أوراق شخصية

جيل الورقة والقلم

آمال عثمان
آمال عثمان

أعتز كثيراً بأننى من جيل الورقة والقلم، وجدول الضرب الذى كنا نحفظه فى الصغر عن ظهر قلب، لذا تندهش ابنتى حين أقوم بعملية حسابية سريعة، بدون استخدام الآلة الحاسبة، ورغم ذلك استطعتُ منذ أكثر من عقدين إجادة استخدام التقنيات التكنولوجية، والتمتع بمهارات التعامل مع التطبيقات الحديثة، دون فقدان لمتعة القراءة الورقية، ورائحة الحبر فوق أوراقى البيضاء.

أما الجيل الذى نشأ واعتمد على اللاب توب، والشاشات الرقمية كأداة تعليمية أساسية، بدلاً من الكتب والدفاتر الورقية، فلا يستطيع أن يُجرى عملية حسابية دون الرجوع لوسيلة تكنولوجية، بل إن أغلبهم -إن لم يكن جميعهم- يفتقدون لمهارات القراءة والكتابة، وهى كارثة حقيقية تتفاقم بصورة مخيفة، وتُشكّل خطراً داهماً على مستقبل الأجيال القادمة والوطن، تلك ليست مجرد وجهة نظر، وإنما حقيقة أظهرتها دراسات فى السويد، أشارت إلى أن 18% من الطلاب لا يمتلكون المهارات الأساسية فى القراءة، وأن عدداً متزايداً منهم يعانى من ضعف مستوى الكتابة والقراءة، وهذا ما دفع وزيرتى التعليم والثقافة فى السويد إلى الإعلان عن تراجع مهارات الطلاب فى الكتابة والقراءة، رغم أهميتهما كأساس فى النظام التعليمى والمعرفة، ومخاطر هذا الضعف على مستقبل الطلاب وبلدهم، وأشارت الوزيرتان إلى خطة عاجلة لمواجهة هذه الأزمة، بمشاركة كل أطياف المجتمع، تشمل وضع حد لسياسة التحول الرقمى فى المدارس، والعودة لاستعمال الورقة والقلم، وخصصت الحكومة 685 مليون كرون فى الميزانية لتأمين كتب ورقية للطلبة، وتعديل المناهج والقواعد التعليمية، والتركيز على مهارات القراءة والكتابة لدى الطلاب، وتعزيز كفاءة المدرسين.

لقد أثبت الوقت المخاطر الكبيرة التى يمكن أن تهدد الأوطان، نتيجة اعتماد الأجيال الجديدة بشكل كامل على التكنولوجيا، وتأثير استخدامات الذكاء الاصطناعى على العقل البشرى، وباتت كارثة ضعف مهارات القراءة والكتابة، والحسابات العقلية لدى الأطفال والشباب تنتشر فى العالم بصورة مخيفة، وتُشكّل خطراً حقيقياً على العقل الجمعى لأبنائنا، الذين لم يمنحهم التعليم فرصة بناء أساسيات المهارات الذاتية العقلية، أو يُنمى قدراتهم الذهنية المعتمدة على أبجديات التعليم والمعرفة.. ولا شك أن الأزمة فى مصر أكثر وضوحاً وأكبر خطراً، وتحتاج لوقفة جادة من وزيرى التعليم والثقافة قبل فوات الأوان.