«حبي الأول».. قصيدة للشاعر خالد الطبلاوي

الشاعر خالد الطبلاوي
الشاعر خالد الطبلاوي

 وما كنتُ أحسبُ أنِّي

سأبكيكِ يا نبعَ ذاتي

ونجْماتُ شعري بدَت سافرهْ

وعُمري يغادرُ دربَ الحياةِ

يعانقُ أوَّلهُ آخرَهْ

فلا.. لستُ أنسى

وأنتِ الغرامُ القديمُ

- الذي ظلَّ يغرسُ فيَّ الحنانَ -

وماءُ الحياةِ

وظلٌّ تربَّعَ في الهاجِرهْ

فما زلتُ أشعرُ نبضَ الأصابعِ

من فوقِ رأسي

وصَدري

وظهري

وما زلتُ أشعرُ حِضناً

ودفئًا تسرَّبَ بينَ الضلوعِ

إلى الصدر والمهجةِ الحائرهْ

 

بحقِّ الحكايا

التي قد غَزَلنا معاً من خيوطِ الليالي

وحبٍّ تلألأَ في مقلتيكِ

وأنتِ تصُبِّينَ سيلَ الأمانيِّ

عَذباً فُراتاً

بأنِّي سأصبحُ فوقَ السحابْ

بحقِّ الغناءِ الذي كنتُ أصحُو علَيهِ:

«يا صباحك عندنا.. لا يساويه الغنى»

فيقتاتُ قلبي على الحبِّ

والوُدُّ كان الشرابْ

 

بحقِّ الطعامِ الذي كنتُ ألعَقهُ مِن يديكِ

فأعشقُ طعمَ الأصابعِ قبلَ الطعامِ

وما قد دسَستِ بقلبِ الحقيبةِ

قبلَ الذهابِ إلى المدرَسهْ

وعند الرجوعِ

ألوذُ بكرسيِّ حِجرٍ حنونٍ

أحدِّثُ عن كلِّ ما قد رأيتُ

وتُصغينَ في رقةٍ ساحرهْ

 

بحقِّ الذراعِ التي قد توسَّدتُ عندَ المنامْ

وذاك الحمَامِ الذي قد زعمتِ

بأنك لي تذبحينَ إذا ما غفوتُ:

«هوه هوه.. نام نامْ..

وأذبحْ لك زوجين حمامْ»

وقد عانقَ الصدقَ منكِ الكلامْ

 

بحقِّ النجاحِ الذي كان يشرقُ

شمساً على وَجنتيكِ

إذا ما رأيتِ الشهادَهْ

ولَوحيْ الذي كنت أحفظُ منهُ

الكتابَ العزيزَ

فكنتِ تعانينَ من سُوءِ حفظي

ومِن كظم غيظٍ

تحسِّينَ ضيقاً

كطَلقِ الولادَهْ

 

بحقِّ رحيلكِ من قبلِ أن

تشهَدي لي عروساً

تقبلُ ما بين عينيكِ،

تدعوكِ: أُمِّي

وتعطيكِ طفلي لينهلَ

من نفسِ نهر الحنانِ

تضيئينَ بشراً

تقولينَ في لهفة القلبِ: سمِّي

أجيبي فؤادي

.. يقولونَ مثواكِ تحتَ الترابِ

ويُقسمُ قلبي بأنك لي الروحُ

والقلبُ

والذاكرَهْ

فعُودي لحِضني

فما عادَ قلبي يطيقُ اصطباراً

لألقاكِ - يا أمُّ - في الآخرَهْ.