الحكومة البريطانية أمام تحدي كبير.. تزايد الفقر في ظل فشل السياسات للحد من الأزمة

أحد المشردين في شوارع بريطانيا - أرشيفية
أحد المشردين في شوارع بريطانيا - أرشيفية

يعيش المجتمع البريطاني ازمة كبيرة مع استمرار تزايد معدلات الفقر في بريطانيا بشكل مؤلم، حيث تبين زيارة تحريرية أجريت للوقوف على واقع الفقراء حجم المعاناة التي يواجهها الكثيرون.

وقد كشف التقرير الصادر عن هيئة استشارية مستقلة عن ارتفاع نسبة الأسر الفقيرة لتصل إلى 21-24% خلال العقدين الماضيين. كما بينت الزيارة التحريرية لعدد من المناطق حالات صعبة لعائلات لا تستطيع توفير الطعام والكساء وتواجه انقطاعا للخدمات الأساسية.

ويرى التقرير أن السياسات الحالية لم تعد كافية لمواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل كبير. كما أن سوق العمل لا يضمن دخلا لائقا للعائلات ذات الدخل المحدود. ويدعو التقرير إلى خطوات جذرية لمعالجة أسباب الفقر على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.

تفاقم مشكلة الفقر في بريطانيا

تشير تقارير حديثة صادرة عن هيئة استشارية مستقلة برئاسة عضو محافظ في مجلس اللوردات، إلى تفاقم مشكلة الفقر في بريطانيا، حيث بلغت نسبة الأسر الفقيرة ما يقارب 21-24% خلال العقدين الماضيين دون تغيير ملموس.

وتكشف التقارير أن وضع الفئات الأكثر ضعفاً مثل كبار السن والأسر ذات الدخل المنخفض بدأ يتراجع مجدداً رغم بعض التحسينات المسجلة سابقاً. كما أشارت إلى انتشار ظاهرة "الفقر المدقع" الذي يعاني منه 31% من الأسر الفقيرة والذين يكافحون لتوفير متطلباتهم الأساسية من طعام وكهرباء وغيرها.

ترى التقارير أن جهود الحكومات لم تعط نتائج ملموسة في الحد من معدلات الفقر، بل إن استمرار التعامل بالأساليب ذاتها لن يؤدي إلا إلى تدهور أكبر للوضع. وأوصت الهيئة بضرورة اتخاذ إجراءات جذرية لمعالجة أسباب الفقر كارتفاع تكاليف المعيشة وأجور العمالة ذات الدخل المنخفض.

ويقدر التقرير التكلفة السنوية الشاملة لتقليل الفقر بشكل كبير في المملكة المتحدة بمبلغ 36 مليار جنيه إسترليني، وهو ما يعادل 6000 جنيه إسترليني سنويًا لـ 6 ملايين أسرة فقيرة. وتشمل هذه التكلفة مزيجًا من الإعانات وزيادات الرواتب، والاستثمار في تخفيض تكاليف الإسكان والطاقة، وتحسين الخدمات الصحية.

 

واقع مؤلم

للوقوف عن قرب على واقع الفقر في المملكة المتحدة، قام فريق تحريري في جريدة التليجراف البريطانية، بزيارة عدد من المناطق الفقيرة وإجراء مقابلات مع أسر في حالة فقر. وكانت تلك الزيارات مؤثرة وكشفت عن واقع مؤلم يواجهه العديد من الأسر. إليكم بعض القصص التي تم التوصل إليها:

تم اكتشاف أسرة تتألف من 6 أفراد تعيش في شقة صغيرة تحتوي على غرفتين فقط، وذلك بسبب ارتفاع تكلفة السكن. تعتمد هذه الأسرة بشكل كامل على المساعدات الاجتماعية لتأمين احتياجاتها الأساسية.

تم التحدث إلى أم تربي وحدها 3 أطفال بدون عمل، وتعاني هذه الأم من صعوبة تأمين الطعام والكساء لأطفالها. تضطر لمواجهة تحديات كبيرة في تلبية احتياجات عائلتها.

تم التعرف على متقاعد يعيش بمفرده، ويواجه صعوبات كبيرة في دفع فواتير الكهرباء والغاز. يعاني هذا المتقاعد من الانقطاع المستمر للخدمات الأساسية بسبب ضيق ذات اليد.

تم رصد حالة عائلة تتألف من 5 أفراد تعيش في شقة واحدة، ولكنها تفتقر إلى سخانات شتاءً بسبب عدم قدرتها على دفع فواتير الطاقة. يعاني أفراد العائلة من ظروف قاسية خلال فصل الشتاء ويضطرون للتكيف مع البرودة المشددة.

تلك القصص تعكس مدى التحديات التي يواجهها الأفراد في الفئات الفقيرة في المملكة المتحدة، وتبرز حاجتهم الملحة إلى دعم وتأمين الاحتياجات الأساسية لضمان حياة كريمة ولائقة.

من خلال هذه الزيارات تبين بوضوح حجم المعاناة والضغوطات التي يتعرض لها الفقراء، حيث لا يستطيع الكثير منهم توفير احتياجاتهم الأساسية. فالفقر لم يعد مجرد مسألة دخل منخفض، بل تحول إلى حالة قاسية من البقاء على قيد الحياة.

جهود حكومية

ويشير التقرير إلى أن آليات الحماية الاجتماعية لم تعد كافية لمواجهة حجم التحديات، خاصة مع ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل سريع جدا خلال السنوات الأخيرة. كما أن سوق العمل أصبح يفشل في ضمان دخل لائق للعائلات ذات الدخل المحدود.

لذا فإن على الحكومة والمجتمع البريطاني بأسره اتخاذ خطوات جذرية للحد من الفقر ومعالجة أسبابه على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. حيث أصبح من المستحيل التقبل بأن تعيش فئات كبيرة في مجتمع متقدم كبريطانيا في مثل هذه الظروف القاسية.