فى الشارع المصرى

ليتهم يدركون

مجدى حجازى
مجدى حجازى

فى إطار الدور التوعوى الذى تنتهجه د. نجوى كامل أستاذة الصحافة بكلية إعلام القاهرة، من خلال مشاركاتها على صفحتها بـ«فيس بوك»، استوقفنى «بوست» نشرته.. جاء فيه: 

(عاوز أقول كلمتين لأولادنا الغاليين: احنا الفرق بيننا وبينكم من «20-30 سنة»، عدوا زى الهوا، وكنا مشغولين بكم وبتربيتكم وتعليمكم، وكنا شباب منفتح وعصرى، نسافر ونقود سيارات، ونطلع رحلات، ونغنى أغانى حلوة ومازالت مسموعة، ومازلنا نرددها حتى الآن.. دخلنا مدارس وجامعات مجانية أو خاصة بفلوس قليلة، وذاكرنا ونجحنا كثيرًا وفشلنا أحيانًا.. حبينا واتحبينا، عادى جدًا مثلكم. 

الفرق إن أهالينا ربونا صح.. تركونا نعتمد على أنفسنا، نذهب إلى مدارسنا ونعود من غير ما يوصلونا، ومصروفنا كان على قدر الأساسيات، والذهاب إلى السينما لمرة واحدة فى الأسبوع، أما الذهاب إلى السيرك والمسرح والملاهى فيكون لمرة واحدة كل مصيف، وكانت ملابسنا معتدلة وبسيطة وأنيقة وما نعرفش كلمة «براندات».. وأن لأهالينا الجدود والعمام والخلان علينا حق الزيارة والسؤال. 


بس إحنا للأسف ماعرفناش.. إفتكرنا إن الرباية هى الدلع والرفاهية والحرية بلا حدود.. شقينا عشان نخليكم أحسن مننا.. علمناكم تعليم خاص لغات على دولى واشتركنا لكم فى اتوبيسات أو «اتسحلنا» فى توصيلكم وجبنا مدرسين خصوصيين ورتبنالكم أسرتكم، وعملنا لكم «اللانش بوكس»، وأجبنا كل طلباتكم، يعنى كنا «مصباح علاء الدين» الذى يؤمر فيجيب، «ما لكومش دعوة منين ولا إزاى ولا بكام»؟؟..

غلطتنا أننا دخلنا منافسة غير متوافقة مع الزمن، فى إن ولادنا لازم يبقوا أحسن مننا، واشتراك النادى و«ماركة العربية» و«ماركة هدومكم» و«ماركة موبايلاتكم»..

عملنا كل ده ونسينا نعلمكم الاعتماد على النفس والقناعة والرضا ونسينا نعلمكم احترام الكبير ومعنى كلمة أهل.. ونسيتم أننا ضحينا باحتياجاتنا الأساسية، من أجل أن نلبى لكم احتياجاتكم الترفيهية..

نهايته، أحب أن أعرفكم أن أهاليكم الذين يعانون من إهمالكم لهم، وتفضيل اهتمامكم بأصحابكم وصاحباتكم عليهم، هم الأحق برعايتكم، وهم الأحرص على نصحكم بإخلاص لأجل مصلحتكم، دون انتظار مقابل.. ليتكم تعقلون وتفهمون، وتدركون الوقت قبل فوات الأوان، حيث يأتى وقت تجدون أهلكم قد ذهبوا عن دنياكم ولا تجدوهم حولكم)..

«انتهى البوست» الذى ذيلته د. نجوى كامل بأنه «منقول من صفحة دكتور Wafaa Mehelba». 

حقًا.. لقد صدقت د. نجوى كامل أستاذة الصحافة بكلية إعلام القاهرة، وأصابت فى اختيارها ونشرها لهذا «البوست».. وأؤيدها فى تعظيمها لفضيلة «الرضا»، وتوضيحها لقيمة «الاعتماد على النفس»، وكذلك تأكيدها أهمية إدراك «الإصغاء لنصح الأهل»، وأخيرًا الاهتمام بوجود أهاليهم فى حياتهم، وما يستوجب انتهاز الفرصة من أجل اغتنام خبرة السنين، والاستفادة بها بكل ثقة، حيث إنها أصدق نصيحة يمكن أن يحصلوا عليها..

حينئذ ينعم الله على محبوبتنا كنانة الله فى أرضه بشباب يزدهر بهم مستقبل الوطن، حينها تجتمع لديهم طاقة خلاقة، قوامها عنفوان طموح الشباب مدجج بسلاح خبرة الأهل، ومن سبقونا فى الحياة، إعلاءً لقيمة «تواصل الأجيال»، حتى تكون بمثابة إضافة تزداد دون انتقاص. 

حفظ الله المحروسة شعبًا وقيادة، والله غالب على أمره.. وتحيا مصر.