هل ينجح الجمهوريون فى عزل الرئيس بايدن؟

كيفين مكارثى يطالب بعزل جو بايدن
كيفين مكارثى يطالب بعزل جو بايدن

أطلق رئيس مجلس النواب الأمريكى كيفين مكارثي العنان لقوة سياسية خطيرة لا يمكن التنبؤ بها فى انتخابات تعد بالفعل أكثر انتخابات غير عادية فى تاريخ أمريكا المعاصر، وذلك بفتح تحقيق عزل ضد الرئيس جو بايدن. والسؤال الرئيسى الذى يتردد مع الاتجاه نحو محاولة العزل الثالثة خلال ثلاث سنوات ونصف، هو هل هذه المحاولة يمكن ان تكون مبررا لعكس مسار انتخابات ديمقراطية للإطاحة ببايدن؟

إساءة استخدام السلطة والكذب وتغذية ثقافة الفساد، هى التهم التى وجهها الزعيم الجمهورى فى مجلس النواب الأمريكي كيفن مكارثي، ضد بايدن، داعياً إلى إطلاق تحقيق بشأن أعمال ابنه المثيرة للجدل فى الخارج. فهل يكون هانتر بايدن لعنة على عائلته؟ وهل سبق عزل رئيس أمريكي؟

دستورياً يحق للكونجرس الأمريكى عزل الرئيس بتهمة الخيانة أو الرشوة أو غيرهما من الجرائم الكبرى، فى إجراءٍ يتم على مرحلتين. إذ يتعين أولاً على مجلس النواب أن يوجه الاتهام إلى الرئيس، لتنتقل بعدها القضية إلى مجلس الشيوخ الذى يتولى محاكمة الرئيس فى إجراء ينتهى بالتصويت على إدانته. ويدان الرئيس وبالتالى يعزل تلقائيا إذا صوت أكثر من ثلثى أعضاء مجلس الشيوخ لمصلحة إدانته وإلا فتتم تبرئته.

حالياً، تجرى لجنة الرقابة فى مجلس النواب التى يقودها الجمهوريون، سلسلة من التحقيقات البرلمانية فى شؤون هانتر؛ ابن الرئيس بايدن؛ المتهم بالاستفادة من سلطة والده فى مشاريع تجارية مشكوك فيها. وتحقق اللجنة فيما إذا كان الرئيس بايدن قد تورط ولو بشكل بسيط فى تعاملات ابنه التجارية وهو أمر نفاه سابقاً بشكل مطلق. 

وندّد البيت الأبيض على الفور بهذا التحقيق، واتهم الجمهوريين باللجوء إلى «أسوأ المناورات السياسية المتطرفة» قبل عام من الانتخابات الرئاسية. فى حين قال الناطق باسم البيت الأبيض إيان سامرز؛ إن «الجمهوريين فى مجلس النواب حققوا مع الرئيس لمدة تسعة أشهر ولم يعثروا على دليل واحد على ارتكاب مخالفات».

يتّهم رئيس لجنة الإشراف التابعة لمجلس النواب جيمس كومر (وهو من بين الجمهوريين الذين يقودون التحقيق) «عائلة بايدن» من دون ذكر اسم الرئيس صراحة و»أعوانها» بالحصول على دفعات يتجاوز قدرها 20 مليون دولار من كيانات خارجية. كما وجه محقق خاص تابع لوزارة العدل الأمريكية الخميس ثلاث تهم فيدرالية إلى هانتر، بينها حيازة سلاح نارى بشكل غير قانوني. وهذه أول مرة فى التاريخ الأمريكى توجه لائحة اتهام إلى ابن رئيس ما زال يمارس مهامه فى البيت الأبيض.  ووجهت إلى هانتر الذى بات هدفا لليمين الأمريكي، تهمتا الإدلاء بتصريح كاذب عند شرائه سلاحا ناريا فى ديلاوير فى 2018، مع نفيه أنه يعانى مشكلة تعاطى المخدرات. وتنص التهمة الثالثة على أنه اشترى السلاح بشكل غير قانونى وهذه تهمة يمكن أن يعاقب عليها بالسجن عشر سنوات. وتم تقديم التهم من قبل المحقق الخاص لوزارة العدل ديفيد فايس، الذى يحقق مع بايدن منذ عام 2018. 

إذا مضت إجراءات عزل بايدن فى طريقها، فإنه سينضم إلى قائمة تضم أسماء قليلة من رؤساء أمريكا الذين ساروا فى هذا الطريق، مع مكانة خاصة لسلفه دونالد ترامب الذى تعرض لمحاولتين عزل أو مساءلة. كانت الأولى تتعلق باستخدام صلاحياته الرئاسية وربما المساعدات العسكرية لمحاولة جعل الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى يبدأ تحقيقا جنائيا حول بايدن، الذى أصبح فيما بعد منافسه فى انتخابات الرئاسة عام 2020.  

والآن، فإن وكلاء ترامب من الجمهوريين فى مجلس النواب، يحولون تحقيق العزل إلى سلاح لمحاولة تدمير خصمه السياسى المحتمل فى الانتخابات القادمة. ولو عاد ترامب إلى البيت الأبيض، تقول سى إن إن ربما يجد زيلينسكى أن انتقام الرئيس الـ 47 منه للفشل فى التحرك فى المرة الأولى هو قطع المساعدات العسكرية التى تحتاجها أوكرانيا للبقاء دولة ذات سيادة بعد الغزو الروسى بقيادة  الرئيس بوتين، الذى أشاد به ترامب.

وتضم القائمة الرئيس الديمقراطى أندرو جونسون، الذى بدأت إجراءات عزله بعدما أصدر الكونجرس قانون «حيازة المنصب»، الذى قيد سعى جونسون بشأن فصل عدد من المسئولين الحكوميين المعينين من قبل سلفه الجمهورى أبراهام لنكولن. ورغم إدانته من مجلس النواب، تجنب الإدانة فى مجلس الشيوخ.

وكذك الرئيس ريتشارد نيكسون، الذى واجه تحقيقات عزل على خلفية فضيحة ووترجيت، لكنه استقال قبل إدانته. والرئيس بيل كلينتون الذى واجه مساءلة أيضا بسبب فضيحة مونيكا لوينسكى، وتجنب الإدانة أيضا.

وبهذا نجد انه لم يسبق أن أقيل أى رئيس من منصبه من جرّاءِ عزله. وعندما كان دونالد ترامب فى السلطة، أقر مجلس النواب مواد العزل فى 2019 ومرة أخرى فى 2021. وبرّأه مجلس الشيوخ فى المرتين. والآن، يهيمن الديموقراطيون على مجلس الشيوخ ما يعنى أن عزل بايدن مستبعدًا.

ضغط الجناح المدافع عن ترامب فى الحزب الجمهورى من أجل عزل بايدن منذ انتخابه فى 2020. ويرى كثير من المراقبين إن تحرك أنصار ترامب من أجل عزل بايدن الآن هو انتقام لمحاولة الديموقراطيين عزل ترامب مرتين عندما كان رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعدما حصلوا على الغالبية فى مجلس النواب هذا العام.

لكن بينما كانت تصرّفات ترامب التى دعمت عزله موثّقة، إلا أن الديموقراطيين وحتى بعض الجمهوريين يصرّون على أن كومر لا يملك أدلة حتى الآن على ارتكاب بايدن مخالفات.
يرى البعض ان من شأن التحقيق فى هذا التوقيت أن يصرف الأنظار عن المشاكل القانونية الهائلة التى تثقل كاهل ترامب علما أنه يواجه 91 تهمة جنائية ستنظر فيها أربع محاكمات خلال العام المقبل. كما يمكن لصورة بايدن كشخصية مستقيمة أن تشوّه من جرّاءِ الجلسات المتلفزة المرتبطة بتعاملات نجله التجارية.

من جهه أخرى يشعر عدد من الجمهوريون بمجلس الشيوخ الأمريكى بعدم الرضا عن قرار مكارثى بفتح تحقيق لـ عزل بايدن وسط مخاوف من ان يأتى التحقيق بنتائج عكسية على حزبهم.‏

ويأتى قرار العزل فى الوقت الذى يسعى فيه مكارثى إلى حشد أعضائه حول استراتيجية تمويل حكومية من ‏‏شأنها أن تمنع الإغلاق الحكومى فى نهاية الشهر وكانت هناك تكهنات منذ فترة طويلة بأن المساءلة يمكن ‏أن ‏تكون محاولة للمساعدة فى كسب الأصوات لتجنب الإغلاق.‏‏