فى أروقة السياسة

أماكن لها قدسية خاصة ... مسجد السيدة نفيسة

د. سمير فرج
د. سمير فرج

عندما تضيق بى الدنيا، أو كما نقولها بالعامية «تسود الدنيا فى عيوني»، ولما يفيض عليّ الله من كرمه وفضله؛ ففى الحالتين لا ملاذ لى إلا إليه، سبحانه رب العباد، أشكره وأحمده فى السراء والضراء، طالباً منه الفرج، والعون، ورافعاً يدى شكراً وحمداً على نعمه، متخذاً من جامع السيدة نفيسة، منصة للتعبير عما يجول فى نفسي، لما لهذا المكان الروحاني، من مكانة خاصة لدى جميع المصريين، مثله وباقى مساجد آل البيت، سيدنا الحسين والسيدة زينب. 

وأذكر يوم أن حلف المشير طنطاوي، رحمه الله، اليمين بتعيينه وزيراً للدفاع، أن رأيته واقفاً فى جانب المسجد، ينتظر خروج زوجته، ولم أتحدث معه يومها. ولكن بعدها بسنوات، عندما توطدت العلاقة بيننا، سألته عما كان يفعل يومها، فأجابنى بأنه توجه لمنزله، بعد حلف اليمين أمام السيد الرئيس، واستبدل زيه العسكرى بملابس مدنية بسيطة، واصطحب معه زوجته إلى مسجد السيدة نفيسة، فصلى ركعتى شكر لرب العالمين، وركعتين أخريين طالباً من الله سبحانه وتعالى التوفيق فى مهمته الجديدة.

ولم أتعجب مما سمعت، فما فعله المشير طنطاوي، هو شأن الكثير من المصريين، وأنا منهم، فلطالما لجأت إلى جامع السيدة نفيسة، لأرجو من العلى القدير قضاء مطالبي، ولم يخذلنى الله، يوماً، فقد كانت استجابته، دوماً، أكرم من حاجتي، فلما طلبت التوفيق فى دراستى الحربية، تخرجت فى كلية أركان حرب، وأنا برتبة رائد، بتقدير امتياز، وبالمركز الأول على دفعة قوامها مائة وخمسون ضابطا، بينهم العقيد، حينئذ، عمر سليمان، رحمة الله عليه، الذى أصبح مديراً للمخابرات العامة، فيما بعد. 

ورغم عدم قدرتى على حصر سبب، أو أسباب محددة، لذلك الارتباط العاطفى بين الكثير من المصريين، وبين مسجد السيدة نفيسة، إلا أننى متفهم، تماماً، لتلك المشاعر، والسكينة التى نشعر بها هناك، والتى دفعت الكثير من المصريين للتوصية بأن تقام صلاة الجنازة عليهم بمسجد السيدة نفيسة، بنت الحسن الأنور، بن زيد الأبلج، بن الحسن، بن سيدنا علي، والسيدة فاطمة، سليلة بيت النبوة، المولودة فى عام 514 هجرية بالمدينة المنورة، والتى جاءت إلى مصر مع زوجها وأبيها، وعمرها 48 عاماً، وتوفيت بها، ودفنت فى هذا المسجد، الذى أصبح مكاناً روحانياً لكل المصريين.

وأمام تلك المكانة الخاصة، والمنزلة الرفيعة، فى قلوب المصريين جميعاً، فقد سعدت كثيراً، بما نال مساجد آل البيت، مؤخراً، من تطوير.