المشردون.. وصمة عار على جبين أمريكا وأوروبا

هناك ما يقرب من 600 ألف مشرد ينامون فى العراء فى جميع أنحاء أمريكا
هناك ما يقرب من 600 ألف مشرد ينامون فى العراء فى جميع أنحاء أمريكا

فى الولايات المتحدة الأمريكية، البلد الأضخم اقتصاديا، هناك خلال هذا العام ارتفاع قياسى فى معدلات التشرد، أعداد هائلة لا مأوى لهم ويسكنون الشوارع، إلى حد أن صحيفة وول ستريت جورنال وصفت ذلك بأنه قفزة حادة من شأنها أن تمثل إلى حد بعيد أكبر زيادة مسجلة منذ ستة عشر عاما. حيث أظهرت الأرقام الأولية زيادة قياسية بنسبة 11 % فى عام واحد مقارنة بعام 2022.

هناك ما يقرب من 600 ألف مشرد ينامون فى العراء فى جميع أنحاء المدن والبلدات فى أمريكا، لم تشفع لهم الـ 500  مليون دولار التى أقرها بايدن لحمايتهم من التشرد لتزداد مع تلك الدولارات معاناة ما بعد حقبة جائحة كوفيد 19 وارتفاع تكاليف السكن فى ظل تضخم يتنامى، هذا هو الوجه الآخر للدولة ذات الاقتصاد الأكبر فى العالم.

التشرد ظاهرة تنتشر فى كل دول العالم وتسعى الحكومات للسيطرة عليها، إلا أنها فى أمريكا خرجت عن نطاق السيطرة، وبلغت أعداد المشردين أرقاما قياسية، وأصبحت خيام المشردين منتشرة فى الشوارع والأنفاق والحدائق العامة، إذا قسنا عدد المشردين بعدد سكان الولايات المتحدة والبالغ 350 مليون مواطن فهى نسبة ضئيلة جدا، ولكن عدد المشردين أمر لافت لدولة مثل الولايات المتحدة، التى عجزت سلطات المدن عن القضاء على هذه الظاهرة، ولا يجد المتشردون يد العون إلا من خلال مساعدات محدودة وخجولة من جمعيات خيرية ودينية مستقلة.

تناولت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، تحقيقاً عن ارتفاع أعداد المشردين فى الشوارع والملاجئ فى جميع أنحاء الولايات المتحدة على نطاق واسع هذا العام.

وكشفت الصحيفة أنّ الزيادات أصبحت أكثر حدة مما كانت عليه فى السنوات الأخيرة.

وأظهرت النتائج، وجود أكثر من 577 ألفا من المشردين فى الولايات المتحدة، فى حين كان العدد لا يزيد على 380 ألفا و630 شخصا فى سنة 2021.
وتؤكد الزيادات ما يقوله المدافعون عن المشردين إنّه ضغط متزايد من ارتفاع تكاليف السكن ونهاية الحماية المؤقتة فى حقبة الوباء. تفاقمت معضلة المشردين الذين يعيشون بدون مأوى فى الولايات المتحدة، بسبب القفزة الكبيرة فى أسعار الإيجار، وعدم قدرة كثيرين على إيجاد سكن بأسعار تناسب دخلهم المحدود.

السبب الرئيسى لهذه المشكلة هو هيمنة البنوك الاستثمارية متعددة الجنسيات على الاقتصاد الأمريكي، والتى اشترت العقارات من أجل تكوين ثروات ثم تنظيم هذه الأزمات الاقتصادية الدورية، كل ثمانى إلى 10 سنوات، والتى أجبرت الناس على الخروج من منازلهم، وشققهم، وبيعها مرة أخرى للناس بسعر أعلى عندما يعود الاقتصاد، وفقًا لخطتهم. ويعد تعاطى مخدرات، مثل الأفيون، أحد أسباب أزمة المشردين فى الولايات المتحدة، لأن كثيرين ممن يسقطون فى شراك الإدمان، ينتهى بهم الأمر فى الشارع، عندما يخسرون كل ما يملكون.

و كشف تقرير لصحيفة ذى هيل الأمريكية، أن حروب الولايات المتحدة الأبدية فى مختلف مناطق العالم وآخرها تقديم الدعم للحرب الأوكرانية بالنيابة أمام روسيا قد ألقى بثقله على الاقتصاد الأمريكى وتبديد أموال دافعى الضرائب على الآلة العسكرية الأمريكية والتى تستفيد منها شركات صناعة السلاح ومن يقف وراءهم من السياسيين. 

وأشار التقرير إلى أن الإعلام الأمريكى أصبح مجرد شركات عامة  للدولة العميقة وليس التركيز على القضايا المهمة، بل هى تلقين الجماهير. إنها أداة دعاية تستخدم لصرف الأنصار الساذجين من كلا الحزبين عن المشاكل الحقيقية التى تواجه البلاد.

من جهة أخرى كشف الاتحاد الأوروبى للمنظمات الوطنية العاملة مع المشردين، أن نحو مليون شخص يبيتون دون مأوى فى كل ليلة بأنحاء القارة، ما يسلط الضوء على فشل البلاد الأوروبية فى جعل السكن حقا أساسيا.

وصرّح فريك سبينافين، مدير الاتحاد الذى يعرف اختصارا ب ـ«Feantsa» بأن غالبية الحكومات فى أوروبا تواصل خذلان الأشخاص المشردين، وإحباط عامة الجمهور، وإضاعة الموارد على إدارة المشكلة بطريقة غير ناجعة. وعلى الرغم من أن دول الاتحاد الأوروبى تعهدت العام الماضى بالعمل للوفاء بالتزاماتها تجاه مكافحة هذه الظاهرة بحلول عام 2030.

أكد تقرير حديث يحمل عنوان «الاستعراض الثامن للحرمان من السكن فى أوروبا»، أن المشكلة تسوء، وأنه ليس هناك بلاد تحقق تقدما ملموساً باستثناء فنلندا والدنمارك. فى نهاية عام 2022.

قُدّرَ عدد المشردين فى ألمانيا وفقا لبيانات التعداد الرسمية بأكثر من 262 ألفا، وفى إسبانيا تجاوز الرقم 28 ألف مشرد لنفس العام، فى حين أن عدد الأشخاص المقيمين فى مراكز إيواء الطوارئ فى أيرلندا وصل إلى نحو 12 ألفاً.

وأشار التقرير أيضا إلى أن أعدادا كبيرة من الأشخاص فى المملكة المتحدة وفرنسا وبلغاريا والمجر، يعيشون فى منازل دون المستوى المطلوب وغير ملائمة للعيش. ودعا الاتحاد إلى اتخاذ خطوات جادة فى جميع أنحاء القارة، لحماية أولئك الذين يعيشون بأعداد كبيرة فى عقارات متهالكة مع الرطوبة والعفن، فى ظل غياب الصرف الصحى الكافى ومخاطر اندلاع حرائق، وهى «حقيقة يومية يحيا فيها ملايين الأشخاص» فى هذه البلاد.