بينى وبينك

رأس الكلب

زينب عفيفى
زينب عفيفى

المبدع محمد أبوزيد يخوض تجربة جديدة فى روايته « ملحمة رأس الكلب» التى صدرت مؤخرا، حيث كسر قواعد السرد التقليدية فى الكتابة، ووضع قواعد تخصه وحده ليدخلنا عالما من الفانتازيا والخيال الجامح مع واقعية مدهشة كما لو كنا نقرأ عالم ديزنى بكل سحره الجذاب، أخذنا أبو زيد بكل سلاسة السرد الخاطف إلى عالمه من خلال حكى قصة فتاتين «دو» التى يحمل اسمها الحرف الأول فى السلم الموسيقى وصديقتها لبنى التى تعشق السحر، لتشكلا  معا حكاية فانتازيا مع شخوص برؤوس حيوانات زرافة و قطة  وكلب، ليكشفوا  معا عالم الحياة المعاصرة، حيث الشوارع والمقاهى ومحطات المواصلات ومنصات «تيك توك»، كلها عوالم مقنعة واقعيا، مع وجوه مستعارة، تجمع بين أبطالها الهوية المفقودة. 

وضعنا المؤلف من أول سطوره فى دهشة اختيار أسماء أبطاله، التى بدأت بالبحث عن سنجاب « دو» حيث تسمع صوت نباح كلب تجهل مصدر صداه فى صمت الليل، ولكنها تشعر به حين تتعاطف مع شاب يحمل رأس كلب، يرتدى بنطال جينز أزرق وقميصا أبيض بياقة زرقاء، وحزاما أسود، يغطى رأسه طوال السرد لإخفاء وجهه وأذناه اللتان تلتصقان به وهو يسير فى الشارع.  والغريب فى الحكاية أن البطلة « دو» تتوحد معه لمعرفة مصيره. وامتلأت غرفتها بصور الكلاب، فى سردية تجمع بين الفانتازيا والواقع بالإيحاءات الرمزية التى تمتلئ بها حكايات الرواية بدءا من حارة السماء إلى حى بولاق أبو العلاء شديد الزحام، «فكلما كثر الناس من حولك، استطعت الحصول على عزلتك» على حد السرد الفلسفى الذى أدخلنا فيه الكاتب من أول سطر فى روايته ونقلنا من حكاية لحكاية بكل عذوبة، كاشفا مصائر أبطال روايته من ناحية ووضعنا نحن كقراء صرعى سؤال الحيرة من نحن؟ وإلى أين يأخذنا المصير، مع « دو» حين سألت نفسها عبر سطور الرواية «هل ساعدنى رأس الكلب فى الوصول لإجابة جدوى الأيام التى تضيع دون أن نفكر فيم ننفقها»؟