ليبيا تصارع أسوأ كارثة إنسانية ودعم مصري غير مسبوق

القوات المسلحة المصرية المتجهة إلى ليبيا لدعمهم في كارثة درنا
القوات المسلحة المصرية المتجهة إلى ليبيا لدعمهم في كارثة درنا

كانت بداية إعصار دانيال فى الرابع من الشهر الحالى حيث ضرب أجزاء من اليونان وتركيا وبلغاريا ولأنها إرادة الله ومشيئته فقد ضرب السبت قبل الماضى مدينة مصراته الليبية عند قدومه من اليونان دون أن يتسبب فى حدوث أى خسائر واجتاحت مدينة درنة الساحلية المطلة على البحر المتوسط التى تقع على بعد ٣٠٠ كيلو متر من مدينة بنغازى ويمر بها نهر يجف عادة فى الصيف ولكنه تحول بعد انهيار السدين إلى مجرى لتيار قوى من المياه التى جرفت معها عددا من الجسور الرئيسية وتضم ١٠٠ ألف من السكان وتسبب فى تضرر أحياء كاملة نتيجة الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة فأرقام الخسائر مرعبة، فرغم تعدد الأرقام فإن ارقام الهلال الأحمر الليبى تتحدث عن ٥٣٠٠ قتيل فى درنة وحدها حسب وزارة الداخلية المكلفة من قبل مجلس النواب وعشرين ألفا سقطوا فى المدن المنكوبة و٧ آلاف مصاب ومثلهم عالقون و١١ ألف مفقود مع إحصاء ٣٦ ألف نازح على شاطئ البحر المتوسط المقابل لمدينة درنة وفقا للمنظمة الدولية للهجرة من بينهم ٣٠ ألفا فى درنة نفسها والباقى يتوزعون على مدينتى البيضاء والمخيلى، كما وصل عدد المنازل المتضررة نتيجة السيول والانجرافات إلى ٥٠٠٠ منزل إلى جانب تضرر أكثر من ٣٥ كيلو متر من الطرق التى تحتاج إلى صيانة عاجلة وإعادة تأهيل بالإضافة إلى ٢٠ كيلو متر من الخطوط الرئيسية لتصريف مياه الأمطار مع انهيار شبكات مياه الشرب نتيجة ردم الآبار الجوفية مما ترتب عليه قطع المياه وبصفة عامة وصل عدد المتضررين إلى أكثر من ٨٥٠ ألف ليبى.

وكانت مصر هى الأسرع فى عمليات الإغاثة، حيث وجه الرئيس السيسى بعد عودته من قمة العشرين صباح الثلاثاء الماضى القوات المسلحة بتقديم كل أنواع الدعم الإنسانى من أطقم إغاثة ومعدات إنقاذ ومعسكرات إيواء للمتضررين وترافق ذلك مع وصول وفد عسكرى برئاسة الفريق أسامة عسكر رئيس الأركان تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى إطار دعم وتضامن مصر مع الشعب الليبي فى كل المحن والأزمات، حيث يتم التنسيق على آلية وسبل تقديم كل أوجه الدعم اللوجستى والإغاثة الإنسانية العاجلة بالتعاون مع الأجهزة والمؤسسات الليبية، حيث قررت فتح جسر جوى لنقل الدعم اللوجستى بدءا بوصول ثلاث طائرات عسكرية تحمل مواد غذائية وطبية و٢٥ طقم إنقاذ مزود بكل الأجهزة والمعدات اللازمة وطائرة أخرى لتنفيذ عمليات الإخلاء الطبي للقتلى والمصابين كما أعدت حاملة الطائرات ميسترال لتكون مستشفى ميدانيا مع اقامة معسكرات إيواء لمن فقدوا ديارهم جراء الإعصار ولعل ما يزيد من أهمية الدور المصرى فى عمليات الاغاثة ما تحدث به مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة عن ضرورة الاهتمام بالإغاثة البحرية عبر ممر بحرى للمساعدة العاجلة وعمليات الإجلاء خاصة مع تدمير كل الطرق المؤدية إلى درنة يترافق ذلك مع الدعوة الأممية لمكتب تنسيق الشئون الإنسانية فى الأمم المتحدة الذى طالب فى نداء له إلى جمع ٧١ مليون دولار لتأمين مساعدات عاجلة لنحو ربع مليون ليبى.

وكما يقول المثل فرب ضارة نافعة، حيث خلقت المأساة حالة من التضامن غير المسبوق بين كل الليبيين على الصعيد الشعبى والسياسى وهو ما رصده المبعوث الأممى عبدالله باتيلى عندما قال أرى أمامى ليبيا موحدة لا شرق ولا غرب ولا جنوب وقال إن الحكومتين تنسقان جهود الإغاثة، كما جسدت الكارثة توحيدًا لجهد الجيش الليبى، حيث يشارك فى عمليات الإنقاذ لواءان من الشرق لواء طارق بن زياد واللواء ٤٤٤ من الغرب الذى وصل إلى درنة مصحوبا بمستشفيين ميدانيين، كما عقد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد اجتماعا فى مدينة درنة للاطلاع على سير عمل اللجنة العليا للطوارئ والاستجابة السريعة لاحتياجات المناطق المتضررة من أثر السيول الناتجة وقال إن الحكومة ستتخذ اجراءات احترازية قد تشمل عزل المناطق المتضررة فى درنة عن باقى المناطق خوفا من احتمال انتشار أوبئة وخصص مجلس النواب الليبى الاعتمادات المالية اللازمة من خلال ميزانية الطوارئ للدولة لكل المدن المتضررة وأعلن عبدالحميد الدبيبة عن صرف مليارى دينار حوالى ٤٥٠ مليون دولار بصفة عاجلة لمعالجة تداعيات المأساة وبدأت الماساة تأخذ مسارا مختلفا بتوافق الجميع بالدعوة إلى فتح تحقيقات حول عدم القيام بأى مشروعات ترميم سدى درنة منذ عام ٢٠١١ مع ظهور تقرير من مهندسين وخبراء بضرورة الترميم لعدم قدراتها على استيعاب الأمطار منذ أكثر من ثلاث سنوات وهى تقارير لم يعتد بها.