بداية

الباب الخلفى

علاء عبد الكريم
علاء عبد الكريم

‭..‬هل‭ ‬تصح‭ ‬المقارنة‭ ‬بين‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة؛‭ ‬فـ‭ ‬نصنف‭ ‬هذه‭ ‬جماعة‭ ‬متشددة‭ ‬وأخرى‭ ‬تكفيرية‭ ‬وثالثة‭ ‬تميل‭ ‬إلى‭ ‬العنف،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬المكون‭ ‬العقدي‭ ‬واحد؟‭!‬،‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬المفيد‭ ‬والمجدي‭ ‬نصيحة‭ ‬هؤلاء‭ ‬وإقناعهم‭ ‬أن‭ ‬تكفير‭ ‬المسلمين‭ ‬والقتل‭ ‬والتدمير‭ ‬والتخريب‭ ‬وسرقة‭ ‬الأموال‭ ‬واستباحة‭ ‬جميع‭ ‬حرمات‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬تأصيل‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬دين‭ ‬أنزله‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬رسله‭ ‬وأنبيائه،‭ ‬وهي‭ ‬بمثابة‭ ‬دعاوى‭ ‬دينية‭ ‬باطلة؟‭!‬،‭ ‬هل‭ ‬نستطيع‭ ‬محو‭ ‬فكرة‭ ‬الولاء‭ ‬والبراء‭ ‬من‭ ‬عقولهم‭ ‬وإقناعهم‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬العقيدة‭ ‬أو‭ ‬التوحيد،‭ ‬وإنما‭ ‬جاءت‭ ‬مع‭ ‬جماعة‭ ‬الخوارج‭ ‬التي‭ ‬ومنذ‭ ‬ظهورها‭ ‬وهي‭ ‬بأفكارها‭ ‬الضالة‭ ‬والمضلة‭ ‬تهدد‭ ‬استقرار‭ ‬المجتمعات‭ ‬والدول؟‭!‬،‭ ‬هل‭ ‬نصدق‭ ‬هرطقات‭ ‬وزندقات‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬إخوان‭ ‬الشياطين‭ ‬وهم‭ ‬من‭ ‬نسل‭ ‬المفسدين‭ ‬والإرهابيين‭ ‬وسافكي‭ ‬الدماء؟‭!‬

فمثلما‭ ‬كانت‭ ‬الشواهد‭ ‬بادية‭ ‬على‭ ‬فسوق‭ ‬وإجرام‭ ‬الأولين‭ ‬منهم‭ ‬وجاز‭ ‬قتلهم‭ ‬قصاصًا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬فعلوه‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬تاريخهم‭ ‬البائد‭ ‬وإلى‭ ‬الآن؛‭ ‬ولنا‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬المناضلين‭ ‬محمد‭ ‬البراهيمي‭ ‬وشكري‭ ‬بلعيد‭ ‬دليل‭ ‬واضح‭ ‬وضوح‭ ‬النهار‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬ظهوره‭ ‬إلى‭ ‬دليل؛‭ ‬فالحقيقة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ريب‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬جماعات‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬مشاربهم‭ ‬وتنوعهم؛‭ ‬هي‭ ‬جماعات‭ ‬انتهازية‭ ‬لم‭ ‬تقدم‭ ‬خطابًا‭ ‬دينيًا‭ ‬معتدلًا‭ ‬وإنما‭ ‬خطابًا‭ ‬دينيًا‭ ‬مشوهًا‭ ‬تجرعت‭ ‬من‭ ‬سمومهم‭ ‬أجيال‭ ‬متتالية‭.‬

فـ‭ ‬‮«‬صنمهم‭ ‬المعبود‮»‬‭ ‬حسن‭ ‬البنا‭ ‬الساعاتي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬دعوته‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬بالحكمة‭ ‬والموعظة‭ ‬الحسنة‭ ‬كما‭ ‬ادعى‭ ‬يوم‭ ‬أن‭ ‬أنشأ‭ ‬جماعته‭ ‬من‭ ‬95‭ ‬سنة،‭ ‬وإنما‭ ‬كانت‭ ‬دعوة‭ ‬سياسية‭ ‬إرهابية‭ ‬تتستر‭ ‬بالدين‭ ‬وتدعو‭ ‬إلى‭ ‬العنف‭ ‬والتخريب‭ ‬والتدمير‭ ‬والقتل؛‭ ‬وحتى‭ ‬يجد‭ ‬تأصيلًا‭ ‬لما‭ ‬يفعله‭ ‬طلب‭ ‬مؤسس‭ ‬شجرة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬البنا‭ ‬الساعاتي‭ ‬من‭ ‬الشيخ‭ ‬سيد‭ ‬سابق‭ ‬بوضع‭ ‬مذكرات‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬الفقه‭ ‬تقنن‭ ‬لهم‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬الإرهابية‭ ‬وإيجاد‭ ‬مشروعية‭ ‬لها‭ ‬بلي‭ ‬النصوص‭ ‬الدينية‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬والسنة‭ ‬خصوصًا‭ ‬آيات‭ ‬الجهاد،‭ ‬وهي‭ ‬المذكرات‭ ‬التي‭ ‬نقحها‭ ‬الشيخ‭ ‬الإخواني‭ ‬سيد‭ ‬سابق‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬وأصدرها‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬الشهير‭ ‬‮«‬فقه‭ ‬السنة‮»‬،‭ ‬ليكون‭ ‬بابًا‭ ‬خلفيًا‭ ‬لشرعية‭ ‬شرورهم‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬سبيل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مبتغاهم‭ ‬أباح‭ ‬لهم‭ ‬اليهودي‭ ‬المغربي‭ ‬مؤسس‭ ‬أخطر‭ ‬جماعة‭ ‬إرهابية‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬البنا،‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالبلطجية‭ ‬والخارجين‭ ‬عن‭ ‬القانون؛‭ ‬وهو‭ ‬نفس‭ ‬مسلك‭ ‬خلفائهم‭ ‬بعد‭ ‬هوجة‭ ‬يناير‭ ‬2011،‭ ‬عندما‭ ‬استعانوا‭ ‬بالبلطجية‭ ‬في‭ ‬حشد‭ ‬أعوانهم‭ ‬والإنفاق‭ ‬عليهم‭ ‬ببذخ‭ ‬لإثارة‭ ‬الفتنة‭ ‬وقطع‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬الأبرياء‭.‬

وهو‭ ‬ما‭ ‬اعترف‭ ‬به‭ ‬أحد‭ ‬المنتسبين‭ ‬للجماعة‭ ‬وهو‭ ‬أحمد‭ ‬عادل‭ ‬كمال‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬نقط‭ ‬فوق‭ ‬الحروف‮»‬‭ ‬قال‭ ‬نصًا‭ ‬في‭ ‬الصفحة‭ ‬رقم‭ ‬300‭: ‬‮«‬بأن‭ ‬السلاح‭ ‬كان‭ ‬يستحوذ‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬اهتمام‭ ‬أعضاء‭ ‬النظام‭ ‬الخاص،‭ ‬ولو‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬حرمة‭ ‬المصحف،‭ ‬فكانوا‭ ‬لا‭ ‬يتورعون‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬المصحف‮»‬‭ ‬في‭ ‬الشفرة‭ ‬بينهم‭ ‬بمعنى‭ ‬المسدس‭ ‬أو‭ ‬الرشاش‭!‬،‭ ‬كما‭ ‬يخفون‭ ‬المسدسات‭ ‬داخل‭ ‬فجوات‭ ‬يصنعونها‭ ‬داخل‭ ‬المصاحف‮»‬‭.‬

فالحقيقة‭ ‬المؤكدة‭ ‬هي؛إذا‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬تشعل‭ ‬حربًا‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬ما‭ ‬بالعالم،‭ ‬ليس‭ ‬عليك‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬تجعل‭ ‬الدين‭ ‬هو‭ ‬الأساس‭ ‬الذي‭ ‬تعتمد‭ ‬عليه‭ ‬لنشر‭ ‬ثقافة‭ ‬التعصب‭ ‬والتطرف‭ ‬والإرهاب،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬أعظم‭ ‬الأخطار،‭ ‬ربما‭ ‬تتجاوز‭ ‬التعصب‭ ‬العنصري،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬المتعصب‭ ‬هنا‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬ليّ‭ ‬عنق‭ ‬النص‭ ‬الديني‭ ‬لتبرير‭ ‬شرعية‭ ‬القتال‭ ‬والاغتيال،‭ ‬بزعم‭ ‬أن‭ ‬علوم‭ ‬الدين‭ ‬وحدها‭ ‬هي‭ ‬الدليل‭ ‬على‭ ‬الإيمان،‭ ‬وما‭ ‬عداها‭ ‬هو‭ ‬الكفر‭ ‬والضلال‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬العلم‭ ‬لا‭ ‬يهدد‭ ‬أحدًا،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬الأساس‭ ‬الذي‭ ‬تُبنى‭ ‬وتنهض‭ ‬به‭ ‬الأمم،‭ ‬ومثلما‭ ‬انطلقت‭ ‬الصهيونية‭ ‬من‭ ‬دعوة‭ ‬توراتية‭ ‬كاذبة‭ ‬كانت‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬تعبئة‭ ‬وحشد‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬الشتات‭ ‬وربطهم‭ ‬زعمًا‭ ‬‮«‬بأرض‭ ‬الميعاد‮»‬‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬فلسطين‭ ‬لقيام‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية؛‭ ‬نشأت‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬جماعات‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬بشعار‭ ‬رفعه‭ ‬أمير‭ ‬شجرة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬حسن‭ ‬البنا‭ ‬حين‭ ‬قال‭: ‬‮«‬الإسلام‭ ‬دين‭ ‬ودولة،‭ ‬ومصحف‭ ‬وسيف‮»‬،‭ ‬وتحت‭ ‬هذا‭ ‬الشعار‭ ‬أجاز‭: ‬اغتيال‭ ‬المشرك‭ ‬الذي‭ ‬بلغته‭ ‬الدعوة‭ ‬وأصّر‭ ‬على‭ ‬العداء‭ ‬والتحريض‭ ‬على‭ ‬حرب‭ ‬المسلمين،‭ ‬كما‭ ‬يجوز‭ ‬التجسس‭ ‬على‭ ‬أهل‭ ‬الحرب،‭ ‬وأن‭ ‬يتعرض‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬المشركين‭.‬

مهما‭ ‬فعلوا‭ ‬وتنجست‭ ‬آياديهم‭ ‬بالدم؛‭ ‬سيظل‭ ‬المصريون‭ ‬في‭ ‬أعيادهم‭ ‬يتناشدون‭ ‬بالنصر‭ ‬على‭ ‬الجماعة‭ ‬الفاشيست‭ ‬وإزاحتهم‭ ‬للأبد،‭ ‬جماعة‭ ‬جعلوا‭ ‬الكذب‭ ‬ملجأهم‭ ‬وتستروا‭ ‬بالغش‭ ‬والخداع؛‭ ‬لتنتصر‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬وهي‭ ‬الدولة‭ ‬المستقرة‭ ‬أبدًا‭ ‬ودائمًا‭ ‬في‭ ‬وجدان‭ ‬الشعب‭ ‬المصري‭ ‬صاحب‭ ‬أقدم‭ ‬حضارة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭.‬


 

;