فى الصميم

كل مؤسسات الدولة.. شريكة فى هذه المهمة

جلال عارف
جلال عارف

جيد أن يعود المجلس القومى للسكان ليكون تحت رئاسة رئيس الحكومة كما كان الوضع قبل عشرين عاماً مع اختلاف الأوضاع فى ظل وجود إرادة سياسية للدولة فى التعامل الجاد مع هذه القضية الحيوية، ومع إدراك حقيقى بأن القضية هى مسئولية جماعية لكل مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسات المجتمع المدنى حتى يمكن أن نصل لنتائج إيجابية.  

التجربة علمتنا أن المرات القليلة التى  حققنا فيها شيئاً ملموساً فى هذا الملف، كانت مع انتشار تعليم جيد وارتفاع ملموس فى الرعاية الصحية، ومع نهوض ثقافى  وصل لكل مصر، وطبقة متوسطة كانت هى الأهم فى تاريخنا الحديث. ورغم أن ذلك كله أدى الى ارتفاع معدلات الأعمار فإنه على الجانب الآخر حقق الكثير من التوازن فى الانجاب..

وكان الوضع يمكن أن يكون  أفضل لو استمر العمل فى هذه السياسة لكننا للأسف الشديد لم نواصل وتركنا المجال لسيطرة العشوائية الاجتماعية وتيارات التخلف التى تركناها تعبث بعقول الناس وتتاجر بالدين الحنيف لتضرب كل محاولات بناء الدولة الحديثة.

ولأن الإقناع هو الوسيلة الأمثل لتنظيم الأسرة، فإن التعليم والثقافة وزيادة  الوعى من ناحية، والانتقال لمجتمع الصناعة المتقدم من ناحية أخري.. يظلان هما الرافدين الأساسيين للنجاح. فالفتاة التى تجد فرصة للتعليم ثم للعمل المنتج لن تتزوج وهى طفلة، والشاب الذى يرتقى بالعلم وتنفتح أمامه أبواب التقدم لن ينجب عشرة أطفال، والأب الذى يتحمل مسئولية تربية طفل أو اثنين ويعرف أن جهده سيثمر لن يذهب لزواج ثان وأطفال آخرين.. والأم فى مجتمع صحى لن يقنعها دجال بأنها مجرد آلة للإنجاب، بل هى شريك فى الأسرة وعضو فاعل فى المجتمع.

إشراف رئيس الحكومةعلى المجلس القومى للاسكان يعنى الوعى الكامل بأن القضية أكبر من قدرات وزارة بعينها، وأنه لابد من حشد كل إمكانيات مؤسسات الدولة لهذه المهمة الضرورية والعمل فى كل المجالات الصحية والثقافية والتعليمية وغيرها لنشر ثقافة تنظيم الأسرة مع توفير كل الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة لتنفيذ استراتيجية الدولة فى هذا المجال وإعطائها الأولوية المطلوبة.

المهمة ليست سهلة ، والظروف الى نمر بها استثنائية لكن على الجميع أن يدرك أنه لا يمكن الاستمرار فى تبديد كل ثمار التضحية وأن طفلين يتمتعان بتعليم جيد ورعاية صحية وثقافية أفضل للأسرة وللمجتمع.