عندما تنحني هامات النخيل والأشجار على ضفاف النيل العظيم؛ لتقدم واجب الشكر والعرفان ورد الجميل لجذورها التي تشبثت بالأرض الطاهرة؛ لتمتد فوقها الجذوع والفروع والأغصان والوريقات .. والثمر؛ فإنها تُثبت للبشرية أن صُنع الخير لايضيع؛ وأن ما يبقى ويُمدد ظلاله الوارفة؛ ليتفيأ تحتها كل جميل وباق؛ برغم كل العواصف والأمطار والأنواء؛ هو ماينفع الناس في الأرض؛ ليذهب الزبد جُفاء !
قفزت هذه الخاطرة إلى خيالي؛لحظة انطلاق النسخة الثانية من مهرجان القاهرة للدراما للعام 2023 برئاسة الفنان الكبير يحيى الفخرانى؛ في أحضان مدينة “العلمين الجديدة “؛ والتي يطلق عليها “ لؤلؤة البحر المتوسط ؛ وذلك تزامنًا مع مهرجان العلمين في دورته الأولي .
ويعقد مهرجان القاهرة للدراما سنويًّا كل عام، في إطار تنفيذ توجهات الدولة ودعم رؤية مصر 2030، التي تهتم بالفنون والثقافة كأحد ركائز القوى الناعمة المصرية؛ بما يعكس تقدير الدولة للفن ودوره التنويري في المجتمع، وإبراز الدور الذي لعبته الدراما المصرية ومازالت في تشكيل الوعي المصري .. والعربي .
ولهذا الحدث الجلل .. تزينت مدينة العلمين لاستقبال الفنانين وضيوف مهرجان الدراما؛ حيث استخدامت وسائل التكنولوجيا في الديكورات والإضاءة الخاصة بالسجادة الحمراء والمسرح الذي شهد تكريم العديد من نجوم الفن ومنح الجوائز للفائزين عن أعمالهم التي عرضت على مدار العام ،وذلك في دورة استثنائية للاحتفال بمناسبة مرور 60 عاما على إنتاج وإذاعة أول عمل درامي مصرى؛ وعلى هامش الفعاليات تم تكرم من لهم/ولهن؛ كل الفضل في تدعيم مسيرة الدراما المصرية في السينما والمسرح .
ويأتي تنظيم الدورة الثانية من المهرجان في إطار سعي الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية - الشريك الاستراتيجي للمهرجان - بالتعاون مع نقابة المهن التمثيلية وبعض الشركات المسئولة عن تشغيل المشروع التجاري الأضخم؛ وذلك لتحفيز الإبداع وتنمية صناعة الإنتاج الفني؛ وتعزيز دور الدراما التنويري في تشكيل وعي المجتمع بأبرز القضايا وتعزيز القيم الإنسانية،وعن هذا التعاون الخلاق ؛ قال د. أشرف زكى : “ ... إنني مبهور بالحفلات التي شهدها مهرجان العلمين في دورته الأولى، وأفخر بهذا الصرح العظيم؛ ولقد ذهبت بفكرة المهرجان للشركة المتحدة ورحبوا بها.. لذا فإنني أشكرهم على هذا التعاون والدعم المُثمر؛فهو مهرجان وُلد كبيرًا بنجاح... “ .
وأرتأيت أنه لمعرفة كيف يتم تعزيز دور الدراما التنويري في تشكيل وعي المجتمع بأبرز القضايا وتعزيز القيم الإنسانية ؛ لابد أن تكون لنا إطلالة ـ لتعريف غير المتخصص ــ على معنى “الدراما” وأهميتها.
فما يقوله الأساتذة عن “ معنى الدراما “ : أنها النواة الحقيقية لكافة الفنون التي عرفتها شعوب الحضارات القديمة . ولكي تصل تلك المعاني السامية في الفن؛ كان لزامًا أن تهتم القصص الدرامية غالبًا بالتفاعل الإنساني؛ وكثيرًا ما يصاحبها الغناء والموسيقا؛ بل يدخل فن الأوبرا ضمن هذا التعريف.
وأقسامها: الملهاة ( الكوميديا ) وهو الأداء التمثيلي الذي يؤدي للضحك ممثلاً بالقناع الأبيض الضاحك والمأساة ( التراجيديا ) عكس الملهاة ( الكوميديا ) وهو الأداء التمثيلي الذي يؤدي إلى الحزن ويمثله القناع الأسود الباكي . أما ثالثها فهو نوع خاص من الدراما يقع بين الاثنين، حيث يعتمد قصص الأساطير ويعرف باسم “التراجيكوميدي” ويتناول أشخاصها الأسطورية ببعض من السخرية وحديثًا يمكن إدراج بعض أنواع الكوميديا السوداء تحت هذا المسمى، أما في العصور القديمة فكانت الدراما أدبًا يُقرأ. أما على المسرح فكان الأداء ارتجالاً دون الاعتماد على أي نص .
أما عن أنواع الدراما؛ فهي ـ ميلودراما ؛ و .. مونودراما :
*ميلودراما
وهي التي تزخر بالحوادث المثيرة وتتسم بالمبالغة في كل شيء.
*مونودراما
يؤديها ممثل واحد كقصة العجوز والبحر في السينما. والمونودراما فن من الفنون الدرامية وهو من أشكال المسرح التجريبي التي تطورت واتسعت رقعتها خلال القرن العشرين والقائمة على ممثل واحد يسرد الحدث عن طريق الحوار وهو المسئول عن إيصال رسالة المسرحية ودلالاتها جنبًا إلى جنب مع عناصر المسرحية الأخرى .
وبرغم أن المهرجان ضم العديد من الفعاليات الفنية والرياضية، إلى جانب معارض وعروض ترفيهية فى أول وأكبر وجهة إقليمية سياحية وترفيهية متكاملة بمدينة العلمين الجديدة؛ حيث شاركت فرق واتحادات دولية لرياضات مختلفة بأحداث المهرجان الرياضية؛ بالإضافة إلى حفلات غنائية تاريخية لأبرز الفنانين من الوطن العربى وعلى المستوى الدولى ؛إلا انني أرى ضرورة الإضاءة على الأعمال الفنية التي نالت التكريم من لجان التحكيم بالمهرجان؛ ونذكِّر بأنه تمت المنافسة على جوائز مهرجان القاهرة للدراما في دورته الأولي أكثر من ٢٢ عملًا دراميًّا، فيما يُهدي المهرجان لصناع مسلسل الأختيار بأجزائه الثلاثة تكريمًا خاصًّا .
وشهد حفل توزيع جوائز مهرجان القاهرة للدراما، برئاسة الفنان القدير يحيي الفخراني؛ تكريم العديد من نجوم الفن : كريم عبد العزيز، الشيخ صالح كامل، المخرج محمد فاضل وهالة فاخر وخالد زكي، ومهندس الديكور سيد أنور، ونانيس نجلة أحمد أسامة عباس، رشوان توفيق، لطفي لبيب، لبنى عبد العزيز، منى زكي، المخرجة كاملة أبو ذكري، منّة شلبي، المخرج بيتر ميمي .
كما كرّم الحفل النجم الراحل محمود عبد العزيز، وتسلم الجائزة ولَديه محمد وكريم. كما نال الفنان سيد صادق، تكريمًا خاصًا وذلك في ظهور استثنائي له، بعدما ابتعد عن الساحة الفنية منذ عدة سنوات. أيضًا تمّ تكريم الممثل عثمان محمد علي وذلك في أول ظهور له، بعد غياب عامين عن الساحة الفنية لمرضه.
حملت الاحتفالية مفاجأة رائعةمن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية المسئولة عن مهرجان القاهرة لرئيس المهرجان الفنان المحبوب يحيي الفخراني بتكريمه بعد مشواره الفنّي الزاخر.
و قد مُنحت الجوائز للفائزين عن أعمالهم التي عرضت على مدار العام حيث نجح مسلسل “تحت الوصاية” بحصد سبع جوائز دفعة واحدة وهي جائزة أفضل مسلسل، جائزة أفضل ممثلة للفنانة منى زكي بتصويت الجمهور وحصلت على جائزة أخرى بتصويت لجنة التحكيم أيضًا. كما حصل مسلسل “تحت الوصاية” أيضا على جائزة أفضل مونتير لأحمد حافظ، وكذلك أفضل تصوير للمصور بيشوى ريسيلت . وحصل العمل على جائزة أفضل ممثل صاعد، والتي ذهبت لعمر الشريف وتقاسمها مع طه دسوقي وعصام عمر، كما حصل الفنان رشدى الشامي على جائزة أفضل ممثل ثانٍ .
وتذكير ب”تحت الوصاية” الذي تظهر منى زكي فيه إصرارها على وضع نقاط الضوء على أبرز القضايا التي تهم المرأة العربية وتمس حقوقها . سلط مسلسل “تحت الوصاية” الضوء على قضية مهمة وهي قانون الوصاية على الأولاد الصغار الذين لم يصلوا إلى السن القانونية بعد وفاة الزوج ، حيث إن الوصي يدير شئون الطفل القاصر .
كان مهرجانا ناجحا بكل المقاييس وظهور النجوم كان له ألقا وطلة تقترب من العالمية..وعمار يامصرنا المحروسة بقواك الناعمة!