عاجل

«جُيُوبُ اَلْفَقْرِ» قصة قصيرة للكتاب سمير عبد العزيز

سمير عبد العزيز
سمير عبد العزيز

يُغَادِرُ مَاكِينَةَ اَلصَّرَّافِ اَلْآلِيِّ بَعْدَمَا تَحْصُلُ عَلَى رَاتِبِهِ اَلشَّهْرِيِّ، وَكَعَادَتِهِ يُعِيد عَدُّ اَلنُّقُودِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، وَبَعْد أَنْ يُطَمْئِنَ يَضَعُهَا فِي جَوْفِ جَيْبِ بِنْطَالِهِ تَرْقُدُ بِأَمَانٍ.. تَسْتَيْقِظُ فِي رَأْسِهِ مِنْ مَرْقَدِهَا اَلدُّيُونَ وَالْأَقْسَاطَ وَالْفَوَاتِيرَ اَلْمَنْزِلِيَّةَ وَمَصْرُوفَ اَلْبَيْتِ . و . . و . يَكَاد رَأْسَهُ يَنْفَجِرُ مِنْ كَثْرَةٍ اَلتَّفَكِيرُوَالَضِيقْ. .

يمَضَى يَقْطَعُ اَلطَّرِيقَ إِلَى اَلْمَنْزِلِ وَهُوَ هَائِمٌ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى كَادَتْ إِحْدَى اَلسَّيَّارَاتِ أَنْ تَصْدِمَهُ لَوْلَا يَقَظَةُ اَلسَّائِقِ اَلَّذِي تَفَادَاهُ وَرَاحَ يَكِيلُ لَهُ اَلشَّتَائِمُ . . . يسَقَطَ عَلَى اَلْأَرْضِ مِنْ شِدَّةِ اَلْهَلَعِ وَالْخَوْفِ . . تَجَمُّعُ اَلْمَارَّةِ حَوْلَهُ بِسُرْعَةِ وَرَفَعُوهُ عَنْ اَلْأَرْضِ . . حَاوَلَ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ مَا أَصَابَهُ مِنْ فَزَعٍ طَمْأَنَهُمْ بِأَنَّهُ بِخَيْرِ وَشُكْرِهِمْ وَمَضَى فِي طَرِيقِهِ . يسْتَقْبَلْ هَاتِفُهُ اِتِّصَالاً مِنْ اِبْنَتِهِ تَذَكُّرُهُ فِيهِ أَنَّ لَا يْنَسْ مَا طَلَبَتْهُ مِنْهُ اَلْبَارِحَةَ . . بُعْدُ بُرْهَةٍ تَلَقَّى اِتِّصَالاً مِنْ اِبْنِهِ يَحُثُّهُ عَلَى سُرْعَةِ اَلْعَوْدَةِ لِلْمَنْزِلِ كَيْ يُعْطِيَهُ نُقُودًا يَبْتَاعُ بِهَا هَدِيَّةً لِخَطِيبَتِهِ وَمَا لَبِثَ أَنْ أَنْهَى اَلِابْنُ اِتِّصَالِهِ حَتَّى تَلَقَّى اِتِّصَالاً مِنْ زَوْجَتِهِ تَسْتَعْجِلُ فِي شِرَاءِ قَائِمَةِ اَلْأَشْيَاءِ اَلَّتِي طَلَبَتْهَا مِنْهُ قُبَيْلَ أَنْ يُغَادِرَ اَلْمَنْزِلُ صَبَاحًا وَدَوَّنَتْهَا لَهُ فِي وَرَقَةٍ وَوَضَعَتْهَا فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ .

تَحَسُّسُ اَلنُّقُودِ فِي جَيْبِ بِنْطَالِهِ خَائِفًا وَكَيْ يُطَمْئِنَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَشْعُرْ بِهَا . . أَصَابَهُ اَلذُّعْرُ فَوَضْعُ يَدِهِ وَهِيَ تَرْتَعِشُ فِي جَيْبِ بِنْطَالِهِ فَلَمْ يَجِدْ اَلنُّقُودَ . . يَخْرُجَ أَحْشَاءَ جُيُوبِ بِنْطَالِهِ اَلْأَمَامِيَّةَ وَالْخَلْفِيَّةِ فَكَانَتْ جَمِيعُهَا خَاوِيَةٌ.