بقلم واعظة

فى العدة أمل

نعمة محمد مصطفى الشنشورى منطقة وعظ جنوب سيناء
نعمة محمد مصطفى الشنشورى منطقة وعظ جنوب سيناء

قال الله تعالى: (....لَا تَدْرِى لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) (الطلاق ١) وردت هذه الآية الكريمة فى سياق قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّـهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِى لَعَلَّ اللَّـهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا).

كره الإسلام الطلاق؛ وذلك لأن الطلاق سبب لتبديد الشمل، وفيه قطع الصلة بين الزوج والزوجة، وتشتيت الأبناء، وبسبب الطلاق تنعدم الحياة الزوجية، فإذا كان لا بُدَ من وقوع الطلاق، فيجب أن يقترن الطلاق بالعدة، حتى لا تتضرر المرأة، لأن الله لا يرضى الإضرار بالمرأة بسبب الطلاق، وحتى يُراجع الزوج نفسه ولا يندم إذا كان قد طلّق زوجته فى وقت غير مناسب..

ولا يحق للزوج إخراج الزوجة من بيتها بعد الطلقة الأولى إلا بعد انقضاء عدّتها، وقوله تعالى فى آخر الآية الكريمة: (لَا تَدْرِى لَعَلَّ اللَّـهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا)، يدل على الأمل حتى فى أصعب الأمور وأحلك اللحظات، فلا يدرى الزوج ولا الزوجة ما يخبّئ الله لهما فى فترة العدة، فهو وحده الذى يعلم الغيب سبحانه وتعالى، وقد يكون الخير فى هذه الفترة، فلربما يُدرِكُ الزوج حجمَ تبعات الطلاق، وحجم وقعِه على قلب زوجته، والله قادرٌ على تغيير كل شيء، وقادرٌ على تغيير كل الموازين التى حكم الزوج بسببها وقرّر الطلاق، فالأمل هنا فى هذه الآية موجّهٌ للزوج والزوجة، فإن الله يقلّب الأمور كيفما أراد سبحانه.. فهذه الآية جاءت فى موضوع العدة لتبثّ فى النفوس الأمل حتى فى أصعب الأوقات.

وإن كان من الطلاق بُد فنذكر الزوجين بقوله تعالى «الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» «البقرة ٢٢٩» فالطلاق الذى يمتلك فيه الزوج الرجعة طلقتان، بأن يطلق، ثم يراجع، ثم يطلق، ثم يراجع، ثم بعد الطلقتين إما أن يمسكها فى عصمته مع المعاشرة بالمعروف، أو يطلقها الثالثة مع الإحسان إليها وأداء حقوقها فكما كانت المودة والرحمة أساس الحياة الزوجية كان الإحسان أساسًا للعلاقة بعد الطلاق.