الإمام الأكبر: تعاليم الأنبياء ضرورة لاستقامة حياة الأفراد وإسعادهم

الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر
الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر

أكد الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر أن رسالة الإسلام سوف تبقى - ما بقى الليل والنهار- منارة الإنسانية، وضوءها الذى يرشدها، ويصحح مسيرتها، كلما ضلت الطريق، وتقطعت بها السبل.

جاء ذلك فى كلمته فى احتفالية وزارة الأوقاف أمس بذكرى المولد النبوى الشريف بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي..وقدم الإمام الأكبر التهنئة للرئيس عبد الفتاح السيسى ، وللأمتين العربية والإسلامية: شعوبا وحكاما - بذكرى مولد سيدنا محمد، رسول الإنسانية، ورحمة الله للعالمين، مؤكدا أن رسالته عليه الصلاة والسلام سوف تبقى - ما بقى الليل والنهار- منارة الإنسانية، وضوءها الذى يرشدها، ويصحح مسيرتها، كلما ضلت الطريق، وتقطعت بها السبل.

وأكد أن «النبوة»، وتعاليم الأنبياء ضرورة لازمة لا مفر منها لاستقامة حياة الأفراد والمجتمعات، وإسعادهم فى الدنيا والآخرة، ولا يمكن أن يستعاض عنه بغيره من القوانين والسياسات والأعراف والعادات، مضيفا أن بيان ذلك ما نعلمه من أن الإنسان كائن اجتماعى، لا مفر له من العيش مع آخرين من بنى نوعه، يحتاج إليهم ويخالطهم، ويدخل معهم فى علاقات اجتماعية شديدة التعقيد، مع وجود حالة من الخلاف والتنازع، والحب والبغض، والخير والشر، وغير ذلك من الثنائيات المتضادة المغروسة فى فطرة الإنسان وطواياه، وكلها تدور على الصراع بين المصلحة العامة والمنفعة الشخصية، التى عادة ما تتغلب على نوازع الخير والعدل والرحمة، المركوزة فى نفسه.

وبين الإمام الأكبر أن هذا الخلاف، أو هذا التدافع الاجتماعى، لا يمكن ضبطه ولا إزالة تعارضاته المتصارعة إلا بقانون علوى حاكم، يحمى الناس، ويحفظ حقوقهم، ويحقق لهم الطمأنينة والرضى والسعادة.

موضحا أن التاريخ لم يسجل مجتمعا من الناس خلا من الاختلاف والتنازع والصراع والتدافع؛ ولم نر هذا الخلاف، وقد ارتفع من تلقاء نفسه دون تدخل مباشر من قانون ضابط ورادع، فى ظل ما نراه من عجز القانون البشرى عن توفير حياة طيبة للناس، لأنه يقوم عادة على النزعات الفردية والقطرية والقومية والفاشية والنازية والآرية والسامية والرأسمالية، واقتصاد السوق والعولمة، ونزوات الجشع وحب التسلط والغلبة، والمتاجرة بدماء الفقراء وأقواتهم وأرزاقهم.

وأوضح أن الصراع بين المصلحة العامة والمنفعة الشخصية والتدافع الاجتماعى لا يمكن ضبطه إلا بقانون علوى حاكم يحمى الناس حقوقهم ويحقق لهم الطمأنينة والرضى والسعادة.

وأكد أنه لا يمكن أن تقوم العلوم والفنون والترقى الحضارى المادى مقام النبوة، لأن القانون البشرى لم يستطع أن يوفر للناس حياة طيبة.. لأنه يولد من رحم مليئة بثغرات لا نهائية.

وشدد على أن العالم فى أشد الحاجة إلى قانون علوى يعلن المساواة والمؤاخاة بين الناس ويغرى بالتراحم وبالرحمة يضعها فوق العدل، وبالضعيف يحميه، ويرد عنه غائلة القوى والمتجبر وهذا موجود فقط فى برامج النبوة والأنبياء، وأن النبوة أعظم نعمة أنزلها الله تعالى على عباده وأهمها على الإطلاق من باب اللطف الإلهى بالإنسان وأن النبوة من نعم الله على البشرية أوجبها على نفسه من باب وجوب الرحمة على نفسه الكريمة تفضلا منه وإحسانا وامتنانا وأن النبوة بهديها وتعاليمها تبقى أمل الإنسانية وفردوسهم المفقود الذى يبحثون عنه ويتطلعون إليه وهو بين أيديهم وعلى مرمى نظرة إلى أطراف أصابعهم.

وأكد أن رسالة الإسلام عامة للناس جميعا تتخطى حدود الزمان والمكان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهذا العموم لم يزعمه المسلمون من عند أنفسهم لترويج الإسلام فى العالم وأن رسالة الإسلام قدمت كل ما تحتاجه البشرية فى الجوانب الروحية والأخلاقية؛ لذلك لم تحتج إلى نبوة أخرى.

وأشار إلى أنه رغم مرور خمسة عشر قرنا على رسالة الإسلام إلا أن معارفها الأخلاقية لا تزال الأنموذج الذى يوزن به كل تطور مادى وأنه رغم تطور العلوم المادية والمعارف الحسية التى كانت تحكم المجتمعات البشرية إبان ظهور الإسلام، فقد تبدلت عشرات المرات، ولا يوجد منها الآن أثر واحد يوجه حياتنا العملية، وهو أكبر دليل على قصر نظر النظرة البشرية..

وقال إن التاريخ المعاصر ملىء بالمآسى والفواجع والأزمات، ولا يزال عدد غير قليل من الدول والشعوب يئن تحت رحمة العابثين بهذه الدول وبشعوبها، وبمقدراتها وبمصائرها، وقد يعترف بعض العابثين بهذه الدول بخطئهم وجريمتهم، ولكن بعد فوات الأوان، وبعد أن يتم المطلوب، فى ظل عجز كامل للمؤسسات الدولية عن حمايتهم.

وأضاف أنه ليس أدل على ذلك مما سمعناه منذ أيام قليلة من قادة أكبر مؤسسة دولية أنشئت من أجل سلام الشعوب وحمايتها من الحروب، ومن الفقر والجوع والجهل والأمراض، وهو يعترف بفشل هذه المنظمة المهيبة، ويصرح بأنها عجزت عن تحقيق السلام، وأن الحروب والأزمات مازالت مستمرة، وبما يعنى الكثير من القلق على مستقبل الدول والشعوب.