سوق السيارات نداء إنقاذ وروشتة إنعاش | نقص معروض ومكونات إنتاج وارتفاع أسعار و«أوفربرايس»

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ تحقيق: نهى النجار

أسعار السيارات هى الشغل الشاغل للمستهلك سواء كان مالكا ويريد البيع والتجديد أو آخر مقبل على الشراء.. فى أسواق "الزيرو" أو "المستعمل" ارتفعت أسعار السيارات بشكل مبالغ فيه وسط مطالبات بخفضها من أجل الوصول إلى سعر عادل يمكن المستهلك من تحقيق حلمه فى امتلاك سيارة، ولكن تقف تلك الأسعار الخيالية حائلًا دون تحقيق هذا الحلم على أرض الواقع, ليصاب المستهلك بحالة من الإحباط واليأس جراء  الوضع السائد, كما أصيب سوق السيارات بحالة غير مسبوقة من الركود لم يشهدها من قبل.. 

"أخبار السيارات" رصدت فى هذا التحقيق آراء الخبراء والمتخصصين بشأن رؤيتهم حول كيفية خفض الأسعار وإيجاد حلولًا جذرية للأزمة الراهنة بحثًا عن انفراجة تعوض خسائر القطاع خلال العام الجاري.

◄ رأفت مسروجة: حل الأزمة بإلغاء رسوم الجمارك والقيمة المضافة على السيارات

- يؤكد اللواء رأفت مسروجة, خبير السيارات والرئيس الشرفي لمجلس معلومات سوق السيارات "الأميك", أن تحرك سعر الدولار وارتفاعه مقابل انخفاض قيمة الجنيه المصرى هو المتسبب الرئيسى فى حدوث الأزمة الراهنة, حيث أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار السيارات نحو 4 أضعاف من قيمتها الفعلية, وكذلك زيادة الجمارك والقيمة المضافة فضلًا عن ارتفاع نسب هوامش الأرباح لدى التجار والموزعين.

◄ اقرأ أيضًا | بعد ارتفاع الأسعار.. هل يتجه المصريون لشراء السيارات الكهربائية؟

ويضيف مسروجة, أن حل الأزمة الراهنة يكمن فى تدخل الدولة من خلال النظر إلى قطاع السيارات نظرة مختلفة تتماشى والأوضاع الراهنة وذلك عن طريق قيامها بإلغاء حصتها من الجمارك وضريبة القيمة المضافة على السيارة القادمة من الخارج, مؤكدًا أن ذلك الإجراء لن يخل بموارد الدولة لأن عائدهما داخل موازنتها العامة يعد قليلًا للغاية, حينئذ سوف تنخفض أسعار السيارات إلى أقل من النصف, ما يؤدى ذلك إلى خلق حالة من الحراك تسهم فى انتعاش السوق والنهوض به, كما ستقل معدلات التضخم فضلاً عن جذب المستثمرين والشركات الأم لجلب السيارات داخل السوق المصرية الأمر الذى يؤدى إلى زيادة المعروض ومن ثم تنخفض أسعار السيارات وينتعش السوق من جديد.

كما يشير مسروجة, أيضًا إلى ضرورة تدخل الشركات الكبرى المستوردة وعدم الاكتفاء بالمشاهدة فحسب وذلك عن طريق تقديم الأطروحات والأفكار سواء على طاولة الحكومة أو الشركات الأم من أجل التوصل إلى حلول جذرية لتلك الأزمة تسهم فى إنقاذ سوق السيارات من عثرته.

◄ خالد سعد: الاهتمام بالصناعة المحلية والتصدير "طوق النجاة"

ويشير خالد سعد، أمين عام رابطة مصنعى السيارات، إلى أن سوق السيارات لم يشهد أية تطورات ملموسة ومازال يعانى حالة من عدم الاستقرار, فهناك نقصًا فى المعروض من السيارات ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وحدوث ركود فى سوق "الزيرو" و"المستعمل" على حد سواء, ليس هذا فحسب بل أنه يوجد تفاوتًا فى سعر المنتج الواحد لدى التجار وبعضهم البعض مع عدم ثبات هذا السعر. ويوضح سعد, أن انخفاض أسعار السيارات يأتى مرهونًا بتوافر الدولار فى السوق مع استقرار وثبات سعره, إلى جانب عودة الاستيراد من جديد الذى أدى توقفه إلى حدوث نقص المعروض فى السوق المحلية وارتفاع الأسعار, مشيرًا إلى أن المتسبب فى ارتفاع الأسعار هو الدولار فهو المتحكم فى السوق وليس الوكلاء أو الموزعين والتجار. 

وحول توقعاته بحدوث انفراجة فى السوق ونحن على أعتاب الربع الأخير من العام واستقبال عام 2024 القادم على الأبواب, يرى سعد, أنه إذا ظل الدولار غير متوفر بالسوق فسوف يبقى الحال على ما هو عليه حتى نهاية العام الجارى, كما يمكن أن يمتد هذا الوضع إلى منتصف العام القادم وبالتالى لن تحدث أى انفراجة, ولكنه أشار فى الوقت ذاته إلى أن حل الأزمة يكمن فى الاهتمام بالصناعة المحلية والتوجه نحو دعم التصنيع المحلى بهدف التصدير, والذى سيكون بمثابة المنقذ وطوق النجاة لقطاع السيارات فى ظل أزمة توقف الاستيراد وعدم تدبير العملة الصعبة "الدولار". 
 

◄ علاء السبع: اتخاذ خطوات إصلاحية سريعة وتشجيع الاستثمار 

ويقول المهندس علاء السبع, عضو شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن القائمين على السوق مازالوا يعانون من النقص الشديد فى فتح الاعتمادات المستندية والتحويلات البنكية وعدم تدبير الدولار, بالإضافة إلى نقص مكونات الإنتاج لدى مصانع التجميع المحلى ما جعلها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها ومتطلباتها حتى باتت تنتج ما بين 20 إلى 30% فقط من إجمالى حجم إنتاجها.

ويضيف السبع, أنه يحترم السياسة النقدية للدولة والتى توجه العملة الأجنبية المتوفرة لديها نحو سداد الديون وفتح الاعتمادات للسلع الأساسية التى لا غنى عنها لدى المواطنين وللدواء والقروض, الأمر الذى أدى بدوره إلى وجود عجز فى تدبير العملة الأجنبية وعدم توافرها, فضلًا عن ضعف القوة الشرائية وتراجعها للغاية فى الوقت الذى يشهد فيه السوق نقص فى المعروض من السيارات, ما أدى إلى تفاقم الأزمة شيئًا فشيئًا حتى بات من الصعب على أى أحد التنبؤ بحدوث انفراجة قريبة فى السوق. 

وبشأن مدى إمكانية انخفاض أسعار السيارت يؤكد السبع, أن انخفاض الأسعار يتطلب توافر السيارات وكثرة المعروض منها, ولكن السوق فى الوقت الراهن يشهد تزايد حجم الطلب مقارنة بنقص المعروض, ولكن بالرغم من تزايد الطلب إلا أن القوة الشرائية لدى العميل تراجعت بشدة, مشيرًا إلى أن السبب وراء قلة المعروض هو توقف الاستيراد والاعتماد على الاستيراد الشخصى حاليًا حتى أصبح حجم مبيعات السوق يتراوح ما بين 3000 – 4000 سيارة شهريًا, بعد ما كانت تتراوح المبيعات ما بين 20 - 30 ألف سيارة. ويوضح السبع, أن الأسعار يمكن أن تنخفض فى حال زيادة المعروض وقلة الطلب على الشراء, أو فى حال توازن العرض مع الطلب حيث توجد دورة لانخفاض وارتفاع الأسعار وفقا للعرض والطلب, وبالتالى يصعب التنبؤ بتوقيت حدوث تلك الدورة, كما يصعب التنبؤ بانخفاض الأسعار خلال الوقت الراهن أو مستقبلًا لمدة قد تتراوح ما بين عام إلى عام ونصف العام على الحد الأدنى وذلك وفقًا لدراسات أعدت مسبقًا.

 ويتابع قائلا: فى حال توافر الدولار فى البنوك مع ثبات سعره والحصول عليه بسهولة حينئذ يمكننا القول أن أسعار السيارات سوف تنخفض, ولكى يحدث ذلك لابد من البدء فى اتخاذ خطوات إصلاحية والتى تتطلب بعض الوقت لتنفيذها قد يصل إلى عامين من الآن لإنهاء الأزمة الراهنة وحل كافة المشكلات وإزالة المعوقات التى تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة, ولكن شريطة أن تكون تلك الخطوات الإصلاحية سريعة وتضمن توفير الدولار بكميات كبيرة للغاية تصل إلى عشرات المليارات مع ثبات سعره من أجل التصنيع وتوفير مكونات الإنتاج, هذا بالإضافة إلى التعديلات التى أجريت على قانون الاستثمار مؤخرًا وهى جيدة ونرجو تنفيذها فى الحال بهدف تشجيع الاستثمار القادم من الخارج, مع عدم منافسة المستثمرين لخلق مناخ جاذب للاستثمار وضخ المزيد من الاستثمارات التى ستسهم بدورها فى توافر العملة الأجنبية بالسوق المحلية بهدف النهوض بقطاع السيارات وعودة الروح إليه مجددًا.

◄ عمر بلبع: نقص المعروض دفع التجار إلى زيادة الأسعار

يؤكد عمر بلبع، رئيس الشعبة العامة للسيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن السوق يعاني حالة من الركود غير مسبوقة نظرًا لنقص المعروض من السيارات سواء المستوردة أو المجمعة محليًا مقارنة بالأعوام السابقة وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه.

ويوضح أن قلة أعداد السيارات الموجودة لدى التجار دفعتهم إلى وضع هامش ربح أكبر على السيارات المباعة لتعويض الخسائر التى تكبدونها جراء انخفاض المعروض, حيث كان يحصل التاجر على هامش ربح معين نظير بيع 1000 سيارة فى العام على سبيل المثال, أما الآن فقد يمكن أن تكون حصيلة بيعه نحو 100 سيارة, من هنا يضطر إلى زيادة نسبة هامش ربحه وهو ما يعرف نظريًا بـ "الأوفر برايس" لكن عمليًا تعد زيادة الغرض منها تعويض هذا التراجع الملحوظ فى حجم المبيعات نتيجة النقص الشديد فى أعداد السيارات المتوفرة لديه, وتغطية كافة نفقاته ومصروفاته الإدارية والتزاماته المادية.

ويضيف بلبع, أن هناك عوامل خارجية ألقت بظلالها على قطاع السيارات منها أزمة "كورونا" فضلًا عن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية, ولكون مصر جزءًا لا يتجزأ من منظومة التجارة العالمية فكان عليها أن تتأثر بتلك العوامل كما تأثر بدوره قطاع السيارات, هذا بالإضافة إلى تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه", وارتفاع سعر الدولار وعدم توافره فى السوق, والاستيراد شبه المتوقف الذى أدى إلى نقص المعروض, موضحًا أن الوضع السائد لسوق السيارات حاليًا لا أحد يعلم متى سيشهد تحسنًا ملموسًا نظرا لعدم وضوح الرؤية وضبابية المشهد, معربًا عن أمله فى تحسن أوضاع منظومة التجارة وقطاع السيارات.

◄ خالد الطحاوي: تراجع أسعار "المستعمل" مرهون بانخفاض "الزيرو"

يؤكد المهندس خالد الطحاوى، صاحب معرض بسوق السيارات الجديد بطريق "القطامية – السخنة", أن حركة البيع والشراء فى سوق المستعمل جيدة للغاية ولا يعانى أى حالة من الركود, وتوقع تزايد القوة الشرائية خلال الفترة المقبلة ولاسيما عقب انتهاء امتحانات الثانوية العامة والجامعات وحلول فصل الصيف الذى يشهد إقبالًا متزايدًا على شراء السيارات من أجل السفر لقضاء عطلة الإجازة الصيفية, كما يشهد سوق السيارات الجديد حالة من الرواج فى حركة البيع والشراء حيث يتزايد إقبال رواده سواء لعرض سياراتهم للبيع أو للشراء.

ويشير الطحاوى, إلى أن هناك إقبالًا من العملاء على شراء السيارات المستعملة من مختلف العلامات التجارية, ولكن يأتى "اليابانى" و"الكورى" فى المقدمة يليهما "الألمانى" و"الصينى" ثم "الفرنسى" وأخيرًا "الأمريكى", فى حين وصل حجم مبيعات سوق المستعمل إلى 75% وهى نسبة كبيرة للغاية.  

- وبشأن احتمالية انخفاض أسعار السيارات المستعملة خلال الفترة الحالية يوضح الطحاوى, أنه بالفعل هناك ارتفاعًا كبيرًا للغاية فى أسعار السيارات المستعملة حتى أن سعر السيارة الصينية تجاوز مليون جنيهًا جراء ارتفاع أسعار السيارات "الزيرو", حيث يرتبط سوق "المستعمل" ارتباطًا وثيقًا بسوق "الزيرو" ومن ثم ارتفعت أسعار السيارات المستعملة جراء ارتفاع نظيرتها "الزيرو".

◄ محمود علام: جذب الاستثمارات الأجنبية واستقطاب الشركات الأم يعيدان الروح للسوق 

يشير محمود علام، خبير السيارات التجارية، إلى أن مبيعات السوق انخفضت ما بين 70 – 75% وهى نسبة كبيرة للغاية, جراء ضعف القدرة الشرائية من قبل المستهلك بعدما بات غير قادر على شراء السيارة فى ظل ارتفاع الأسعار والتضخم السائد حاليًا, وكذلك ارتفاع تكلفة الصيانة وقطع غيار أو ارتفاع تكلفة التشغيل بوجه عام, وهو ما يبدو جليًا فى السيارات التجارية حيث تعد تكلفة تشغيلها مرتفعة للغاية على قائدها أو مالكها, الأمر الذى أدى بدوره إلى تراجع الطلب على الشراء تزامنًا مع نقص المعروض ما أصاب السوق بحالة من الركود, مشيرًا إلى أن الدولار هو المتسبب فى ارتفاع الأسعار وليس الوكلاء أو التجار نظرًا لعدم توافره فى السوق وارتفاع سعره.

وحول إمكانية انخفاض أسعار السيارات يضيف علام, أنه من الصعب انخفاض الأسعار فى تلك الآونة, مشيرًا إلى أن تراجع الأسعار يرتبط ارتباطًا وثيقًا بحل مشكلة تدبير الدولار وتوافره فى السوق, ولكن حتى فى حال انتهاء تلك الأزمة فلن توفر الدولة تلك العملة لدعم استيراد السيارات حيث لن تتجه مستقبلًا نحو استيراد أو تمويل شراء سيارة كاملة الصنع من الخارج, بل ستوفر الدولار لشراء مكونات الإنتاج من الخارج من أجل التصنيع المحلى تماشيًا وتوجهاتها نحو دعم وتعميق الصناعة المحلية, بالإضافة إلى  قيامها بفتح اعتمادات للشركات المصنعة نظير تصدير إنتاجها وبالتالى جلب الدولار من الخارج إلى السوق المحلية أى التصنيع من أجل التصدير, أما من يرغب فى استيراد سيارة من الخارج سيلجأ حينها إلى الاستيراد الشخصى. 

 

◄ محمود حماد: السوق يعاني ركودا تضخميا.. والاهتمام بالتصنيع المحلى "ضرورة"

يؤكد محمود حماد، رئيس قطاع المستعمل و"الهايبرد" برابطة تجار السيارات، أن السوق يمر بحالة من الركود التام وضعف القوة الشرائية بنسبة تقارب الـ 80% منذ منتصف شهر يونيو الماضى وحتى الآن, وذلك لعدم قدرة المستهلك على شراء السيارة لكون دخله الشهرى لا يحتمل سداد أقساط سيارة جديدة فى ظل ارتفاع الأسعار بهذه الصورة, فضلًا عن تفضيله شراء السلع الأساسية والضرورية كالغذاء والدواء عن شراء سيارة, الأمر الذى أثر سلبًا على مبيعات معارض السيارات سواء "الزيرو" أو المستعملة على حد سواء حتى باتت السيارة سلعة باهظة الثمن ليس لها "زبون".

ويشير إلى أن نسبة الطلب على شراء السيارات المستعملة من قبل العميل لا تتعدى الـ 20%, فيما يتزايد الطلب أكثر على السيارات الفارهة من قبل شريحة بعينها من المستهلكين القادرين على الشراء, من بينها: العلامة الألمانية العريقة "مرسيدس" ونظيرتها "بى إم دبليو", وأيضًا "جيب" التى وصل سعرها فى سوق المستعمل إلى 3 مليون جنيه, فيما يبدأ سعر "مرسيدس" المستعملة من 2 مليون جنيه فأكثر.