دراسة أكاديمية: القيم البلاغية فى تفسير النَّسَفِى

الباحث يتوسط لجنة الإشراف والمناقشة
الباحث يتوسط لجنة الإشراف والمناقشة

كثيرة هى الدراسات اللغوية والبلاغية، التى جالت فى التفسيرات المتعددة لآيات القرآن الكريم، وأحدثها دراسة بعنوان «مسائل علم المعانى وقيمتها البلاغية فى تفسير النسفى المسمى «مدارك التنزيل وحقائق التأويل»، حصل عنها الباحث النيجيرى أحمد الحاج صالح على درجة الدكتوراه فى اللغة العربية وآدابها، بمرتبة الشرف الأولى، وتم مناقشتها فى معهد الدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية.


تتلخص اشكالية الدراسة فى محاولة الباحث الإجابة عن من هو النسفى؟ وما جهوده اللغوية والبلاغية؟

والإمام النسفى كما جاء فى الدراسة هو أبو البركات عبدالله بن أحمد بن محمود النسفى، الفقيه الحنفى، المفسر، المتكلم، الأصولى من أهل «إيذج» وهى بلد بين «خوزستان» و «أصبهان»، والنسفى نسبة إلى «نسف» وهى مدينة كبيرة كثيرة الأهل والسكان تقع بين «جيحون» و «سمرقند»  ومن مؤلفاته أيضا، «بحر الكلام» وهو كتاب فى أصول الفقه، و «عمدة عقيدة أهل السنة والجماعة»، و«كشف الأسرار شرح المنصف على المنار» وله شرح أصغر على «المنار» سماه «العطف على الكشف»، ثم مؤلفات أخرى وهى «كنز الدقائق»، متن فى الفقه الحنفى، «منار الأنوار» فى أصول الفقه أيضا،  و «مدارك التنزيل وحقائق التأويل» و المشهور بتفسير النسفى وهو موضوع هذه الدراسة.

اقرأ ايضاً| د. مدكور يفوز بجائزة فى العلوم الاجتماعية


وأوضح الباحث فى مستهل عرضه لبحثه، أن الاهتمام بكتاب الله تفسيرا وبيانا ودراسة وتحليلاً، هو أعظم ما يقوم به الباحث اللغوى، فالأسلوب القرآنى، عالٍ فى مكانته البلاغية وفى ألفاظه وتراكيبه اللغوية، ولذلك كان جديرا بالدراسة والتحليل والوقوف على شيء من أسراره البلاغية وقد دفعنى لهذه الدراسة أهمية الدراسات القرآنية لما فيها من دقة المعانى والجمال التعبيرى، فضلا عن الكشف عن جهود الإمام النسفى فى بيان إعجاز القرآن، والكشف عن الأسرار البلاغية وقيمتها فى مسائل علم المعانى عند النسفى، وكذلك فضل علم البلاغة بين العلوم اللغوية، إذ به يعرف إعجاز القرآن الكريم.


وفى هذا فقد سلك الباحث فى دراسته منهجا أسلوبيا بلاغيا تحليليا تطبيقيا، حيث يستقرئ مسائل علم المعانى فى تفسير النسفى المسمى «مدارك التنزيل وحقائق التأويل»، ثم يستخدم المنهج فى تحليل المسائل فى هذا التفسير.


جائت الدراسة فى ستة فصول، الأول بعنوان «الأساليب الخبرية فى تفسير النسفى»، تناول فيه الباحث الأغراض البلاغية للأسلوب الخبرى فى تفسيره، وفى الفصل الثانى تناول الباحث أحوال المسند والمسند إليه في تفسير النسفى، أما الفصل الثالث فكان بعنوان «الأساليب الإنشائية فى تفسير النسفى».


وفى الفصل الرابع تناول الباحث متعلقات الفصل وأحوالها فى تفسير النسفى، وفى الفصل الخامس، تحدث عن الفصل والوصل فى تفسير النسفى. وكان الفصل السادس والأخير عن الإيجاز والإطناب وبلاغتهما فى تفسير النسفى.


وفى نهاية دراسته تناول الباحث النتائج التى توصل إليها، وقال إنها اشتملت على أسرار البيان ودلالات الإعجاز، وفيها توصل إلى أن الإمام النسفى درس البلاغة وطبقها فى تفسيره على نهج الإمام الزمخشرى، مشيرا إلى أن الإمام النسفى بتطبيقه البلاغة فى آيات الذكر الحكيم، كان على فهم تام بالمعانى المكنونة فى الآيات.


ولفت الباحث فى نتائجه إلى أن النسفى استطاع بذوقه المرهف أن يستخرج عدة مقاصد للأسناد الخبرى، وقد بلغت ثمانية مقاصد، اهتم النسفى بالمجاز العقلى اهتماما كبيرا، حيث عرفه وسماه المجاز الحكمى، وذكر ملابساته من إسناد المبنى للفاعل إلى المفعول، واسناد المبنى للمفعول إلى الفاعل، وإسناد الفعل إلى المصدر وإلى الزمان والمكان، وإلى المسبب له.


وأكد أن الامام النسفى أبرز معانى عدة لأسلوب الانشاء الطلبى، وخاصة أسلوب الاستفهام، وكيف أن بعض الآيات تحتمل أكثر من غرض بلاغى، فكان النسفى يذكر ذلك فى تفسيره للآيات، مشيراً إلى توسع النسفى فى أسلوب الحذف، حيث تناوله بالشمولية  وتناول أغراضه ودلالاته البلاغية.


كما توصل الباحث إلى أن النسفى اتفق مع البلاغيين فى كثير من مباحث علم المعانى كأحوال المسند والمسند إليه، وأحوال متعلقات الفعل،  والفصل والوصل، وقد يخالف الزمخشرى فى التفسير البلاغى، وكثيرا ما نقل عنه النكات البلاغية دون الإشارة إلى ذلك.


وختم الباحث بقوله: إن النسفى توسع فى تفسير إيراد القراءات القرآنية وتوجيهاتها، وهذا يدل على رسوخه فى شتى أنواع العلوم، وهو فى هذا المقام لم يهتم بشرح المصطلحات البلاغية شرحا وافيا، فكثيرا ما يسميها ولا يشرحها.


أشرف على الرسالة الدكتور محمد عبدالمطلب، وضمت لجنة المناقشة كلا من : د. أحمد مجاهد «آداب عين شمس»، د. شوكت نبيل المصرى «أكاديمية الفنون بالإسكندرية».