بلوميرج: معدل التضخم الأهم لدى مسؤولي البنك.. وارتفاعه يبرر رفع أسعار الفائدة

ارتفاع التضخم
ارتفاع التضخم

توقف تراجع معدل التضخم بمنطقة اليورو في أغسطس، ما يضع مسؤولي "البنك المركزي الأوروبي" في مأزق بينما يدرسون ما إذا كان الضغوط التضخمية مستمرة لفترة أطول من اللازم للمجازفة بوقف رفع أسعار الفائدة مؤقتاً على حسب بلوميرج

ارتفعت أسعار المستهلكين 5.3% على أساس سنوي عن العام الماضي، واستمرت مرتفعة بمقدار مرتين ونصف عن المعدل الذي يستهدفه صُناع السياسة النقدية بسبب أسعار الطاقة، بعد أن توقع المحللون الاقتصاديون انخفاضها. تراجع معدل التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار السلع المتقلبة، على النحو المتوقع ليبلغ نفس مستوى معدل التضخم العام تماماً.

واصل المتداولون خفض رهاناتهم على مزيد من الزيادات في تكاليف الاقتراض من قبل "البنك المركزي الأوروبي"، التي تركز على تراجع ما يعرف باسم "معدل التضخم الأساسي"، وسط شعور بالارتياح لأن زيادة المعدلات بشكل أسرع من المتوقع في ألمانيا وفرنسا، أكبر اقتصادين بالمنطقة، لم تمنع حدوث تراجع كلي للمعدلات الأساسية.

وقال ثيوفيل ليغراند، المحلل الاستراتيجي لأسعار الفائدة لدى "ناتيكسيس" (Natixis SA): "بالنسبة للسوق، هذه بيانات كافية لوقف رفع أسعار الفائدة مؤقتاً في سبتمبر".

توقعات رفع أسعار الفائدة
يعد معدل التضخم الأساسي هو الأهم لدى مسؤولي "المركزي الأوروبي"، فيما يستعدون خلال أسبوعين لاتخاذ قرار حول ما إذا كان تراجع زخم النمو في التكتل المُكون من 20 دولة سيكون كافياً لتهدئة الضغوط السعرية وتحقيق معدل تضخم عند 2% في نهاية المطاف. إن لم يكفِ، فقد يرفعون أسعار الفائدة للمرة العاشرة على التوالي، ليبلغ سعر الفائدة على الودائع مستوى قياسياً عند 4%.

يرجح المتداولون اتخاذ تلك الخطوة في الشهر المقبل بنسبة 30%.

واصل اليورو خسائره واستمرت السندات في الارتفاع بعد صدور البيانات، مع ظهور دلائل على قرب انتهاء "المركزي الأوروبي" من دورة التشديد النقدي.

وقال بيت كريستيانسن، كبير المحللين الاستراتيجيين بمصرف "دانسكه بنك" (Danske Bank A/S): "يشير مجمل الآراء إلى أن عملية تراجع معدل التضخم جارية، لكنها ليست كافية ليثق (المركزي الأوروبي) بانخفاضه في الوقت المناسب إلى مستهدف 2% في تقييمنا، ونتوقع أن تدعم هذه البيانات رفع أسعار الفائدة في سبتمبر".

حاجة إلى مزيد من الأدلة
أوضحت عضو المجلس التنفيذي بالبنك المركزي الأوروبي، إيزابيل شنابل، المأزق الذي يواجهه المسؤولون في وقت سابق من يوم الخميس في تصريحات تتوافق مع تعليقات زميلها الفنلندي، توماس فاليماكي، الذي قال في وقت سابق من الأسبوع الجاري أن نتيجة الاجتماع غير مؤكدة.

قالت شنابل: "إذا قررنا أن موقف السياسة النقدية لا يتسق مع عودة معدل التضخم في الوقت المناسب إلى مستهدفنا عند 2%، سيكون رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر إجراءً مبرراً. أما إذا كان تقييمنا لتأثيرات السياسة النقدية يشير إلى أن وتيرة انخفاض معدل التضخم تسير على النحو المرغوب، فقد نتمكن من الانتظار حتى اجتماعنا المقبل لجمع مزيد من الأدلة".

أسعار الغاز الأوروبي تهبط مع تراجع خطر إضراب أستراليا

تجنبت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إعلان نيتها، في حين ألمح بعض من زملائها الأكثر تشدداً إلى تفضيل رفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية أخرى.

وقال محافظ البنك المركزي الألماني، يواكين ناغل، في مقابلة مع تليفزيون "بلومبرغ" الأسبوع الماضي، إنه لم يقتنع بعد بالسيطرة على التضخم، بينما أشار محافظ بنك لاتفيا المركزي، مارتنز كازاكس، إلى أنه من الأفضل ارتكاب خطأ في تشديد السياسة النقدية. فيما قال محافظ البنك المركزي النمساوي، روبرت هولتسمان، لوكالة "رويترز" يوم الخميس، إن رفع أسعار الفائدة مرة أخرى أو مرتين أمر محتمل.

تدهور الثقة الاقتصادية
البيانات الصادرة بمنطقة اليورو، إلى جانب تقرير صدر الأربعاء يوضح زيادة التوقعات، قد تعد دليلاً يدعم هذا الرأي. فالضغوط على أسعار المستهلكين بشكل أكبر من المتوقع في ألمانيا وفرنسا، المدفوعة بأسعار الطاقة مرة أخرى، وزيادتها في إسبانيا، تتفق مع هذه الفكرة.

نمو مفاجئ للإنتاج الصناعي الأوروبي في يونيو

كان الدليل على تراجع معدل التضخم في أسعار الخدمات في البيانات الإجمالية للمنطقة، الذي انخفض حالياً من 5.6% إلى 5.5%، بمثابة لمحة تشجيعية لصُناع السياسة النقدية. كما تراجع ارتفاع أسعار المستهلكين في إيطاليا بشكل أكبر من المتوقع ليبلغ 5.5%.

أما المسؤولين مؤيدي التسهيل النقدي، مثل محافظ البنك المركزي البرتغالي ماريو سنتينو، فالأرجح أنهم سيوضحون المخاطر على الآفاق الاقتصادية التي بدأت تتحقق.

تتدهور الثقة الاقتصادية سريعاً، وكشف أحدث استطلاع لآراء مديري المشتريات عن تفاقم تدهور التصنيع وانكماش الخدمات أيضاً للمرة الأولى في العام الجاري. وأظهر استطلاع أجرته "المفوضية الأوروبية"، صدر الأربعاء، تدهور الثقة للشهر الرابع على التوالي.

تراجع فرص النمو
تمثل أزمة الاقتصاد الصيني مصدراً للقلق المتفشي، إذ تضر بفرص التصدير عبر القارة. أثرت التجارة على الإنتاج في ألمانيا، القاطرة الاقتصادية لمنطقة اليورو، في الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو.

شهد ميناء هامبورغ انخفاض حاداً في حجم الشحنات خلال الربع الثاني، ويتوقع تراجع ملحوظ في إيرادات مجموعته الفرعية "بورت لوجستيكس" (Port Logistics).

لاغارد: التوقف عن رفع الفائدة في أي اجتماع مقبل لا يعني نهاية التشديد

أقرت إيزابيل شنابل بالمخاطر، وقالت إن التطورات الحديثة تشير إلى أن فرص النمو أقل من المتوقع في السيناريو الأساسي، في حين حذرت أن هناك إشارات إلى أن اقتصاد منطقة اليورو قد لا يكون موشكاً على ركود شديد وممتد.

مع ذلك، يثير معدل التضخم أيضاً قلقها، ما يفاقم المعضلة التي يواجهها صُناع السياسة في الشهر الجاري.

أضافت شنابل: "ما تزال الضغوط السعرية الأساسية مرتفعة بشكل عنيد، حيث أصبحت العوامل المحلية في الفترة الحالية هي الدوافع الرئيسية للتضخم في منطقة اليورو".

إدارة المخاطر
القطعة الأساسية الأخيرة في الصورة لمسؤولي "المركزي الأوربي" هي توقعات المؤسسة للتوظيف، التي ستكون جاهزة بحلول موعد سفر محافظي البنك المركزي إلى فرانكفورت لحضور اجتماعهم المنعقد في 13 و14 سبتمبر.

أظهر الاجتماع السابق استمرار ارتفاع معدل التضخم عن مستهدف 2% حتى 2025، في ظل ارتفاع معدلات التضخم الأساسي عن المعدلات التي تشمل أسعار الغذاء والطاقة.

ستمثل تلك التوقعات عنصراً أساسياً في قرار "المركزي الأوروبي".

وقال فردريك دوكروزيت، رئيس بحوث الاقتصاد الكلي بشركة "بيكتيت ويلث مانجمنت" (Pictet Wealth Management): "نتوقع أن يرفع (المركزي الأوروبي) أسعار الفائدة للمرة الأخيرة في سبتمبر، حيث يرجح أن تظهر توقعات التوظيف استمرار معدل التضخم في الارتفاع عن المستهدف، لكن أيضاَ لأغراض إدارة المخاطر ولأن الفرصة تضيع.. وهذا هو المغزى الرئيسي من كلمة شنابل اليوم، والسبب الأوحد لذلك هو إن انخفاض أسعار الفائدة الحقيقية قد عوّض التشديد الذي أجراه البنك".