طمعا في الشقة .. الأم وابنتيها قتلوا الزوج

الأم وبناتها المتهمات
الأم وبناتها المتهمات

‭  ‬حبيبة‭ ‬جمال

 في هذه الجريمة اختلطت الأوراق؛ فلم تعد تعرف من الجاني ومن المجني عليه، هل أخطأ عبد المنعم، ذلك الرجل الذي قارب على الثمانين من العمر في حق نفسه عندما تزوج عرفيًا من امرأة طماعة يخلو قلبها من الرحمة ولم تحفظ له الجميل، أم أن الجاني هي الزوجة التي طمعت في شقة الرجل الذي كان كريمًا معها ومنحها اسمه وقبل الزواج منها رغم أنها مطلقة ولديها بنتين، وانتهت تلك الزيجة بجريمة مقتل الزوج، وانتهى مصير الزوجة وابنتيها التي أشركتهما معها في جريمتها البشعة خلف القضبان، وظلت الشقة التي كانت سببًا في هذه الجريمة خالية كبيت اشباح، تشهد على غدر بعض البشر وجحودهم.

«قتلوا الحاج عبد المنعم».. خبر حزين انتشر كالنار في الهشيم ليجوب شوارع القرية ومحافظة البحيرة.. الكل يشير إلى منزل كبير أصبح يخلو من سكانه، الأهالي يتهامسون فيما بينهم: «بيقولوا كان متجوز عرفي ومراته قتلته عشان تاخد البيت».. الكل يضرب كفًا على كف في حالة من الحزن والصدمة على إنهاء حياة ذلك الرجل الذي يحبه الجميع، وها هو مات غدرًا وظل البيت شاهدًا على ذكريات سنوات عاشها فيها، ولكن ما هي الحكاية وكيف مات ذلك الرجل؟.

تعاطف وعرض زواج

عبد المنعم، رجل في منتصف السبعينيات من العمر، على المعاش، يمتلك منزلًا كبيرًا في كفر الدوار، طلق زوجته وتزوج أبنائه فظل وحيدًا يعاني قسوة الوحدة ، بدأت تسوء حالته النفسية، ففكر في الزواج وأن تكون له زوجة تشاركه وحدته وأيامه المعدودة في الحياة، ولكن كانت هناك عقبة من وجهة نظره وهو كبر سنه وحديث الناس، فقرر الزواج عرفيًا، وبالفعل وقع اختياره على سيدة تدعى ميرفت، كانت تعمل في التسول، تجوب المحافظة بحثًا عن المال، وهو كان دائمًا ما يساعدها، فمنذ أن رآها وتملكته مشاعر الإعجاب والحب منها، وظل يفكر ليالي في تلك الفكرة، حتى قرر مصارحتها بما يدور في عقله، فأخبرته أنها لديها بنتين، إحداهما متزوجة، ولكنه لم يعترض وأخبرها أن الزواج سيكون عرفيًا نظرًا لظروفه الخاصة، فوافقت على الزواج منه، لم يكن ذلك المسكين يدري أنه تزوج سيدة بلا قلب، وافقت على تلك الزيجة فقط لأنها كانت تطمع فيه ولديها أهداف أخرى غير الحب والونس.

صفقة الموت

مرت الأيام دون أن يعرف أحد بتلك الزيجة، يختلس عبد المنعم بعض الوقت للجلوس معها داخل شقتها بإحدى قرى المحمودية ثم يعاود مرة أخرى لمنزله، حتى بدأت تظهر نوايا ميرفت، وطلبت منه أن يتنازل عن منزله لها، حاولت معه مرارًا وتكرارًا، ولكنه كان يرفض ويتشاجر معها.

 بدأت تتقاذف الأفكار السوداء في عقلها وسيطرت عليها رغبة امتلاك كل شيء يخص الزوج المسكين، فجلست تفكر وتخطط كيف تحصل منه على البيت وتخرج من تلك الزيجة وهي منتصرة، فرسمت الخطة في ذهنها، واستدعت ابنتيها وزوج إحداهما وشقيقه وأخبرتهم بما تنويه ولم تأخذ وقتًا طويلا في إقناعهم، يبدو أنهم كانوا على استعداد لفعل أي شيء للحصول على المال بدون أي مجهود، وبعد رسم الخطة المحكمة، اتصلت ميرفت بزوجها تخبره بأنها تشتاق إليه وتطلب منه أن يأتي إليها لقضاء وقت ممتع في محاولة منه لإرضائه بعد المشاجرة التي تمت بينهما.

الليلة الأخيرة

فرح الزوج واستعد للذهاب إليها وهو يمني نفسه بقضاء وقت سعيد، وما أن ذهب إليها، أعدت له العشاء ثم قدمت له كوبًا من المياه الغازية، ورسمت على وجهها ابتسامة تخفي خلفها كل الشر، بعدما وضعت في الكوب ٤ أقراص مخدرة، وما أن شربها دخل في سبات عميق، وبكل قسوة وجحود أخذت بصمته على ١٢ إيصال أمانة لابتزازه فيما بعد، وكتابة تنازل عن البيت الذي يمتلكه، وقتها أحست بالفرحة والانتصار، وبدأت ترسم أحلامها وآمالها ولكن فاقت منها على كابوس مفزع عندما وجدته جثة هامدة لا يتحرك، فالمسكين لم يتحمل قلبه تلك الأقراص المخدرة ومات في الحال.

جلست تفكر مع شركائها ماذا يفعلون؟ فموت الزوج خرب خطتهم، كيف يتخلصون من الجريمة دون أن يكشفهم أحد، ظلوا طوال الليل يفكرون في حل، وفي الصباح خرجت ميرفت تصرخ بأعلى صوت «جوزي مات... الحقوني»، اجتمع الأهالي لمعرفة ماذا يحدث، مثلت على الجميع دور الانهيار والحزن، وقبل أن يستخرج مفتش الصحة تصريح الدفن شك أن هناك شبهة جنائية خاصة بعدما وجد آثار حبر على اصبع الإبهام، فأبلغ الشرطة.

بلاغ

انتقل على الفور رجال المباحث لمحل البلاغ، وبالفحص تبين أن الزوج يرتدى كامل ملابسه ووجود آثار حبر على إبهام اليد، فنقلت الجثة للطب الشرعي بمستشفى دمنهور التعليمي لبيان سبب الوفاة، وأكد التقرير وجود شبهة جنائية.

وتوصلت تحريات المباحث أن وراء الواقعة كل من:» ميرفت ابراهيم، وابنتيها أميرة عبده، سنية عبده وشهرتها «دهب»، سعيد إبراهيم، وشقيقه أحمد»، حيث انهم بالاتفاق بينهم جميعًا قاموا باستدراج المجني عليه، وإعطائه أقراص مخدرة للحصول على بصمته على إيصالات أمانة وابتزازه ماديًا في وقت لاحق وإجباره على التنازل عن الشقة الخاصة به الكائنة بدائرة قسم كفر الدوار بمحافظة البحيرة للمتهمة ميرفت والمتزوجة منه عرفيًا.

وتابعت التحريات، أن المتهمين وضعوا  4 أقراص مخدرة بكوب به مياه غازية « بيبسي»، وفور تناولها حصلوا على توقيعه على ١٢ إيصال أمانة وتنازل عن الشقة، وبمواجهة المتهمين اعترفوا بتفاصيل الجريمة وتمت إحالتهم لمحكمة الجنايات.

القصاص

ظلت القضية متداولة داخل ساحة المحكمة على مدار عامل كامل، وفي جلسة النطق بالحكم، وقف المتهمون خارج قفص الاتهام بجانب بعضهم البعض، تبدو على ملامحهم الحزن والخوف والترقب، وخاصة ابنتي الزوجة، نظرات أعينهما توحي بالخوف الشديد، وكأنهما يسبان تلك اللحظة التي انصاعتا فيها خلف حديث والدتهما، وورطتا نفسيهما في جريمة قتل دون قصد منهما، كل منهما كانت سارحة في خيالها، الابنة الكبرى تفكر في ابنتها الصغرى التي تركتها وحيدة بلا أم أو أب، والابنة الصغرى تفكر في مستقبلها الذي ضاع قبل أن يبدأ، قطع شردوهما صوت القاضي لينطق بحكمه، حيث قضت محكمة جنايات البحيرة، وتحديدا الدائرة السابعة، برئاسة المستشار أحمد محمد حلوسه، وعضوية المستشارين طاهر نبيل النحاس، وأحمد عادل شاهين، وبحضور عبد الحميد فؤاد، وكيل النائب العام، وأمانة سر محمد صالح السيد؛ بالسجن 15 سنة للزوجة وزوج ابنتها وشقيقه ومعاقبة نجلتيها بالسجن 5 سنوات، بعدما راعت المحكمة اعترافات المتهمين واستبعاد شبهة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وصغر سن إحدى المتهمات.

دم بارد

طالب عماد حمدي المعداوى محامى الضحية بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين الذين استدرجوا الضحية وقتلوه بدم بارد للاستيلاء على أمواله وشقته، فقال: «المتهمة منذ الأسبوع الأول من الزيجة وهي تخطط لجريمتها، حتى اتفقت مع نجلتيها وأزواجهما على استدراج الضحية وإجباره على التوقيع للتنازل عن شقته، ولكن لكبر سنه ومرضه لم يتحمل الأقراص المخدرة ومات، وشهدت جلسة النطق بالحكم مفاجأت عديدة حيث عندما واجهت المحكمة المتهمين، باع كل واحد منهم الآخر واعترف عليه، حتى أصدرت المحكمة حكمها الرادع» .

اقرأ أيضًا : ضبط شخص تعدى على طليقته ونشر صور لها وابتزازها بالبحيرة


 

;