«توشكى الخير».. الحلم أصبح حقيقة| مشروعات قومية زراعية بجميع أنحاء الوطن

الرئيس عبدالفتاح السيسى يتابع المشروعات القومية الزراعية على مستوى الجمهورية
الرئيس عبدالفتاح السيسى يتابع المشروعات القومية الزراعية على مستوى الجمهورية

■ كتب: هانئ مباشر

بكل المقاييس لم يكن مجرد حلم، عندما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، ذات يوم: «نحلم بتنفيذ زراعة مليون فدان فى توشكى، والامتداد إلى منخفض القطارة، وزراعة 500 ألف فدان فى الساحل الشمالي، وزراعة 350 ألف فدان فى سيناء، وزراعة 400 ألف فدان فى غرب المنيا، واستكمال مشروع المليون ونصف المليون فدان، بل كانت الحقيقة أن ذلك منهاج عمل وعقيدة آمن بها، ليبدأ هو ومن معه من الرجال المخلصين وخلفه الشعب رحلة تحقيق الاكتفاء الذاتى فى كافة المحاصيل الزراعية، والفائض منها نصدره، ونأكل من فأس فلاحينا لنمتلك قرارنا وننتصر فى معركة تحرير الإرادة ونقهر المخططات الشيطانية ونستعيد مكانة بلادنا، وتظل «توشكى» وبقية المشاريع القومية الزراعية شاهدة على الحلم الذى بدأ يتحقق.

◄ إضافة أكثر من ثلاثة ملايين فدان جديدة للرقعة الزراعية

◄ مصر من الأوائل في الترتيب العالمي لإنتاجية الفدان

وخلال اجتماعه قبل أيام، مع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، تابع الرئيس المشروعات القومية الزراعية على مستوى الجمهورية، فى ضوء ما تم تحقيقه فى هذا القطاع الحيوى من تقدم مطرد خلال السنوات الماضية، فى إطار خطة الدولة لإحداث تغيير جذرى فى خريطة مصر الزراعية، عن طريق جهود ضخمة وغير مسبوقة لاستصلاح ملايين الأفدنة فى مختلف أنحاء مصر خلال فترة زمنية قصيرة، بما يتجاوز ثلاثة ملايين فدان جديدة ستتم إضافتها قريباً للرقعة الزراعية، وهو ما يزيد على ثلث كامل مساحة الأراضى الزراعية الموجودة فى مصر.

◄ إنتاجية الفدان
ووفقًا للمتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، المستشار أحمد فهمي، اطلع الرئيس على الجهود الرامية لزيادة وتحسين إنتاجية الفدان فى مصر من ناحية الكم والنوع، التى أدت إلى تقدم مصر فى الترتيب العالمى لإنتاجية الفدان إلى المراكز الخمس الأولى فى العديد من المحاصيل ومن بينها الأرز والذرة والقمح، حيث وجه الرئيس خلال الاجتماع بمواصلة العمل لحوكمة استخدام الأسمدة والتقاوي، وتفعيل نظم الرى الحديثة لتوفير المياه، وكذا تيسير استخدام الميكنة فى الزراعة لتقليل الفاقد أثناء الحصاد، بالإضافة إلى دور البحوث العلمية الزراعية المهم.

الرئيس، تابع أيضاً معدلات نمو الصادرات الزراعية الطازجة والمصنعة إلى الخارج، التى تحقق طفرة كبيرة؛ إذ تجاوزت سبعة مليارات ونصف مليار دولار خلال العام الماضى ٢٠٢٢، حيث وجه سيادته فى هذا الصدد بمواصلة الجهود المكثفة على محاور توفير الدعم الكامل للمزارعين، والعمل المستمر لتحسين الجودة والحفاظ على وتعزيز سمعة المنتج المصرى عالمياً، من خلال الالتزام بالمواصفات الدولية فى هذا الشأن. 

كما أكد الرئيس أن الجهود الكبيرة المبذولة لتطوير قطاع الزراعة، واستعادة مكانة مصر التاريخية فى هذا المجال، تأتى فى إطار جهود تنموية شاملة، تتكامل فيها جميع القطاعات الاقتصادية، من زراعة وصناعة، وبنية تحتية، وطرق ومرافق، ونقل وتجارة، لتحقيق أعلى قيمة مضافة للمنتجات المصرية، بما يمضى بمصر قدماً على طريق تعزيز الأمن الغذائي، لاسيما فى ظل الظروف الدولية الراهنة المضطربة، بالإضافة إلى دفع جميع مكونات الاقتصاد الوطنى للأمام، خاصة توفير فرص العمل، وزيادة الصادرات والحد من الاستيراد، لصالح تحسين مستوى معيشة المواطنين.

◄ مواجهة التحديات
لقد قامت الدولة المصرية خلال الـ7 سنوات الماضية بجهود كبيرة فى مجال زيادة الرقعة الزراعية رغم التحديات التى تواجه ذلك ومن أهمها «محدودية مصادر المياه - التكاليف الاستثمارية والنفقات التشغيلية غير المحدودة التى تحتاجها عمليات الاستصلاح والاستزراع والأنشطة المرتبطة بها» مما أدى إلى زيادة الرقعة الزراعية رغم التآكل المستمر للرقعة القديمة كأثر للتوسع فى الأحوزة العمرانية والتعديات عليها ومتطلبات مشروعات النفع العام.

الأهداف الاستراتيجية للدولة تتضمن إقامة مجتمعات زراعية جديدة ومتكاملة، مع تدعيم القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية فى الأسواق المحلية والدولية، والتكيف مع التغيرات المناخية، وزيادة تنافسية الصادرات الزراعية وتدعيم الصحة النباتية والحيوانية، مع دعم القطاع الزراعى بزيادة الاستثمارات الموجهة له، وتدعيم أنشطة الإنتاج الحيوانى والداجنى والسمكي

◄ الدلتا الجديدة
ومن أهم مشروعات التوسع الأفقى هناك مشروع الدلتا الجديدة العملاق بمساحة 2.2 مليون فدان، ومشروع تنمية جنوب الوادى «توشكى الخير» بمساحة 1.1 مليون فدان، ومشروع تنمية شمال ووسط سيناء بمساحة 456 ألف فدان، ومشروع تنمية الريف المصرى الجديد بمساحة 1.5 مليون فدان، بالإضافة إلى مشروعات أخرى ببعض محافظات الصعيد والوادى الجديد بمساحة 650 ألف فدان مثل مشروعات الدلتا الجديدة ـ مستقبل مصر ـ جنة مصر.

وتقوم وزارة الزراعة بالدور الكبير فى عمليات حصر وتصنيف الأراضي واستكشافها وتحديد درجات صلاحيتها وشكل البنية الداخلية المناسبة، وتحديد التراكيب المحصولية المناسبة فى ضوء نتائج تحليل التربة والمياه وغيرها، وتقديم الدعم الفنى والعلمى للمشروعات من خلال الكوادر البحثية فى جميع التخصصات، وتوفير التقاوى المعتمدة للمحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة وتقاوى الخضر وغيرها.

◄ توشكى الأكبر
يُعد مشروع توشكى الأكبر من نوعه فى قطاع الاستصلاح الزراعى فى الشرق الأوسط، وأحد المشروعات القومية العملاقة التى نجحت الدولة بتوجيهات الرئيس السيسى فى إعادة الحياة لها بحل كافة المشاكل التى كانت تعوق المشروع عن تحقيق مستهدفاته، وكذلك توفير جميع المقومات اللازمة لنجاحه، وهو الأمر الذى تطلب القيام بحجم أعمال هائل فى كافة جوانب ومكونات المشروع للنهوض به سواء على الجانب الإنشائى والبنية الأساسية، أو الفني، أو ما يتعلق بتوفير مياه الرى ومصادر الطاقة، وكذلك إنشاء المحاور لربط المشروع بشبكة الطرق القومية، وتوفير الموارد المالية لكل تلك العناصر.

وجاء قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي فى عام 2014، بإعادة إحياء مشروع توشكى ضمن خطة الدولة لإطلاق عدد من المشروعات الكبرى، ويأتى ذلك تزامنا مع عودة الحياة للمشروع توشكى العملاق الذى أصبح من أهم المشروعات القومية العملاقة التى نجح الرئيس فى إعادة الحياة فيها بعد فترة من التدهور التى أصابت المشروع فى جنوب أسوان، ليحيى المشروع مرة أخرى، وذلك فى إطار خطة الدولة لتوسيع الرقعة الزراعية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة فى الرى والزراعة، وذلك خلال الفترة من نوفمبر 2021 وحتى مارس 2023 تولت الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بالتنسيق مع أجهزة الوزارة ووزارة البحث العلمى دراسة 178 ألف فدان «مشروعات توسعات توشكى ـ مستقبل مصر»، وخلصت الدراسة إلى أن هناك ما يزيد على 100 ألف فدان صالحة للزراعة وتعتبر صالحة لمحاصيل القمح والشعير والذرة .... إلخ، وهناك اهتمام من القيادة التنفيذية بدراسة المناطق المتاخمة لمنخفضات توشكي، خاصة المنخفض الرابع وتمت دراسة 332 ألف فدان كمرحلة أولى، وخلصت الدراسة إلى أن هناك مساحة 135 ألف فدان صالحة للزراعة.

وتصلح مشروعات تنمية جنوب الوادى ومنخفضات توشكى لزراعة «القمح- الشعير-الذرة - لوبيا العلف- بنجر العلف ـ دوار الشمس ـ النخيل.

◄ الأفضل في العالم
الدكتور سامح عبدالفتاح، عميد كلية زراعة القاهرة، يقول إن استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة 2030 تستهدف تنمية الموارد الاقتصادية الزراعية، وتحقيق قدر كبير من الأمن الغذائى وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية، والاستراتيجية تهدف لإقامة مجتمعات زراعية جديدة متكاملة تشمل كل الأنشطة المرتبطة مع توفير فرص عمل منتجة فى قطاع الزراعة والأنشطة المرتبطة والاهتمام بسياسة التصنيع الزراعي لتعظيم القيمة المضافة من المنتجات الزراعية خاصة النباتات الطبية والعطرية والاهتمام بالصناعات التكاملية التحويلية.

أضاف، أنه تم اختيار المشروع الرئاسى «توشكى الخير» بصعيد مصر كأفضل مشروع بيئى فى العالم لأنه يطبق نظام الزراعة العضوية والحيوية فى التسمين وبرنامج المكافحة الحيوية فى مكافحة الآفات الحشرية والحيوانية بالإضافة إلى أن توشكى تتصف بأنها أرض بكر تخلو من متبقيات المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية وتتميز بجودة مياه الرى الخالية من الملوثات، خاصة العناصر الثقيلة بجانب نقاء الجو من الملوثات البيئية بهدف إنتاج غذاء نظيف صحى دون الإخلال بالنظام البيئي.

وقال إن القيادة السياسية تحرص على زيادة الرقعة الزراعية بالتوسع أفقياً ورأسياً فى المشروعات الإنتاجية، حيث تمت إقامة القرية البحثية على أرض توشكى والتى تعد من أهم المراكز البحثية والتدريبية العملاقة فى مصر والشرق الأوسط، حيث تقوم بتخريج كوادر علمية وعملية مؤهلة للتعامل مع أساليب التكنولوجيا الحديثة فى قطاع الزراعة خاصة أساليب الرى الحديث، ومنها الرى المحورى والرش والتنقيط وتطبيق نظام الزراعة الهيدروبونيك والأكوابونك والإيروبونك بهدف ترشيد استهلاك المياه فى الزراعة وتعظيم الاستفادة القصوى من وحدتى المياه والأرض على أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون.

◄ صناعات تكاملية
الدكتور جمال عبد ربه، عميد كلية الزراعة بجامعة الأزهر، أكد أن توشكى تعد من أهم مناطق مشروع المليون ونصف المليون فدان وسبق أن مرت بفترات صعبة، ولكن القيادة السياسية عادت لتنظر إليها من جديد، ومن أهم محاصيل توشكى زراعات تصنيعية لها قيمة مضافة مثل القمح وبنجر السكر والذرة الشامية، وبعض محاصيل الأعلاف مثل البرسيم، بالإضافة إلى النخيل، مضيفًا أن نظرة القيادة السياسية لمدينة توشكى هامة للغاية، وجاءت بعد فترة ركود، حيث نظر الرئيس للمشروع لتحقيق المستهدف منه، حيث يهدف إلى جانب الزراعة إقامة صناعات تكاملية مثل إنتاج السكر واستخلاص الزيوت للمساهمة فى إنتاج الزيوت، فضلاً عن أن المشروع به محور تنمية للإنتاج الحيواني، حيث يوفر رؤوس ماشية من الأغنام والماعز، ومن ثم ستتواجد مجازر آلية.

وقال إن الهدف من المشروع الخروج من الوادى الضيق لنهر النيل، حيث يمثل المشروع ما يبلغ 5 إلى 6٪ من مساحة مصر، وبالتالى بات من الضرورى الخروج للأراضى الجديدة وخلق تنمية شاملة بهدف تغيير التوزيع الديموجرافى وخلق مجتمعات عمرانية جديدة وتوفير فرص عمل للشباب وزيادة الدخل القومى.