نبيلة الفولى تكتب : لا تدفنوا قلبى معى

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

عندما أموت..
لا تدفنوا قلبى معى
ففيه محبة تكفى العالم 
لم تُستغل، ولم تُستنفد بعد
عندما أموت؛
ابحثوا عن طفلة تشبهنى
يتيمة الأب 
مكلومة الأم
اقتلعوا منها قلبها حين اقتلعوهما منها
وازرعوا لها قلبى لتطمئن
إنها ليست وحيدة فى هذا العالم القبيح

عندما أموت؛
ابحثوا عن فتاةٍ لم تبلغ بعد؛
وأبلغوها أن الحب مستحيلٌ فى بلادى
ولكنها لا يجب أن تتوقف عن البحث عنه
وأعطوها قلبى كدليل

اقرأ ايضاً| هدى الهرمى تكتب : كونشرتو الصمت

عندما أموت؛
ابحثوا عن امرأة أسلموها ببرودٍ العراءَ مغتصبًا
دونما تألمٍ أو ضمير
ورحلوا؛
يستدفئون بأحضان زوجاتهم
وينفضون عن رؤوسهم «وجع الدماغ»!

فلستُ سوى حصوة أصابتهم بالصداع 
يوم رياحٍ عتيدة، 
اقتلعت جذور أمى من ضلوعهم 
بيد أنها أوصتهم بى! 
فأداروا وجوههم
فأسلِمُوها قلبى المنتصر..
لتتبصَّر
عندما أموت؛
ابحثوا عن أُمٍّ تحتاج لابنةٍ لا تبكى
فقد أجهد أمى بكائى الطويل 
وكانت مجهدة ولا تحتاج لمزيد 
وكنت طفلة لا تريد من الدموع..
إلا إغراق قلب حبيبتها بالماءِ 
لتنتبه..
أنها غريبة
وأنها تعيسة
وأنها بائسة
وأنها وحيدة
وأنها تغرق!!
والآن بعد أن صِرتُ أُمَّاً؛
أريد أن أتصدق على رُوحها بسعادة لم أعرفها
لأُمٍّ لا أعرفها
لعلها «رحمةٌ ونور»
على رُوحها التعسة

عندما أموت؛
لا تخوضوا فى سيرتى إلا بالشِّعر
فالشِّعر قلبى الذى لا يملُّ من توزيع نبض الحياة على العالمين
فينبت بالزهر والعطر فى ذوى القلوب الحزينة
رغم كلِّ الشوك فى روحى
وضعوه على قبرى

عندما أموت؛
قولوا كانت امرأةٌ لا تبغى من الحياةِ إلا رجلاً مُحباً،
له مثل قلبها
تناجيه فى أشعارها
أن يحمل فى جيبه حنانًا مِن رِحل أبيها 
وفى روحه أشجارًا من روح أمها
وفى يديه فاكهةً ـ حُرِّمت عليها ـ من بساتين إخوتها
وتحت معطفهِ عالمٌ من أمانٍ نائمٍ


تحت جلود المنبوذين، والمحرومين، والمساكين، 
ولا يجدونه..
إلا فى انعزالهم ووحدتهم!
ومَن يحتفظون بهم فى مخيلتهم!
ويدين لضلوعهم بالاختباء!

عندما أموت
اقرأوا عن قلبى وِرد الحُب
على رؤوس العرائس والعجائز والراحلين والنائحين؛ 
على حدٍّ سواء
وحفِّظوه للأطفال التعساء
القادمين فى بلادٍ لا تعرف الحُب
قبل أن يقتلعوا قلوبهم
ويحشوا أجسادهم بالقش 
ويُشَيُّعوا جثامينهم للحياة!!

عندما أموت
أعطوا قلبى لمولودةٍ
أتت للحياةِ بثقبٍ فى القلب
 لعلها بعد أن تكبُر وتدركها الحِكمة وتموت
تنظر من ثُقبِ قلبها إلى الله
وتعود إليهِ.. 
بقلبٍ سليم.