فى جريمة النزهة l الابن أمام النيابة: « بابا حبس ماما فى الأوضة وربطها.. وقتلها بالميه المغلية»

المتهم
المتهم

آمال‭ ‬فؤاد

  فتش عن الإدمان ستجده يكمن وراء معظم الجرائم الأسرية، ما ابشع أن يستسهل المدمن قتل أقرب الناس لديه من أجل جرعة مخدرات يتعاطاها؛ وهذا ما جرى في حي النزهة؛ حين أقدم زوج نزع من قلبه الرحمة، وتجرد من كل معاني الإنسانية بعد أن وسوس له شيطانه وقاده إدمانه لقتل زوجته، عقب وصلة تعذيب وقهر وإذلال بسبب رفضها البقاء معه لتعاطيه المواد المخدرة، تحولت تلك الخلافات الى انتقام بتكبيل يديها وقدميها، وفي نهاية المطاف تناسى عشرة 17 سنة زواج، وسكب الماء المغلي على وجهها وجسدها حتى فارقت الحياة من كثرة التعذيب، ولم يكتف بذلك بل حاول إخفاء جريمته ليبعد الشبهة عنه، ادعى انها سكبت الماء المغلي على نفسها، لكن سرعان ما انكشف المستور عن جريمته؟ كما كشف لنا والد المجني عليها سنوات العذاب والحرمان التي عاشتها ابنته المجني عليها، وكيف كشف حفيده كواليس تعذيب والده لامه؟!

دعاء جمال «38 سنة»،الأب على المعاش والأم ربة منزل، لها شقيقان، أسرة صغيرة وسعيدة، ومثل كل الفتيات في سنها حلمت بالفستان الأبيض والفارس الذي يخطفها على حصانه وتبني عشها معه، أثناء دراستها تعرفت عليه ونشأت بينهما قصة حب انتهت بالزواج وعاش الاثنان في شقة خلف نادي النصر بمنطقة النزهة، اعتقدت انها ستعيش أيامًا مليئة بالسعادة والحب مع الشخص الذي اختارته ورزقها الله منه بطفل، لكن سرعان ما اكتشفت أنه يتعاطى المخدرات ومعها تحطمت كل احلامها؛ بدات الخلافات والمشكلات بينهما كان دائم الشجار معها ووصل الأمر الى تعديه عليها بالضرب بسير الغسالة وازدادت المشكلات يومًا بعد الآخر حتى سئمت دعاء الحياة معه، تركت له المنزل مرات وذهبت تعيش مع أسرتها وقررت الانفصال لسوء معاملته وإدمانه المخدرات؛ لدرجة انها اقامت دعوى خلع ضده والمحكمة قضت لها بالطلاق، لكنه عاد يتلون كالحرباء يتودد ويقسم لها انه لا يقوى على الحياة بدونها صدقته وعادت اليه لأجل ابنها حتى لا يدفع ثمن انفصال والديه، لم يخطر ببالها أنه سوف يفتك بها ويحرقها ويعذبها ويمارس عليها جبروته لدرجة انه يمنعها من التواصل مع أهلها ويهدد بقتل أسرتها لو حاولت الهروب أو حتى اخبرتهم بشيء.

يوم الواقعة

عقارب الساعة تعلن الثالثة بعد منتصف الليل، الزوجة وبعد وصلة تعذيب وصراخ من شدة الألم الذي طال كل جسدها قام الزوج المدمن بحبسها ونجله داخل الشقة التي حولها الى «زنزانة» مغلقة الأبواب عليهما، أخذ منهما هواتفهما المحمولة، ثم ارسل رسالة من هاتفها إلى والدتها «انها لا تريد احدًا من أسرتها»، واغلق الأبواب امامها حتى لا تحاول الهرب منه كما حدث في المرة السابقة، لكن صرخات الزوجة لم تتوقف، فاستيقظ الزوج من نومه وهو في حالة هستيرية ودون شفقة على حال زوجته أو رحمة انهال عليها ضربًا وصفعًا على وجهها لكي تكف عن الصراخ لأنها تقلق نومه دون أن يدري أن المسكينة تصارع الموت،عاد الزوج المدمن الى النوم دون أن يعر لنظرات ابنه الذي يبكي طالبًا من ابيه ان يرحمهما وفي الصباح كانت المفاجأة المرعبة؛ استيقظ أحمد 16 سنة نجل المجني عليها الوحيد في تمام التاسعة صباحا، نهض ليطمئن على امه فإذا بها لا تتحرك أخذ الابن يصرخ «ماما ردي عليا»، دون جدوى، وفاضت عيناه بالبكاء إلى حد النحيب، ومعه استيقظ الأب من نومه ففوجئ بأنها فارقت الحياة من آثار تعذيبه لها؛ ودون أن تدمع عين له أو حتى يبدي حزنًا حذر ابنه من لتحدث الى أحد عن الخلافات التي كانت قائمة بينه ووالدته والماء المغلي الذي سكبه على وجهها ووصلات التعذيب التي مارسها عليها، طلب منه ان يقول إن الوفاة طبيعية حتى لا يفتضخ أمره وينتهي أمره خلف القضبان، جلس الزوج القاتل ينظر الى جسد المجني عليها المسلوخ والكدمات التي تملأ جسدها يفكر كيف يبعد الشبهة عنه دون أن يكشفه احد؟!، لم يكن امامه إلا أن يخرج إلى الشارع يصرخ بأعلى صوته «مراتي ماتت»تجمع بعض أهالي العقار لمعرفة ماذا يحدث، وبرع أمام الجميع في تمثيل دور الزوج الحزين والمنهار على وفاة زوجته، ذهب إلى مفتش الصحة على أمل أنه سوف يصدق دموع التماسيح على وفاة زوجته وسوف يعطيه تصريح الدفن، لكنه فوجئ بخروج مفتش الصحة معه لمعاينة الجثة الذي شك في الوفاة فأبلغ رئيس مباحث قسم شرطة النزهة.

انتقل رجال المباحث الي محل البلاغ، تبين وجود آثار تعذيب في جميع انحاء جسد المجني عليها علاوة على وجود حروق قديمة وحديثة وكدمات، وعقب الفحص امرت النيابة بنقل الجثة الى مشرحة زينهم لمعرفة سبب الوفاة وسرعة؛ادعى الزوج أن زوجته هي التي سكبت المغلي على نفسها بسبب خلافات بينهما، في حين ذكر جيران المتهم؛ «بأن الزوج ومنذ سنوات وهو في شجار مستمر مع زوجته لإدمانه المخدرات وطلبه منها الأموال لشراء أقراص الترامادول ولا احد يتدخل في شؤونهما لانه سيئ الخلق، وأن أهل الزوج يقيمون داخل منزل بالمطرية واهل الزوجة المقتولة يقيمون بمنطقة الهايكتسب بالنزهة الجديدة، وعلى الفور ألقي القبض على المتهم وإحالته الى النيابة، في البداية انكر زاعمًا أنها هي التي سكبت الماء المغلي على نفسها عقب مشادة دارت بينهما لخلافات زوجية بينهما، واستمعت النيابة الى أقوال نجل المجني عليها والذي اكد أن والده مارس على أمه كل صنوف التعذيب وسكب الماء المغلي عليها من كاتل وكان يضربها بسير الغسالة ومنع عنها الطعام قبل الواقعة بأيام، قررت النيابة حبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيق ووجهت له تهمة القتل العمد.

في بيت الأسرة

ذهبنا الى منزل اسرة المجني عليها، كان الجميع من شدة الحزن بدوا وكأن طائر الموت يحلق فوق رؤوسهم أيضا، الأم التزمت حجرتها لا تبرحها تحتضن صورة ابنتها الشابة هكذا وصفها لنا الأب الذي تماسك وحكى لنا الحكاية، يقول لنا في البداية: «عندي ثلاثة أبناء اكبرهم المجني عليها دعاء، تزوجت من المتهم من 17 سنه وانجبت ابنها 16 سنة، للأسف أنا خدعت فيه، لأن والده رحمه الله اشهد أنه كان رجل محترم، لأكتشف بعد الزواج أنه انسان مستهتر مدمن للمخدرات، لدرجة إن لما بنتي دخلت المستشفى تولد وقبل أن يخرج ابنه الى النور اختفى من امامي ولما طلبته قال لي باستهتار؛ «أنا مشيت عشان معيش فلوس ادفع مصاريف المستشفى، ومره ضربها وحبسها وهي حاولت تهرب منه وراحت ناحية الباب فرمى نفسه من الشباك في تصرف غريب،واتهمها انها السبب في كسر رجله، ده غير ما حكاه لنا حفيدي أنه كان يحبسها دون طعام أو شراب.                          والد‭ ‬المجنى‭ ‬عليها

كيف تم التعارف بينهما؟

تعرفت عليه في الجامعة، كانت فاكره انه زميلها وحاول خطف نظرها بشكله وعربيته علشان كان موجود بشكل يومي معها، وانا سألت عليه لكن مفيش حد قال لي الحقيقة، وبعد كده اكتشفنا انه خريج معهد والسيارة التي يقودها سيارة والده، خدع بنتي اللي كان عمرها وقتها 22 سنة، واحنا نفسنا اتخدعنا فيه، اكثر من 8 شهور وهو حرمها من زيارتنا واخذ تليفونها المحمول علشان يمنعها من التواصل معنا وانقطعت اخبارها عنا ونحن لا نعلم أنه كان حبسها هي وابنها لحد ما عرفنا أنها ماتت.

صمت الأب للحظات وعاد من شروده يقول: «غشها واوهمها بالحب، لكن الكلام المعسول تبخر بعد الزواج مباشرة، تملك منه الإدمان لدرجة انه كان بيمنعني انا من زيارة بنتي ولا يفتح الباب لما يعرف اني بره، ولو تجرأت وطلبت منه يفتح الباب يحبسها في أوضة النوم.

ويستطرد الأب قائلا: في مرة ضربها وربطها وكبل يديها واجبرها على التنازل عن قائمة المنقولات علشان ما تطلبش الطلاق وتعيش معاه غصب عنها، فهربت منه وقررت رفع دعوى خلع وكسبت القضية بعدها أتى الينا وتظاهر بالندم وقبل يديها وتأسف لي ولحماته ووعدها انه هيتغيرعلشان خاطر ابنه يعيش بين ابوين.

كيف عرفتم أنه يتعاطى المخدرات؟

في البداية كنا نجهل أنه مدمن «ترامادول» وفي سبيل توفير ثمنه باع عفش الشقه كله على الكيف، كان يذهب إلى امه ويأخذ منها فلوس بالقوة والبلطجة عشان يشتري بها هذه السموم.

ما الذي حكاه لكم حفيدكم عن والده قاتل امه؟

كان شاهدًا على معاملته الصعبة لها وكان بيخاف منه وبيشوفه يدخن المخدرات ويستنشق بودره من انفه، ويهدده لو حكى ما يراه لنا أو لأي حد سوف يقتله.

عرفت ازي الخبر؟وكيف حاول إخفاء جريمته؟

أم المتهم اتصلت بي وقالت لي إن دعاء حرقت نفسها ولما وصلت البيت ودخلت الشقة لقيت جسمها مسلوخ والمتهم جاب مفتش الصحة وادعى انها سكبت الماء المغلي على نفسها حتى يحصل علي تصريح الدفن ويدفنها بدون علمنا، لكن المباحث كشفت جريمته بعدما شك مفتش الصحة في الوفاة انها جنائية.

عدواني

كان لابد من استطلاع رأي الطب النفسي في هذه الواقعة، يقول د.علي عبد الراضي أستاذ الطب النفسي: هذه الشخصية يطلق عليها في الطب النفسي؛ المعادي للآخر، ولأنه سادي تجده يستمتع بعذاب الآخر ويتلذذ بأوجاعه، وهذا ما فعله بزوجته مارس معها كافة اشكال العدوانية، استغل ضعف وسكينة الزوجة فبدأ ينفس عن رغباته السادية ويقهرها ويذلها ما بين الالم النفسي والجسدي ليشبع رغباته العدوانية، علاوة على ذلك أنه مدمن مخدرات الذي حولته لوحش على استعداد لقتل أي شخص امامه حتى لو كانت زوجته، والاضطرابات النفسية لا تعفيه من العقوبة الجنائية.

                                                                                                                                                                                                                          د‭.‬على‭ ‬عبدالراضى

اقرأ أيضًا : أنهى الخلافات للأبد.. الأمن العام يضبط قاتل زوجته بالإسماعيلية                                                                                                                                                                                                          

 

 

;