاقته‭ ‬فى‭ ‬ثورة‭ ‬الـ‭ ‬30‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬ليدير‭ ‬معركة‭ ‬الأمة‭ ‬المصيرية‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬الاستعمار‭ ‬حتى‭ ‬استطاعت‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬الانتصار‭ ‬فى‭ ‬ثورتها‭ ‬منهية‭ ‬هذه‭ ‬الهجمة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الجديدة‭..‬

إذ‭ ‬كانت‭ ‬المحددات‭ ‬التى‭ ‬أسست‭ ‬هذا‭ ‬العقل‭ ‬دائمًا‭ ‬حاضرة‭ ‬وتعتبر‭ ‬بوصلة‭ ‬حاكمة‭ ‬لحركة‭ ‬المستقبل‭ ‬فهى‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إعطاء‭ ‬القرار‭ ‬المصرى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الخبرات‭ ‬والدروس‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية‭ ‬التى‭ ‬تتفاعل‭ ‬حولنا‭ ‬وفى‭ ‬منطقتنا‭ ‬وأيضًا‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬طفرات‭ ‬تكنولوجية‭ ‬تعيد‭ ‬صياغة‭ ‬تفاعلات‭ ‬المجتمع‭ ‬البشرى‭ ‬مع‭ ‬الأحداث‭ ‬والثوابت‭ ‬التى‭ ‬تتصارع‭ ‬مع‭ ‬رياح‭ ‬التغيير‭. .‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬الخبرات‭ ‬والدروس‭ ‬هى‭ ‬ماتجعل‭ ‬عقل‭ ‬أكتوبر‭ ‬دائمًا‭ ‬سلاحًا‭ ‬مستقبليًا‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬الحاضر،‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬حصر‭ ‬هذه‭ ‬الخبرات‭ ‬والدروس؟‭ ‬إن‭ ‬حجم‭ ‬المنجز‭ ‬والحدث‭ ‬الجبار‭ ‬والعقل‭ ‬الذى‭ ‬تولد‭ ‬منه‭ ‬تجعل‭ ‬عملية‭ ‬الحصر‭ ‬تلك‭ ‬شديدة‭ ‬الصعوبة‭ ‬لأنها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬بحثى‭ ‬موسوعى‭ ‬لا‭ ‬تتحمله‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭  ‬ولكن‭ ‬يمكن‭ ‬استلهام‭ ‬المفهوم‭ ‬العام‭ ‬لها‭ ‬فى‭ ‬إيجاز‭. ‬

بداية‭ ‬هذا‭ ‬الأيجاز‭ ‬لاستلهام‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‭ ‬أن‭ ‬الشخصية‭ ‬المصرية‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬الفعل‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬حدود‭ ‬المستحيل‭ ‬فى‭ ‬فعلها‭ ‬رغم‭ ‬كافة‭ ‬التحديات‭ ‬التى‭ ‬تواجهها‭. ‬

القدرة‭ ‬والسرعة‭ ‬الجبارة‭ ‬التى‭ ‬تمتلكها‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬استيعاب‭ ‬علوم‭ ‬وتكنولوجيا‭ ‬العصر‭ ‬المرتبطة‭ ‬باللحظة‭ ‬التى‭ ‬تخوض‭ ‬فيها‭ ‬معركتها‭ ‬فحرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬كانت‭ ‬إشارة‭ ‬النصر‭ ‬الأولى‭ ‬فيها‭  ‬هى‭ ‬قدرة‭ ‬الجندى‭ ‬المصرى‭ ‬الواقف‭ ‬على‭ ‬الجبهة‭ ‬فى‭ ‬استيعاب‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬السلاح‭ ‬الذى‭ ‬سيستخدمه‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬عدوه‭ ‬وفى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬فهذا‭ ‬الجندى‭ ‬عندما‭ ‬تعامل‭ ‬مع‭ ‬الحداثة‭ ‬كانت‭ ‬قدرته‭ ‬الاستيعابية‭ ‬ناتجة‭ ‬عن‭ ‬منظومة‭ ‬معرفية‭ ‬مصرية‭ ‬خالصة‭ ‬تأسست‭ ‬فى‭ ‬مدارس‭ ‬وجامعات‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭. ‬

إن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬متخذ‭ ‬القرار‭ ‬والشعب‭ ‬بكافة‭ ‬طبقاته‭ ‬وشرائحه‭ ‬الذى‭ ‬قرر‭ ‬أن‭ ‬يخوض‭ ‬معركة‭ ‬الوجود‭ ‬وتحقيق‭ ‬الانتصار‭ ‬تحكمها‭ ‬قاعدة‭ ‬الثقة‭ ‬الكاملة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬الدولة‭ ‬والمواطن‭ ‬مع‭ ‬إدراك‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬بأن‭ ‬كلا‭ ‬منهما‭ ‬سيبذل‭ ‬أقصى‭ ‬طاقاته‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تجاوز‭ ‬هذا‭ ‬التحدى‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬الفارقة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الأمة‭. ‬

عدم‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬المشهد‭ ‬المجتمعى‭ ‬فى‭ ‬الحاضر‭ ‬بنظرة‭ ‬سلبية‭ ‬أو‭ ‬التهوين‭ ‬من‭ ‬قدراته‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬دائمًا‭ ‬تذكر‭ ‬الجذر‭ ‬الحضارى‭ ‬وطاقات‭ ‬الوعى‭ ‬التى‭ ‬تمتلكها‭ ‬جماهير‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬وهى‭ ‬الطاقات‭ ‬التى‭ ‬تتجلى‭ ‬فى‭ ‬الأوقات‭ ‬الحاسمة‭ ‬من‭ ‬تاريخها‭ ‬لتكون‭ ‬المحدد‭ ‬الفاصل‭ ‬الذى‭ ‬ينهى‭  ‬الانكسار‭ ‬ويتخذ‭ ‬طريقه‭ ‬إلى‭ ‬النصر‭. ‬

يستطيع‭ ‬الإنسان‭ ‬المصرى‭ ‬وتستطيع‭ ‬كافة‭ ‬الأجيال‭ ‬التى‭ ‬تلقت‭ ‬وعيها‭ ‬الحضارى‭ ‬والوجدانى‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬تحمل‭ ‬مسئوليتها‭ ‬التاريخية‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬التحدى‭ ‬وقت‭ ‬أن‭ ‬يحين‭ ‬زمنه،‭ ‬فكافة‭ ‬المواجهات‭ ‬التى‭ ‬خاضتها‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬أثبت‭ ‬الجيل‭ ‬الذى‭ ‬حمله‭ ‬القدر‭ ‬عبء‭ ‬المواجهة‭ ‬أنه‭ ‬قادر‭ ‬وبإمكانيات‭ ‬عصره‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الانتصار‭ ‬مثل‭ ‬جيل‭ ‬أكتوبر‭ ‬العظيم‭ ‬وقد‭ ‬سبق‭ ‬جيل‭ ‬أكتوبر‭ ‬أجيال‭ ‬واجهت‭ ‬الهجمات‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الأولى‭ ‬والعدوان‭ ‬حتى‭ ‬قضت‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الاستعمار‭ ‬واستردت‭ ‬حقوقها‭ ‬وحقوق‭ ‬الأمة‭ ‬وعلى‭ ‬نفس‭ ‬القدرة‭ ‬وتحمل‭ ‬المسئولية‭ ‬يخوض‭ ‬جيل‭ ‬ثورة‭ ‬يونيو‭ ‬معركته‭ ‬ومازال‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬الفاشية‭ ‬و‭ ‬الإرهاب‭ ‬وحملات‭ ‬التشكيك‭ ‬والدعاية‭ ‬السوداء‭ ‬المدعومة‭ ‬بالكامل‭  ‬من‭ ‬الاستعمار‭ ‬الحديث‭ ‬حتى‭ ‬يكمل‭ ‬انتصاره‭ ‬ببناء‭ ‬دولته‭ ‬الحديثة‭  ‬بعد‭ ‬نجاح‭ ‬ثورته‭.‬

يظل‭ ‬دور‭ ‬الفرد‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬والمعارك‭ ‬الفارقة‭ ‬دورًا‭ ‬محوريًا‭ ‬ومن‭ ‬يتم‭ ‬اختياره‭ ‬لتحمل‭ ‬عبء‭ ‬أكبر‭ ‬فى‭ ‬المسئولية‭ ‬التاريخية‭ ‬ويتقدم‭ ‬إلى‭ ‬الصفوف‭ ‬الأولى‭ ‬للقيادة‭ ‬فى‭ ‬كافة‭ ‬المجالات‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الشك‭ ‬فى‭ ‬قدراته‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬المعركة‭ ‬لأن‭ ‬الاختيار‭ ‬تم‭ ‬وفق‭ ‬قواعد‭ ‬دقيقة‭ ‬أول‭ ‬هذه‭ ‬القواعد‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭ ‬والأمة‭. ‬

لا‭ ‬تتوقف‭ ‬خبرات‭ ‬ودروس‭ ‬أكتوبر‭ ‬العظيم‭ ‬والعقل‭ ‬الفذ‭ ‬الفريد‭ ‬الذى‭ ‬أهداه‭ ‬الرجال‭ ‬الأبطال‭ ‬بوقفتهم‭ ‬الباسلة‭ ‬الصامدة‭ ‬على‭ ‬جبهات‭ ‬القتال‭ ‬وهم‭ ‬يحققون‭ ‬الانتصار‭ ‬إلى‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية،‭ ‬لذلك‭ ‬سيظل‭ ‬أكتوبر‭ ‬المجيد‭ ‬بخبراته‭ ‬ودروسه‭ ‬سلاحًا‭ ‬من‭ ‬المستقبل‭ ‬يحمى‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬ويجعلها‭ ‬قادرة‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬النصر‭ ‬اليوم‭ ‬وغدًا‭. ‬


 

;