محطات فى حياة سفاح الجيزة

السفاح وزوجته التى كشفت جرائمه
السفاح وزوجته التى كشفت جرائمه

أسماء‭ ‬سالم

  مهما بلغ المكر مداه فحتمًا سوف ينكشف الماكر في النهاية، ويكون مكانه الحقيقي وراء القضبان، حالة إجرامية فريدة؛ هو سفاح ونصاب ومخادع كل هذه الصفات اجتمعت كلها في قلب اسود لشخص واحد، رأس شيطانية تدبر وتخطط وتنفذ بدم بارد حتى يقع ضحاياه في فخه، متلذذًا في سلب حياتهم، هذا الثعبان هو "سفاح الجيزة" الذي تناولنا جرائمه بالتفصيل وعلى مدار أعداد منذ الكشف عنه وسقوطه في يد الأمن ومنها إلى العدالة التي قضت بإعدامه، ولكن لماذا نكتب عنه الآن مرة أخرى؟!، لأننا حصلنا على أسرار جديد في حياة السفاح "قذافي".

في عام ٢٠٢٠، استنجدت امرأة تدعى مي في العقد الثالث من العمر "بأخبار الحوادث"، بأنها متزوجة لكنها اكتشفت بأن عقد زواجها مزور، وزوجها اختفى بعد ٦ أشهر من الزواج، فلم تعرف كيف تبدأ لإثبات الزواج ولا تعرف اين اختفى زوجها؟!

تقدمت مي بمحضر حررته داخل قسم الشرطة، وبدأت النيابة تحقق، وتحولت القضية من إثبات زواج والبحث عن زوجها الى قضية رأي عام لسفاح وقاتل متسلسل، وبدأت»اخبار الحوادث» تتابع القضية حتى حصلت مي على بطلان عقد زواج، ولكن كيف حدث هذا؟!

***

بدأت قضية مي، ابنة العائلة الثرية وحيدة والديها عندما تقدم لخطبتها شاب يدعى محمد يعمل مهندس الالكترونيات دخل الى بيتها يتمنى الزواج منها، ولكن قبل الذهاب إلى خطبتها تعرف على صديق والدها عن طريق الصلاة المنتظمة معه في المسجد؛ فأستطاع أن يقنع الرجل بتدينه وملامحه الطيبة؛ وفي يوم قرر أن يجعل صديق والد مي وسيطا بينه وعائلة مي وبالفعل ذهب طالبًا يدها، وعرف نفسه بأنه يعمل مهندس الكترونيات يتيم الابوين واشقاؤه يعملون في السعودية وهو ايضًا كان يعمل معهم ولكن قرر العودة الى أرض الوطن ليتزوج ببنت من بلده.

وأوهمهم أنه يمتلك حضانة بالمشاركة مع سيدة فاضلة، فكانت كلمات العريس بمثابة السحر الذي أخذ أعين عائلة العروسة اقتنعوا به وبملامحه الطيبة وعينه الساكنة، لا يبدو عليه أنه شخص سيء، قدم شبكة خاتم سولتير، وبدت محادثته مع عائلة العروس بمنتهى الرقي والتحضر، بالإضافة إلى كرمه المبالغ في الهدايا مع كل زيارة لخطيبته، ودائما يشجع العروس على فعل الخير للمحتاجين، لم يمر بجانبه أي متشرد إلا ويعطيه ٥٠ جنيها، فأبهر مي وعائلتها بأخلاقه العالية.

وبعد 10 ايام من الخطبة، استطاع شراء شقة جديدة وبدأت مي في تجهيزالعش السعيد بفرحة وشغف مثل جميع الفتيات، وصار محمد العريس يدخل ويخرج الى منزل العروس بعدما اعتبره اهل البيت فردًا من العائلة، وقبل موعد الفرح بأسبوع اتصلت مي على خطيبها لتعلمه بذهابها مع والديها لشراء بعض مستلزمات الفرح وبعد عودتهم بساعات اكتشفت مي سرقة المصوغات الذهبية التي تمتلكها هي ووالدتها، كيلو ذهب لا يقل ثمنه عن4 ملايين جنيه، ومن ضمن السرقة الشبكة الخاتم سوليتر.

***

ليسرع والد مي بإبلاغ الشرطة للبحث عن السارق ولكن دون جدوى وتقيد المحضر ضد مجهول رغم تحريات المباحث التي أكدت أن المجرم يعرف المنزل جيدًا لعدم وجود عنف بالاقتحام، اقترح العريس تركيب كاميرات خارج وداخل المنزل لمنع أي سرقة وحماية اهل البيت، فكان دائما يتحدث عن الجرائم والقانون وكأنه مستشار قضائي، اعتقدت مي انه مثقف بكل شيء وهذا كان يبهرها فيه اكثر فأكثر، طلبت مي من العريس تأجيل الفرح ولكن والدها رفض، وتم عقد القران في موعده وقيام العريس بإعداد فرح كبير تحاكى به عائلة العروس وتمنى صديقاتها أن يتزوجن يوما ما رجلا مثل محمد الكريم الطيب الذي لم يبخل على عروسه بشيء، وحضر المأذون التابع للعريس إلى قاعة الفرح وفيها تم عقد القران، وشعرت مي انها اسعد فتاة على وجه الارض، كل احلامها تحققت خلال شهر ونصف.

وبعد الزواج بأيام لاحظت مي أن محمد دائما يغير من ملامحه، يصبغ شعره، يترك لحيته ثم يقوم بتهذيبها، حتى طريقة ملابسه؛ اعتقدت بأنه يهتم بنفسه ليعجبها أكثر فأكثر، وكان معتاد على الخروج والعودة من وإلى المنزل في مواعيد محددة، وفي يوم علمت مي بحملها وعندما أخبرته شعرت وكأنه يطير من الفرحة، فلم يتردد في أن يأتي لها بأشهى المأكولات وهي جالسة في مكانها زاعمًا لها أن سيجلس على راحتها، وبعد ايام تفقد مي حملها لكنها بعد شهرين حملت مرة اخرى وتكرر نفس الامر، لم تعلم مي هل فقدان الجنين بفعل فاعل ام مجرد صدفة، فليس لديها إثبات على شكوكها؟!

وبعد ٦ أشهر زواج اختفى الزوج، ومي لا تعرف عنه شيئا، سألت عنه في كل مكان ولكن بلا جدوى، وبعد أيام اتصل عليها زوجها يخبرها انه في عمل بمحافظة القاهرة ويريد بعض المال وأرسل اليها شخص كي يأخذ 5 آلاف جنيه إلى أن  حدثت مفاجأة لم تكن على البال أو الخاطر.

***

فوجئت بعد مرور يومين بحارس العمارة يطرق بابها يطلب إيجار الشقة، هنا كانت بداية ظهور الوجه الآخر لمحمد؛اعتقدت مي بأن الحارس اخطأ لأن الشقة التي تعيش فيها تمليك ومعها عقد تمليك بذلك، فأكد لها البواب بأن الشقة إيجار، ذهبت مي إلى عائلتها وهي في حالة صدمة لتخبرهم بما حدث، وحاولت الاتصال بزوجها «المصون» ولكن هاتفه مغلق دائمًا فالشك تملك منها أكثر وكاد أن يعصف بعقلها؛ فذهبت مسرعة الى الحضانة الذي يزعم أنه يمتلكها وكانت المفأجاة الثانية؛ بأنها إيجار ايضًا.

فذهبت الى قسم الشرطة، وابلغت عما حدث معها، وكانت المفأجاة الثالثة؛ بأن عقد الزواج مزور، والمأذون نصاب، وبدأت التحريات وأثناء انتظار مي بالقسم شاهدت بالصدفة زوجها ولكن مقبوض عليه في إيصال امانة باسم مختلف وكان على وشك الخروج من القسم، بمجرد أن رأته مي صفعته على وجهه، وظلت تصرخ في القسم حتى فقدت وعيها، وتم احتجاز النصاب، مرة أخرى، وتقدمت محامية مي بأوراق الزواج وبطاقة الزوج المزعوم التي تزوجت بها مي والتي هي في الأساس مزورة، وأثناء تفتيش الحضانة التي كان يستأجرها؛ عثر رجال الشرطة على العديد من بطاقات الرقم القومي كلها مزرة بأسماء ومهن مختلفة، ومنذ تلك اللحظة بدأت الحقائق تظهر شيئا فشيئا عن المجرم السفاح قذافي فرج؛ علمت مي انها تعرضت لعملية نصب محكمة؛ توجهت الى السجل المدني لتستعلم عن عقد زوجها تبين أنه لا وجود له وايضا لا يوجد مأذون بالاسم الموقع على عقد الزواج لتكتشف أنه اسم وهمي.

***

ولم تتوقف المفاجآت عند هذا الحد؛ سرعان ما علمت بسلسلة جرائم قذافي التي ظهرت تباعًا؛ وفي ذلك الوقت تقدمت احدى زوجاته بمحضر سرقة ضده، تتهمه بسرقة محل ذهب يمتلكه والدها، وهي طبيبة صيدلانية، وكشفته كاميرات المراقبة وهو يسرق المحل، وتعرفت اسرة الصيدلانية على المتهم، وتبين انه خريج حقوق ولم يعمل بالمحاماة بل استخدم دراسته للقانون للنصب وقتل الآخرين.

وكان أول ضحية له شخص يدعى رضا يعمل مهندسًا في السعودية، اعتاد أن يرسل مدخراته إلى قذافي لكي يسثتمرها له باعتباره محل ثقة دون أن يعلم أن صديقه خدعه واستولى على تلك الأموال والممتلكات، بموجب توكيل رسمي، أقنع رضا بتحريره له، وفي عام 2015، عاد رضا فجأة من السعودية، وطالب السفاح بتصفية الحسابات المالية؛ فأعد المتهم خطة لقتله؛ حيث دعاه إلى تناول العشاء في منزله بمحافظة الجيزة وضربه على رأسه بأداة حديدية دون توقف، وخلال دقائق لفظ المهندس أنفاسه الأخيرة، ودفن قذافي رضا في حفرة عمقها مترين داخل إحدى غرف منزله، كان قد أعدها قبل أيام من القتل ضمن خطته للتخلص من الجثة ولكي يضلل أسرة القتيل، أرسل رسالة من الهاتف المحمول الخاص بالضحية إلى زوجته، مفادها أن الشرطة ألقت القبض عليه.

وقتل زوجته، ثم دفنها في حفرة داخل غرفة أخرى، ثم قتل نادين شقيقة زوجته فاطمة، وكانت تعمل في إحدى المكتبات التي استولى عليها قذافي، ثم قتل الضحية رابعة حيث خنقها وذلك عقب اكتشافها عملية النصب والاحتيال التي تعرّضت لها من قبله، بعد أن اشترك مع خطيبها في بيع شقة تملكها والحصول على مبلغها وتقاسما المبلغ بينهما دون إعطائها أي شيء من الأموال.

***

وها هي النهاية الحتمية..؛

قضت محكمة جنايات الجيزة بإعدام قذافي فراج .

أما مي اقامت دعوى بطلان زواج واكد مصطفى ياسين احد محامي الدفاع عنها انها حصلت على حكم بطلان عقد زواج ولم تستطع اثبات سرقة مجوهراتها بقيمة 4 ملايين جنيه.

ظلت الاحداث التي عاشتها مي مثل البقعة السوداء في قلبها، لم تتمن الابنة الوحيدة لعائلة ثرية سوى العيش حياة هادئة، لكنها وجدت نفسها في صراع مع واقع مؤلم وفقدت الثقة بمن حولها، وعاشت حالة اكتئاب ولم يرتح قلبها إلا بعد حصولها على حكم بطلان عقد الزواج، ومع مرور الوقت قررت بدء حياة جديدة بكل شجاعة وقوة.

ومنذ ايام بدأ عرض مسلسل سفاح الجيزة بطولة الفنان أحمد فهمي التي تدور أحداثه عن حياة السفاح قذافي وجرائمه التي وقعت في سنة 2020.

اقرأ أيضًا : القبض على المتهم بقتل زوج شقيقته في القليوبية


 

;