حوادث زمان| السم في العسل

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كان الزوج فلاحا معدما، نشأ وهو طفل في جني القطن وجمع المحاصيل، وعندما اشتد عوده، كان يحمل فأسه ويعمل اجيرا في الحقول، يدخر القروش ويحولها إلى جنيهات، ويشتري بها عنزا وخرافا، وإذ سمنت استبدل بها البقر والجاموس.

كان في قلبه طموح، وفي ارادته عزيمة على أن يجعل من نفسه شيئا، وكان يحب الاتجار في كل شيئ ويردد الحديث الذي يقول: "تسع أعشار الرزق في التجارة".

افتتح دكانا صغيرا، وظل ينتقل بين التجارة والعمل في الزراعة، وتربية المواشي إلى أن جمع مبلغا كبيرا، وحول دكانه الصغير إلى (سوبر ماركت) واستطاع أن يحصل على توزيع تموين القرية، وزبائنه من الاغنياء والفقراء على السواء، كل مايطلبه الفلاح من زيت وسكر وصابون يجده عنده، واستطاع أن يرتفع رصيده إلى آلاف الجنيه.

وكان من بين المترددات عليه فتاة ريفية صارخة الجمال، وكان يلاحقها اذا سارت، وأدمن التفكير فيها وخيالها يؤرقه ولايفارقه لحظة واحدة.

وعندنا حضرت إليه قفز قلبه من الفرحة وبادرها يقول: تتجوزيني يابت.

اطلقت ضحكة اهتز لها كيانه وهي تقول: هو احنا قد المقام.

ويرد عليها لكن انا في عمر ابوكي.. وخايف ماترضيش بيا.

قالت في دلال.. الراجل مايعيبوش غير جيبه.

أسرع إلى أباها الفلاح الفقير يطلب يدها، واخرج محفظته المتضخمة ويضع في يده الف جنيه مهرا لها، وانتقلت معه إلى عش الزوجية وخصص لها حجرة في الدور الثاني، حيث كان متزوجا في شبابه من ابنة عمه زواجا لا دخل فيه لارادته، والتي أنجبت له كل عام طفلا حتى أصبح أبا ل٩ أولاد بنين وبنات.

كتمت الزوجة الأولى غيظها في صدرها، ولا تقوى على مواجهته، وتركها واستقل مع الزوجة الصغيرة في الدور الثاني يغدق عليها بالاموال والمصوغات ولا يرفض لها طلبا مهما غلا ثمنه.

وتمضي السنون ويكبر الاولاد، ويتخرجون من الجامعة ويرحل بعضهم إلى الدول العربية بحثا عن العمل والثروة، وتزوجت البنات، والرجل مع الايام تتضخم ثروته، فيشتري أرضا زراعية ويتقدم به العمر ويذبل، بينما تزداد الزوجة الصغيرة نضجا وجمالا، ولا يقوى على معاشرتها فتركها تقيم بمفردها واقام مع زوجته وأولاده في الدور الاول، وهو يطلب صفحها وتسامحها، ويبدي ندمه على الغلطة التي ارتكبها في حقها عندما وقع أسير جمال الفتاة التي سحره جمالها.

وفي يوم من الأيام استدرجته الزوجة الصغيرة إلى غرفتها تستعطفه بالا يتركها وحيدة ويقضي معها ليلة غرام، وقدمت له في الصباح فطيرة محشوة بالعسل الاسود، وتصحو القرية على صراخ النساء لقد أسلم الرجل روحه في الصباح على فراش الزوجة الثانية.

تقدم أولاده إلى المحكمة بدعوى إثبات وراثة ولايذكرون اسمها، ويدعون انها تركته وهو على فراش المرض، وتسري الهمسات في القرية بأنها دست له السم في فطيرة العسل.

وترد الزوجة.. لا اريد أمواله التي اشترى بها شبابي!!

ولكن المحكمة قضت لها بحقها في الميراث.

مركز معلومات أخبار اليوم