تهريب الآثار والتنظيمات الإرهابية

أيمن فاروق
أيمن فاروق

الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬خوارج‭ ‬هذا‭ ‬العصر،‭ ‬يتحدثون‭ ‬باسم‭ ‬الدين‭ ‬والإسلام‭ ‬منهم‭ ‬براء؛‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬انضموا‭ ‬لتلك‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة،‭ ‬تحت‭ ‬زعم‭ ‬أن‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬الجنة‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬هناك‭!‬،‭ ‬وآخرين‭ ‬تم‭ ‬غسل‭ ‬عقولهم‭ ‬بخرافات‭ ‬ومبررات‭ ‬واهية،‭ ‬فأين‭ ‬العقل‭ ‬والمنطق؟،‭ ‬هل‭ ‬انتشر‭ ‬الإسلام‭ ‬بحد‭ ‬السيف؟،‭ ‬أم‭ ‬بالحكمة‭ ‬والموعظة‭ ‬الحسنة‭.‬

هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬كانت‭ ‬مجرد‭ ‬استهلال،‭ ‬للإجابة‭ ‬على‭ ‬سؤال؛‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬تنفق‭ ‬تلك‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬مصادر‭ ‬تمويلها؟،‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬ما‭ ‬صُنف‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬أغنى‭ ‬منظمة‭ ‬إرهابية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬لسيطرته‭ ‬آنذاك‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الكبيرة،‭ ‬واقتصاده‭ ‬كان‭ ‬يقارب‭ ‬حجم‭ ‬اقتصادات‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الصغيرة‭ ‬آنذاك،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬صعد‭ ‬سريعا‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة،‭ ‬فمصادر‭ ‬تمويل‭ ‬داعش‭ ‬التي‭ ‬تناهز‭ ‬ملياري‭ ‬دولار،‭ ‬ويتحصل‭ ‬عليها‭ ‬عبر‭ ‬نهب‭ ‬الأموال‭ ‬خلال‭ ‬سيطرتهم‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬الموصل‭ ‬واستولى‭ ‬أحد‭ ‬الإرهابيين‭ ‬بالتنظيم‭ ‬المتطرف‭ ‬على‭ ‬سبائك‭ ‬ذهبية‭ ‬تقدر‭ ‬بأربعمائة‭ ‬وثلاثين‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬بالعراق،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬نهب‭ ‬أموال‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬يعد‭ ‬ثاني‭ ‬أهم‭ ‬مصدر‭ ‬تمويل‭ ‬لداعش‭ ‬ويعد‭ ‬شمال‭ ‬سوريا‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الغنية‭ ‬بالنفط‭ ‬الذي‭ ‬سيطر‭ ‬عليها،‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬تبرعات‭ ‬الأثرياء،‭ ‬تدعم‭ ‬وتمول‭ ‬تلك‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جمعيات‭ ‬خيرية‭ ‬تشجع‭ ‬التابعين‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬أموال‭ ‬الذكاء‭ ‬والتبرعات‭ ‬إلى‭ ‬السوريين‭ ‬بحجة‭ ‬الإغاثة‭ ‬لكن‭ ‬تلك‭ ‬الأموال‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬داعش‭ ‬والنصرة‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭.‬

لم‭ ‬تقتصر‭ ‬مصادر‭ ‬تمويل‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فقط‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬تجارة‭ ‬السلاح،‭ ‬وذلك‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬عصابات‭ ‬منظمة‭ ‬ومهربين‭ ‬يتخفون‭ ‬خلف‭ ‬اللحية‭ ‬ومصطلحات‭ ‬ومسميات‭ ‬إسلامية،‭ ‬والإسلام‭ ‬منهم‭ ‬براء،‭ ‬مصادر‭ ‬تمويل‭ ‬أخرى‭ ‬لتلك‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬تهريب‭ ‬الآثار،‭ ‬أبرز‭ ‬تلك‭ ‬العمليات‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬تنظيمات‭ ‬إرهابية‭ ‬مثل‭ ‬داعش‭ ‬والقاعدة‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق،‭ ‬والغريب‭ ‬أنهم‭ ‬كانوا‭ ‬يعتبرون‭ ‬هذه‭ ‬الآثار‭ ‬أصناما‭ ‬وحجارة،‭ ‬فحطموا‭ ‬بعضها‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬تهريبها،‭ ‬لكن‭ ‬الكثير‭ ‬احتفظوا‭ ‬بها‭ ‬وهربوها‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬أوروبا،‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬المال‭.‬

السرقة‭ ‬أيضا‭ ‬والاتجار‭ ‬في‭ ‬البشر‭ ‬والخطف،‭ ‬مصادر‭ ‬تمويل‭ ‬أخرى‭ ‬للتنظيمات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬أما‭ ‬بيع‭ ‬القطع‭ ‬الأثرية‭ ‬فهم‭ ‬يعتبرونها‭ ‬مصدر‭ ‬مربح‭ ‬وتعد‭ ‬ثالث‭ ‬أكبر‭ ‬مصدر‭ ‬للتمويل،‭ ‬وقد‭ ‬أفادت‭ ‬تقارير‭ ‬صادرة‭ ‬من‭ ‬منظمات‭ ‬حقوقية‭ ‬أن‭ ‬الإيرادات‭ ‬من‭ ‬بيع‭ ‬الآثار‭ ‬المنهوبة‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬أثري‭ ‬بمدينة‭ ‬النبك‭ ‬غربي‭ ‬دمشق‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬36‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭.‬

كما‭ ‬كشفت‭ ‬تلك‭ ‬التقارير،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬كوين‮»‬،‭ ‬اعتبرته‭ ‬تلك‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬بديلا‭ ‬مناسبا‭ ‬لتمويلها‭ ‬أيضا،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬إجراءات‭ ‬الدول‭ ‬الصارمة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬غسيل‭ ‬الأموال،‭ ‬وبدأت‭ ‬تنحصر‭ ‬قدرة‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬على‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬المصرفية‭ ‬الرسمية،‭ ‬مما‭ ‬جعلهم‭ ‬يعتمدون‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬أخرى‭ ‬للتمويل‭ ‬واستخدموا‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬كوين‮»‬‭ ‬كبديل‭ ‬للعملة‭ ‬الورقية،‭ ‬لما‭ ‬تتسم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬خصائص‭ ‬إخفاء‭ ‬هوية‭ ‬مستخدميها‭ ‬مما‭ ‬يسهل‭ ‬على‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬استخدامها،‭ ‬المخدرات‭ ‬تعتبرها‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬مصدرا‭ ‬للتمويل،‭ ‬وتبرر‭ ‬استخدامها،‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬تقطع‭ ‬أصابع‭ ‬من‭ ‬يدخن‭ ‬السجائر‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تتاجر‭ ‬فى‭ ‬المخدرات،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬تورط‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬فى‭ ‬بلاد‭ ‬المغرب‭ ‬الإسلامى‭ ‬فى‭ ‬تهريب‭ ‬القنب‭ ‬والكوكايين‭ ‬وحماية‭ ‬تجار‭ ‬المخدرات،‭ ‬لهذا‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الشيء‭ ‬ونقيضه‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭.‬


 

;