قضية ورأى

الصحافة القومية

فرج حموده
فرج حموده

من أبجديات الحرية ألا تكون مضطرا للمفاضلة بين مخاطر الإفصاح ومزايا الكتمان أو الصمت، والحمد لله نعيشها الآن.
يقال إن الصحف القومية هى لسان الدولة وهذا شرف لا تستطيع أى صحيفة قومية أن تدعيه، والصحيح أنها عين من عيون الشعب المصرى الطيب.


وكم نشرت حلولا لآلاف المشاكل ونشرت بحوثا علمية وآراء غيرت مجرى حياتنا، بل وكانت متنفسا لأهل العلم الذين لا تجرى وراءهم قنوات التليفزيون الخاصة لينشروا ملخصات من علمهم وخبراتهم.


وقد كتبت أنا شخصيا فيها مقالات حول مشاكل بحيرة ناصر لو لم تكن هناك حرية رأى فيها لما تم نشرها، وهاجمت ولازلت مجلس النواب لإحجامه منذ 2017م عن طرح قانون ( هامش الربح) لحل مشكلة زيادة الأسعار باطراد.


ومن أسبوع سألت أحد الطلبة النابهين فى السنة النهائية من كلية الهندسة عن معلوماته عن (البريكس) فوجدته (أبيض) واعتذر أن دراسة الهندسة من القسوة أن ينام الطالب فيحل فى حلمه مسألة هندسية مستعصية عليه فى يقظته وهذا حقيقي، ساعتها تذكرت أنى فى 1956 كان والدى يعمل فى (فايد) وذهب (سيدنا) - شيخ الكتاب - ليقدم أوراقى للمدرسة الابتدائية بنفسه وطلب إلحاقى بالصف الرابع مباشرة وامتحان الابتدائية فسأله ناظر المدرسة - وكان إنجليزيا - فسأله عن السبب ، فرد عليه سيدنا: (الولد نبيه ومعلوماته غير عادية وشاطر للغاية حتى إسأله فى أى معلومات) فسألنى الناظر : مين وزير التربية والتعليم فقلت له: كمال الدين حسين، فقال لا أنا أسألك عن الوزير اللى لسه ماشى مش الجديد قلت له اسمه محمد عوض محمد، فسألني: (عرفت المعلومة دى ازاي) فقلت له أنا أشترى الجورنال كل يوم وأقرأه لوالدتي، فسألنى عاوز تبقى إيه لما تكبر قلت له: (عاوز ابقى زى جمال عبد الناصر) فقال بغضب: يروح سنة أولى، فوجدت الشيخ سيد ينسحب خارجا، وفهمناها لما كبرنا.


الصحف القومية تحمل أمانة أمام الله ومن مهامها بناء عقول الصغار وإيضاح حقائق الأمور لمن يجهلها، وأيضا فى أبوابها متنفس القراء ببيان شكاواهم ومشاكلهم بدون رتوش فيقرأها من رأس الدولة حتى أصغر مسئول فيها.


أما البوابات الإلكترونية للصحف القومية فهى الملجأ البديل لتآكل قراءة الصحف الورقية لتستمر فى تأدية رسالتها الوطنية.
إن دور الصحف القومية الآن لا يقل خطورة عن دور المدفع فى الحفاظ على مكتسبات الوطن، فالوطن فوق الجميع وبالتالى هناك ميزان دقيق يوازن بين ما يضر وما ينفع.