الروائية الإماراتية ريم الكمالى: الرواية حلم لا يتوقف فى أى زمن | حوار

الروائية الإماراتية ريم الكمالى:
الروائية الإماراتية ريم الكمالى:

مهتمة بالبحث والكتابة عن ساحل الخليج، ومنجذبة إلى الحضارة السومرية والأكادية التى مرت من جنوب العراق وحتى ولاية صور فى سلطنة عمان، وترى أن الإنسان ضعيف، خائف، مسكين، قوته فى قوة المعرفة، هكذا نشأت الأديبة الإماراتية ريم الكمالى فى قرية «خصب» وعشقت قراءة التاريخ والشعر والروايات، لها عدة مؤلفات منها: رواية «سلطنة هرمز» التى نالت عليها جائزة سلطان العويس للإبداع، وجائزة معرض الشارقة للكتاب، و«تمثال دلما»، و«يوميات روز» التى وصلت للقائمة القصيرة فى جائزة البوكر» العام 2022 ، ذهبت إلى «ريم» وكان هذا اللقاء .. 

ماذا يعنى لريم الكمالى أن تكون روائية؟ 

بالنسبة لى، أن أجيب على الأسئلة التى طرحتها على نفسى، وأيضاً تلك التى طرحها عليّ الآخرون لتتحول إلى فكرة، هى لحظات شرسة بلا شك، فأثناء الاشتغال، تنهش فىّ الكتابة وأنا أحاول أن أجعل من الفكرة «أصيلة ومغايرة»، من خلال قيامى بصناعة شخصيات لتقديمها، وهيكل أعتمد عليه، وزمن مخلوق أخلقه من جديد، واستخراج الخيال والفن الذى بى فى تخطيط ملون كلوحة، لتأتى الرواية ذات معنى، من أجل إقناع الناس ولفترة طويلة لا قصيرة. 


كيف تفسرين مجهول الكتابة ودوافعها؟ 

ليس من السهل استخراج مجاهيل الكتابة، ولا بد من التضحية، وشغف وتفانى والكثير من الوقت، هى مهمة صعبة، وبرأى لا بد أن تكون فكرة الرواية مختلفة ومميزة والأهم مستمرة، بحيث أن هذه الفكرة لا يمكن قولها فى مقال أو خبر أو حتى نقاش فى ندوة بشكل مكتمل، بل لا بد من قراءة الرواية ليمسك القارئ ما فى هذا المجهول من قيمة .


شغوفة بالرحلات البحثية، وبالجغرافيا والتاريخ، مهتمة بالبحث والكتابة عن ساحل الخليج، منجذبة إلى الحضارات، ماذا دفعك لهذا الاتجاه؟ ومدى انعكاس ذلك على إبداعاتك؟

لا أعرف ما الذى دفعنى لكل ذلك، لكننى من النوع الذى يسأل عن كل شىء منذ الطفولة المبكرة، ولدّى رغبة عميقة فى المعرفة، لا المعلومة، بل المعرفة الإنسانية أعنى، حين كبرت وجدت فى السفر إلى المدن المنسية والمُغَيّبَة والمشى المستمر على حوافها، واللمس، والتأمل يمنحنى الكثير، على الرغم من وجود «النت» الذى يجيب على كل شىء، إلا أنه برأيى السفر بحثاً وتعباً وتبصراً، يمنح تصحيحاً حيّاً، فالمعلومات المتراكمة والمرتبة على الرفوف الورقية والافتراضية أصبحت عبئاً بعد تبيان زيف غورها، بينما خريطة الأرض المكشوفة هى خريطة وجودية سافرة تكشف فى الشمس كل يوم عن آلامها وتجردها، خاصة الأكاذيب التى جعلتها عليلة، ومن يمشى فيها ويستشعرها، ويتفاعل مع البشر فى متاهاتها، هو استكشاف للوجود نفسه، تخلق فن الإبداع والرواية.


هل فكرتى فى كتابة أدب الرحلات ونشرها؟ 

بالطبع، لكننى أولاً سوف أقوم بإنهاء ما بيدى من عمل روائى، وبعدها أبدأ فى كتابة أدب الرحلات لنشرها، وهما كتابان بالأحرى، أحدهما عن أناس مختلفين فى الإمارات لم يكتبهم أحد، وبين كائنات لم يتأملهم أحد، ومنطقة غائبة على الرغم أنها على مرأى العين والحضور، لكن الكتابة أمر آخر، الكتابة إنشاء ممتع.


كيف توازنين بين المصداقية والواقعية التاريخية، والخيال الروائى؟

أولاً أنا لا أكتب تاريخاً لأسميه رواية، وأعى ذلك تماماً لأن تخصصى الأكاديمى هو التاريخ، بل أكتب رواية بكل ما تعنيه الرواية من فن وأدب، لكن أقوم باختيار زمن حقيقى فى التاريخ الواقعى، فيه من التحولات الكثير، ذلك التحول الذى طبع على الناس قروناً كمثال، مثل زمن فترة دخول البرتغاليين الخليج عام 1507م، وهى فترة صعبة وأضع شخوصى المتخيلة فى تلك الفترة لأصنع أفكاراً وتساؤلات، وأدخل فى أعماق أولئك الذين نسيهم الزمن، فى تلك الفترة العصيبة، وهذا ما أعنيه فى روايتى «سلطنة هرمز»، ومثال آخر، فترة الستينيات فى دبى ونهضتها العمرانية ووضع المرأة الكاتبة، وتساؤلات حول إبداعها فى تلك الفترة وقبل الإتحاد، على الرغم من وجود المدارس والبعثات للطالبات، وهكذا أضع شخوصى المتخيلة فى أزمان متحولة، لأصنع فكرة غير مطروحة، كما هى روايتى «يوميات روز».


تدور أحداث روايتك « يوميات روز» فى زمن حركات الاستقلال، وصعود فكرة العروبة، وكانت البطلة «روز» تصب غضبها فى يوميات سرية، ثم تلقى بدفاترها فى مياه الخور بدبى، فى رمزية للتوجه الإقصائى، وتهميش المرأة فى فضاءات الإبداع، الآن، بعد مرور سنوات طويلة، كيف يمكن رصد التغييرات التى طرأت على حرية الإبداع، وكسر قيود المبدعة الخليجية؟

لم يكن هناك تهميش كما كتب البعض عن فكرة الرواية، إنها فقط ظروف عائلية وليست ظروفا عامة، مثل بقية المدن العربية، حيث هناك ظروف اجتماعية خاصة تؤخر الحلم، وهذا ما حدث مع روزة، بينما صديقاتها فتوجهن إلى البعثات بكل تشجيع وسهولة، أما هدفى فكانت الكاتبة روزة المتخيلة، فى تلك الفترة الواقعية، وسؤال طرحته على نفسى، ما الذى ممكن أن تكتبه فى تلك المرحلة المختلفة؟ فى نهضة المدينة، وعروبتها، وتحكم إنجلترا فى بحرها، وتقاليدها، وهذا المزيج الحىّ. 


 ماذا تمثل لك شخصية «روز» فى روايتك «يوميات روز»، ومدى اقترابها من شخصية «ريم الكمالى»؟

أعتقد أنها تشبهنى فى دفاترها السرية، كنت أراسل فى دفاترى تلك شخصيات معروفة ومجهولة، وأعود أراسلنى متخيلة أنهم يراسلوننى رداً عليّ، كانوا أدباء وعلماء وأصدقاء، مع الفارق أننى كنت فى مراهقتى الأولى، المرحلة الإعدادية، وكنت أدس هذه الدفاتر عن عائلتى لأنها كانت كما كنت أعتقد أنها عبث، وهى إلى اليوم فى حوزتى فى أرشيفى الخاص، بينما روزة فكانت فى عمر المرحلة الجامعية، وأكثر نضجاً، وتمثل تطلعات كل فتاة كاتبة، ترغب بالتأليف فى زمن ظروفه ضد ظروفها الخاصة.


فى كتاباتك، تجيدين الغوص فى سياقات غير نمطية، ورصد التناقضات والمفارقات، ووضع شخصياتك بين زمنين «سابق ولاحق»، بحس أنثوى يتمرد على الإقصاء، ويهدف إلى تسليط الأضواء، كيف ذلك ولماذا؟

لأننى لا أكتب كصحفية، ولا ككاتب مقال، ولا ككاتب مأجور، ولا أية فكرة تناقش فى الإعلام ، باختصار أنا روائية تبحث عن فكرة إبداعية جديدة تطرحها بشكل حُر لا يمكن أن يطرحها غيرها، كى تبقى الرواية طويلاً، وإلا لماذا يتم تسميتى بـ «روائية» إن لم أفعل ذلك، أعلم أن البعض من الروائيين يطرحون أفكاراً فى رواياتهم من الممكن أن تطرح كمقال، أو موضوع فى برنامج، حسب ظروفهم السياسية والإجتماعية والإقتصادية، لكن الرواية أمرها مختلف برأيى، لأنها حلم لا يتوقف فى أى زمن، وخيال لكل حين، وواقع يُقرأ كل وقت. 


بمن تأثرت ريم، فى الأدب العالمى والعربى؟

البدايات كانت مع ألف ليلة وليلة، وكتب قصصية مصورة ومترجمة، ثم نجيب محفوظ ودوستويفسكى، وكازانتازاكيس، وبول أوستر، والكثير من العناوين المميزة.  


مشروعك الحالى، ماذا تكتبين، وما أحلامك فى عالم الإبداع؟

أكتب عملاً يحتاج وقتاً وبحثاً والكثير من التأنى والتفانى، أما الحلم فلا أعرف سوى الكتابة، والرواية تحديداً شغفى، ولكن هذا لا يمنع من كتابة كتب مختلفة مستقبلاً، تعنى بأدب الرحلات، أو فى البحث الأكاديمى. 


لماذا لا تفكرين فى التعامل مع دار نشر مصرية، لطباعة رواياتك، وتحقيق إنتشار أوسع فى أوساط الثقافة المصرية؟

يسعدنى جداً، وسؤالك فى محله، وأفكر بإعادة نشر كتبى الأولى فى مصر قريباً.