«بريكس» يرسم مستقبل الاقتصاد العالمي

المصيلحي: «بريكس» فرصة لتوفير احتياجات مصر من السلع وحوافز في التعاقدات التجارية

جانب من أعمال قمة «بريكس» فى جنوب أفريقيا
جانب من أعمال قمة «بريكس» فى جنوب أفريقيا

قمة مجموعة «بريكس» الـ 15 التى عقدت فى العاصمة الجنوب إفريقية، جوهانسبرج، تحت شعار «بريكس وإفريقيا» ، بمشاركة قادتها الخمسة البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا ، والتى شارك فيها د مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء ، والتى تمت الموافقة فيها على انضمام 6 دول وعلى رأسها مصر وهى السعودية والامارات وأثيوبيا والأرجنتين وايران ، وذلك من بين 40 طلبا كانت متقدمة للانضمام للبريكس ، وبدأ تجمع بريكس يأخذ اهتماما دوليا بالغ الاهمية ، خاصة وأن العالم حاليا يشهد صراعا اقتصاديا ومتغيرات سياسية كبيرة ، بدأت مع الحرب الروسية الاوكرانية ، حيث بدأ العالم يشهد صراعات وتغيرات كبيرة على كافة المستويات ، وان تجمع بريكس بدأ يعمل بقوة لإحداث تغيرات على المستوى الاقتصادي، حيث يمثل بداية قوية لقيام كيان قوى لمواجهة النظام الدولى الذى يقوده الغرب، وفرصة لإيجاد نظام عالمى جديد متعدد الأقطاب ، لمواجهة الهيمنة الامريكية على معظم اقتصاديات وتجارة العالم خلال السنوات الماضية.

وبريكس هى منظمة سياسية بدأت المفاوضات لتشكيلها عام 2006، وهى اختصار لأربع دول الأعضاء هى البرازيل وروسيا والهند والصين وانضمت جنوب إفريقيا إلى المجموعة لاحقًا فى عام 2010.

واتفقت دول المجموعة على بعض أسس إصلاح النظام المالى والنقدى الدولى، وذلك بإنشاء بنك التنمية الجديد ، برأسمال قدره 100 مليار دولار مقسمة بالتساوى بين الدول الخمس فى عام 2014، ويقوم البنك بتقديم القروض والمعونات للدول الأكثر احتياجاً ، ويعد الهدف الاستراتيجى لتحالف بريكس هو كسر هيمنة الدولار بعد سنوات من إساءة استخدامه كعملة احتياط، من خلال تفعيل آليات التجارة البينية بالعملات المحلية واطلاق عملة منافسة فى المستقبل.

وقامت المجموعة بإنشاء صندوق احتياطى للطوارئ لدعم الدول الأعضاء التى تكافح من أجل سداد الديون بهدف تجنب ضغوط السيولة وأيضا تمويل البنية التحتية والمشاريع المناخية فى الدول النامية ، ويهدف التحالف إلى أن يصبح قوة اقتصادية عالمية قادرة على منافسة «مجموعة السبع ، وتعمل مجموعة بريكس على تحقيق أهداف وغايات اقتصادية وسياسية وأمنية عبر تعزيز الأمن والسلام على مستوى العالم، والتعاون لخلق نظام عالمى متعدد الأقطاب لكسر هيمنة الغرب بزعامة أمريكا بحلول عام 2050.


ويعتبر الخبراء أن هذا هو الوقت المناسب للاستفادة من المستوى المتزايد من عدم الرضا تجاه السياسات الأمريكية خاصة أن هيمنة الدولار تمثل عبئا على الدول ذات الديون المقوَّمة بالدولار خاصة عندما ارتفعت أسعار الصرف ، وتم الإعلان أخيرا عن تفوق مجموعة «بريكس» لأول مرة على دول مجموعة السبع الأكثر تقدما فى العالم، وذلك بعد أن وصل إنتاج دول «بريكس» إلى 31.5% مقابل 30.7% لدول مجموعه السبع الصناعية ، ويبلغ الناتج المحلى الإجمالى للدول الأعضاء مجتمعة ٢٦ تريليون دولار فى العام الماضى ويصل مجموع الاحتياطى النقدى الأجنبى للدول الأعضاء 4 تريليونات دولار.

وقالت منظمة التجارة العالمية إن مجموعة بريكس تستحوذ على 17٪ من التجارة العالمية خلال العام الماضى وبلغت قيمة التجارة لدول البريكس مجتمعة مع أمريكا وحدها حوالى 950 مليار دولار، بما يمثل 10.4% من إجمالى التجارة الدولية للدول الأعضاء ، وتسيطر دول بريكس على 27٪ من مساحة اليابسة فى العالم، بمساحة إجمالية 40 مليون كيلومتر مربع ويبلغ عدد سكان التحالف 3.2 مليار نسمة ما يعادل نحو 42٪ من إجمالى سكان الأرض، بينما يبلغ عدد سكان دول مجموعة السبع، نحو 800 مليون نسمة ومع دخول الأعضاء الجدد إلى مجموعة بريكس يمكن أن تنمو مساحة التحالف بمقدار 10 ملايين كيلومتر مربع، كما سيزداد عدد السكان بمقدار 322 مليون نسمة.

اتفاقيات التبادل التجاري

وتم ابرام العديد من الاتفاقيات بين الدول الأعضاء بشأن التجارة بالعملات المحلية وشملت الاتفاق الصيني-البرازيلى فى مارس الماضى إجراء صفقاتهما التجارية الهائلة مباشرة من خلال اليوان الصينى والريال البرازيلى كما تخلت الصين عن التعامل بالدولار مع روسيا وعدة دول أخرى ، وأكملت الصين أول عملية شراء للغاز الطبيعى المُسال باستخدام التسوية باليوان الصينى بدلاً من الدولار، وذلك لشراء دفعة قادمة من الإمارات، وبدأت الهند منذ أشهر قليلة فى تأمين آلية دفع ثنائية مع الإمارات العربية المتحدة بالروبية الهندى ، وتحرص الهند على التوصل لاتفاقات مماثلة للدفع بعملات محلية مع دول أخرى إذ تتطلع إلى تعزيز الصادرات فى ظل تباطؤ التجارة العالمية ، واتفقت البرازيل والأرجنتين فى يناير الماضى على إطلاق عملة موحدة جديدة، تحمل اسم «سور»، بهدف تعزيز التجارة الإقليمية، وتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي.

وتعمل البريكس فى الآونة الأخيرة على إنشاء عملة مشتركة جديدة بين دولها كوسيلة للرد على هيمنة الدولار واستخدامه الخاطئ من قبل الولايات المتحدة خاصة فى أعقاب العقوبات القاسية التى فرضتها الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى على روسيا لأن هناك مستوى عاليا من المعارضة لهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية ولكن حتى الآن لم يتم وضع إطار تنفيذى لها مع التوسع حاليا فى اتفاقيات التجارة بين الدول الأعضاء بالعملات المحلية والاستغناء عن الدولار.

وقال د علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية ، ان تجمع بريكس فرصة كبيرة لحل مشكلة توفير العملات الأجنبية لاستيراد السلع ومستلزمات الصناعة والتى ظهرت خلال الأشهر الماضية وأثرت بشكل كبير على توفير السلع بالأسواق ، وذلك بسبب التعامل بالدولار الأمريكى على انه العملة العالمية والسائدة والمسيطرة على التعاملات التجارية العالمية ، وأضاف ان الانضمام الى بريكس فرصة قوية لضرب الهيمنة الامريكية على التعاملات الاقتصادية ، خاصة وأن معظم تعاملات مصر مع الدول الاعضاء فى البريكس وعلى رأسها الصين والهند والبرازيل والدول العربية مثل السعودية والامارات ، وأن الانضمام الى البريكس سيتم تنفيذه من اول يناير القادم طبقا لقرار المنظمة ، وأن التجمع الجديد يمثل فرصة للتمثيل العادل للبلدان النامية وتعزيز حقوقها فى التصويت بالمؤسسات الدولية، لخلق توازن فى النظام العالمى.

وأشاد د. إبراهيم العشماوى مساعد أول وزير التموين والتجارة الداخلية ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية ، بانضمام مصر لمجموعة « بريكس « وأكد أنها فرصة لحل المشاكل على المستوى الداخلى من خلال التعامل بالعملات الوطنية للدول الأعضاء فى المجموعة ، خاصة بعد موافقة الحكومة مع عدد من الدول على التعامل بالعملات الوطنية ، مثل اليوان الصينى والروبل الروسى لتخفيف الضغط على الدولار الذى تعانى الدولة صعوبات كبيرة فى توفيره ، بما ينعكس على زيادة أسعار السلع النهائية للمواطنين ، مشيرا إلى ان انضمام مصر لمجموعة بريكس يساعد على زيادة الاستثمارات الخارجية الواردة للاستثمار فى مصر خلال مرحلة القادمة ، وخاصة بعد تنفيذ القرارات التى وافق عليها المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى ، لتيسير الاستثمار وتحفيز المستثمرين سواء من مصر أو الخارج.

وقال د. أحمد أبو اليزيد رئيس مجلس إدارة شركة الدلتا للسكر ،والخبير الاقتصادى ، إنه نظرا لموقع مصر كبوابة لإفريقيا فإن الانضمام لتجمع بريكس فرصة كبيرة لتحويل مصر الى محور استراتيجى للاستثمار والنشاط الاقتصادى والتجارى ، كما أنه فرصة كبيرة لتأمين احتياجات البلاد من السلع الضرورية كالقمح والذرة الصفراء وفول الصويا والبن والشاى وغيرها من دول التحالف، خاصة وان الدول الأعضاء من اكبر الدول المنتجة للسلع والحاصلات الزراعية والماشية والاسماك والسلع الغذائية التى تحتاجها مصر مما يعطى مزايا تفضيلية فى المعاملات التجارية مع الدول الأعضاء.