«بيع.. شراء.. تنقيب» .. سقوط تاجر آثار «أون لاين»

صور من المنشورات على السوشيال ميديا
صور من المنشورات على السوشيال ميديا

محمد‭ ‬طلعت‭   ‬

  لو عايز تنقب عن آثار أنا في الخدمة ولو معاك آثار في ثانية اصرفهالك، ولو بتدور على مكان تنقب فيه انا دليلك وكله بتمنه»، اللي فات إعلان انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال صفحة انشأها أحد الأشخاص للترويج لبيع وتنقيب الآثار في محافظات الجمهورية والغريب أنه لقى رواجًا كبيرًا وبعض من ضعاف النفوس حاولوا التواصل مع هذا الشخص المسؤول عن الصفحة، لكن السؤال هنا هو من هذا الشخص؟، ومن أين أتت جرأته هذه كي يروج لذلك الأمر بكل هذه السهولة؟،وكيف سقط في قبضة رجال الأمن؟ هذا ما سوف نجيب عنه في السطور التالية.

صحيح أن مواقع التواصل الاجتماعي صارت في عصرنا الحالي لا غنى عنها، فكل شيء أصبح متاحًا عليها، بيع شراء تواصل معرفة وحتى توجيه الرأي العام كذبًا وتضليلًا، بالتأكيد هناك أشياء إيجابية كثيرة لكن للأسف السلبيات أكثر وأكثر، ونستطيع أن نستشف ذلك من خلال ظهور بعض الأشخاص الخارجين عن القانون يقومون بالنصب على المواطنين أو للترويج لأشياء مخالفة للقانون كما فعل صاحب هذه الصفحة ويدعى»حسين»!

الطبيعي أن نسأل في البداية؛ من هذا الشخص الذي نتكلم عليه، الإجابة بكل بساطة هو شاب في مقتبل حياته لديه عمل ناجح في مدينة بورسعيد حيث يعيش هناك منذ سنوات عديدة، أي أنه لا يحتاج لأن يحتال على أحد أو يعمل أي شيء مخالف للقانون لكنه رغم ذلك لم يرتض بما لديه وزاد طمعه في مكاسب اكبر تأتي من أعمال غير مشروعة خطرة ممكن أن تقوده في النهاية الى السجن إذا تم ضبطه لكنها مربحة في نهاية الأمر.

لم يهتم بالسجن وأراد المخاطرة بكل ما جمعه من عمله الشريف ووضعه في التنقيب عن الآثار؛ فبدأ في البحث عن أماكن لكي ينقب فيها ففشل في بداية الأمر وصرف أموالا طائلة على ذلك الأمر دون جدوى.

بدأ يفكر بأن هذا العمل لن يجني منه أي أموال بل سيدمر مستقبله المادي كله إذا استمر فيه أكثر من ذلك، فكل مكان حاول أن ينقب فيه لم يجد أي شيء لكن وهو يفكر في إنهاء العمل جاءته فكرة وجدها عبقرية في ذلك الوقت، فوسوس له شيطانه، لماذا ينقب هو عن الآثار ويعرض نفسه للخطر مع إنه يستطيع أن يجذب من ينقبون عن الآثار ومن لديهم آثار دون أي تعب، ليكون هو الوسيط بين من لديه الآثار ومن يشتريها، لكن كيف يفعل ذلك؟!

صفحات على الفيس

الفكرة تطورت داخل رأسه بضرورة أن ينشئ مجموعة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة يعرض فيها ترويج الآثار وتصريفها لكي يستطيع الزبائن أن يتواصلوا معه وبالتالي يحصل على المقتنيات الأثرية التي يبحث عنها بصورة أسرع ويستطيع أن يجني الأموال الطائلة التي يريدها دون أن تكون هناك خطورة كبيرة عليه فهو الوسيط أي لن يكون في خطر فلا هو يملك آثار أو حتى لديه رغبة في الشراء فهو مجرد سمسار.

صفحة السمسرة انتشرت بصورة كبيرة وبدأ يجني ثمار جرائمه مع توافد الزبائن الذين يريدون تصريف قطع الآثار أو شرائها لكنه لم يتخيل أنه كان تحت عيون أجهزة الأمن؛ ففي تلك الفترة التي انشأ فيها صفحاته كان رجال الأمن يتابعونها حتى توصلوا لمعرفة شخصيته؛ تنكر أحد الضباط في شخصية تاجر آثار ويبحث عن شراء بعض القطع ووقع المتهم في الفخ حتى كشف عن شخصيته ليتم إلقاء القبض عليه وبالبحث في أجهزته الهاتفية والإلكترونية عثروا على ما يدل على قيامه بالإتجار في الآثار وبمواجهته اعترف بجريمته ليتم تحرير محضر بالواقعة وبعرضه على النيابة أمرت بحبسه 14 يوما على ذمة التحقيق.

القانون

يقول أحمد عبد التواب المحامي بالنقض: أن المتهم ارتكب أكثر من جريمة في ذلك الأمر فوفقا لقانون حماية الآثار قام المتهم بالحفر خلسة وأخفى الآثار وبالتالي وقع تحت طائلة المادة ٤٢ من القانون والتي تنص على أن تكون العقوبة السجن المشدد لكل من قام بالحفر خلسة أو بإخفاء الأثر أو جزء منه بقصد التهريب، ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأثر والأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة في الجريمة، ويكون السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على سبع سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه لكل من أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص، وفي هذه الحالة يتم التحفظ على موقع الحفر لحين قيام المجلس بإجراء أعمال الحفائر على نفقة الفاعل.

ليس ذلك فقط بل نصت المادة ٤٢ مكرر بأنه يعاقب بالسجن المؤبد كل من قام ولو في الخارج بتشكيل عصابة أو إدارتها أو التدخل في إدارتها، أو تنظيمها أو الانضمام إليها أو الاشتراك فيها، وكان من أغراضها تهريب الآثار إلى خارج البلاد أو سرقتها بقصد التهريب.

ويضيف المحامي بالنقض؛ إلى أن المتهم أيضا يقع تحت طائلة المادة ٣٤ من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات التي تنص على أنه إذا وقعت أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، أو الإضرار بالأمن القومي للبلاد أو بمركزها الاقتصادي تكون العقوبة السجن المشدد. 

والمتهم في تلك الجريمة أضر بالأمن القومي للبلاد من خلال محاولته استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وبالتالي يمكن أن يعاقب بتلك المادة حتى يكون عبرة لكل من يحاول أن يمس أمن وسلامة المجتمع خاصة أن تلك الفكرة انتشرت بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة؛ فكثير من صفحات وسائل التواصل أصبحت تضر بالأمن القومي لذلك يجب أن تكون العقوبات صارمة.

اقرأ أيضًا : تفاصيل القبض علي شخص سقط من علوا خلال التنقيب عن الأثار بالعياط


 

;