ولاء الكدش: التربية وسيلة وغاية تنطلق مع بداية الحياة ولا تنتهي عند مرحلة معينة

صورة موضوعية
صورة موضوعية

عقد الجامع الأزهر اليوم الملتقى الأسبوعي من برامجه الموجهة للمرأة والذي يأتي تحت عنوان "صناعة الأم المثالية" حيث عقدت الحلقة الثانية والعشرين بعنوان" الأم وتأسيس عقلية الطفل" بحضور د. ولاء محمد الكدش، أستاذ مساعد ورئيس قسم الطفولة بكلية الدراسات الإنسانية بالقاهرة جامعة الأزهر الشريف، ود. أسماء مسعود البليطي، أستاذ علم النفس المساعد بكلية الدراسات الإنسانية بتفهنا جامعة الأزهر الشريف، وأدارت الندوة د. حياة العيسوي، الباحثة بالجامع الأزهر الشريف.

وأوضحت د. ولاء محمد الكدش، أن التربية وسيله وغاية تبدأ مع بداية الحياة ولا تنتهي عند مرحلة معينة، ولكن يوضع الأساس في بداية عمر الطفل، ومن أهم أنواع التربية هي التربية الإسلامية وتشمل تعليم الطفل العبادات والقيم وتكوين العقيدة ومن قبلها التربية العقلية إذ تعتبر تجهيز عقل الطفل لاستيعاب هذه العبادات.

 وتعرضت د. ولاء الكدش لأهم وسائل بناء عقل الطفل وكيفيه استخدامها، حيث تعتبر القراءة من أهم الوسائل التي تساعد علي بناء العقل وتوسعه عقله، كما تعتبر القدرة والمثل العليا من أهم الأساليب التي تسهل علي المربيين تعليم الاطفال، وأيضا عن طريق بعض الممارسات والأنشطة الإيجابية، وتنمية المهارات العقليه عن طريق القراءة والرسم، والمكعبات وغيرها.

و من جهتها أوضحت د. أسماء مسعود البليطي، أن الأم هي محور الحياة ومصدر الحنان والحب والعطاء والتضحية؛ فهي صانعة الأجيال ومنشئة الأمم، فالحياة دونها لا تكتمل، فهي تسعي دائما لرعاية أطفالها وتربيتهم وتعليمهم والعمل الدائم علي راحتهم والوصول بهم لأفضل حال دون كلل او ملل، ولذا يعد دور الأم عظيما ورسالتها كبيرة خاصة في حياتها الأسرية، ومن أجل ذلك نوه القرآن الكريم بمكانة الأم في قوله عز وجل في سورة لقمان" وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ "، فتكمن أهمية الأم في إعداد الإنسان وبنائه بناءً إسلامياً سليماً متصلاً بتراثه وثقافته متفاعلاً مع عصره وملتـزماً بقضايا مجتمعه وأمته يحيا لهدف واضح، فإذا أُهمل الإنسان ونشأ بلا تربية إسلامية واضحة المعالم وانفصل عن جذوره ضاع وأضاع مَن حوله.

اقرأ أيضًا| رئيس جامعة الأزهر يشهد احتفالية تخرج سفراء الوسطية من سلطنة بروناي دار السلام

 وتابعت د. أسماء البليطي: يأتي عظم المسؤولية على الوالدين بشكل عام وعلى الأم بشكل خاص لكونها الألصق والأقرب إلى أولادها بحكم إرضاعها ورعايتها لهم والقيام على خدمتهم فهي تقضي الوقت الأطول مع أبنائها، والأقرب إلى ملاحظة البنية العقلية والقيم السلوكية، والموجه نحو حرية التفكير والتزود بالمعرفة خاصة في السنوات الأولى من عمر الأبناء، فهي عامل بناء الشخصة وهي من تمتلك أدوات البناء من الناحية النفسية والرعاية الجسدية والفكرية وعليه يجب أن تكون الأم علي دراية كافية بمخاطر هذه المرحلة العمرية ودورها الريادي في تأسيس عقلية الطفل، وذلك باستثارته الفكرية وتدعيم الأعمال الإيجابية والسلوكيات الصحيحة من جانب الطفل وإتاحة الفرص للتعلم والخطأ مع التصحيح عن طريق القيام بالسلوك الجيد حتي يقلده الطفل ويتقنه ،وتوفير بيئة جيدة للنمو ، فما تزرعه الام اليوم يحصده المجتمع باسره ولهذا لا يجب اغفال هذا الدور الريادي والعمل دائما علي توعية الأمهات بهذا الدور. وبينت د. حياة حسين العيسوي، أن المجتمع الإسلامي يواجه مشكلات عظيمة، منها التقصير والتفريط والإهمال في تربية الأولاد، مما ينتج عنه انحرافا شديدا في أخلاق الشباب وعقوق الوالدين وقطع الأرحام وغيرها فكان لا بد من حل هذه المشكلة عن طريق التربية؛ فهي دعوةٌ وتعليمٌ ونصحٌ وإرشادٌ ونفعٌ للفرد والمجتمع، وكيف لا تكون من أعظم الأعمال وأجلِّها وهي مهمة الأنبياء والرسل، وقد قال تعالى: ﴿ هُوَالَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾، ومن أعظم ما افترضه الله علينا تجاه نعمة الذرية أن نقوم على أمر تربيتهم، وتعاهدهم بما يصلح لهم أمور دنياهم وآخرتهم, والأولاد زينةُ الحياة الدنيا فقد قال الله تعالى: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحياة الدنيا ﴾ وأضافت : وعن التربية تأمل دعاء امرأة عمران : " رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السميع العليم " ، فقولها " رب " فهو دلالة على أن الله عز وجل هو المتولي التربية، وكانت الاستجابة : " فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ" ثم تكلم الله عز وجل عن التربية بقوله عز وجل : " وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً. . وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا " سبحان من ألهمها كيف تنادي ونذرت ما في بطنها. وبعد ذلك جاء الجواب من جنس ما دعت. وأضافت: الأساس في التربية هو القدوة، فإن وجدت القدوة الصالحة سيأخذها الطفل تقليدًا، فقد يتعب القلب من تربية الأبناء وتعاني النفس من تمردهم مما يسبب الهم والغم للوالدين، ولذلك قيل عن عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمُبَارَكِ : " لَا يَقَعُ مِنَ الْفَضْلِ شَيْءٌ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ مِثْلُ السَّعْيِ عَلَى الْعِيَالِ ". ومن الأمور التي يراها القرآن في تربية الأولاد كما قال سيدنا لقمان عليه السلام من وصاياه لابنه التي فيها توجيهات تربوية عظيمة في شتى مجالات الحياة , وهي كما يلي: التحذير من الإشراك بالله كما قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ ، والأمر ببر الوالدين: قال تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ ، فالأولاد إذا فهموا أهمية بر الوالدين ثم أطاعوهما, ستكون التربية ناجحة، إلى غير ذلك من الوصايا الغالية في الآية الكريمة.