كنوز| معاناة «شادية» مع البيه البواب !

شادية
شادية

منذ سنوات سكنا فى شقة بعمارة ضخمة.. وعشنا آمنين أعواماً ثم فوجئنا بأوامر كثيرة تنهال علينا من البواب الذى كان وديعاً عندما رأيناه أول مرة.. وكانت الأوامر غريبة وشاذة !

مثلاً: كان على كل عائلة تضم بين أعضائها شباناً ألا تقبل خادمة فى مسكنها.. أو أن تختار بين طرد الخادمة أو طرد الشبان ! 

ويجب أيضاً على كل ساكن ألا يسهر خارج مسكنه بعد الثانية عشرة ليلاً ! وكأننا نسكن فى دار رعاية أو بيت طالبات، أو سجن غير حكومى !

وهذه عينة قليلة فقط من أوامره ! 

ومن يخالف ذلك فصاحب الفضيلة السيد البواب أعطى لنفسه الحق فى أن يهوى عليه بهراوة غليظة ليجعله يحترم الأوامر.. واكتشف السكان أنه كان مشعوذاً من اتباع «شمهورش»! 

ولم نجد معه القوة التى نصده بها عنا.. فلجأنا إلى الحيلة.. حضر صاحب العمارة وأبلغ السيد البواب أنه أشترى بيتاً جديداً فى مكان بعيد.. وأنه يرجو أن يصحبه لمشاهدته وإبداء رأيه فيه . . اقتنع البواب واستقل مع سيده صاحب العمارة تاكسى اتجه بهما إلى مستشفى المجاذيب.. وهناك تطلع البواب إلى المستشفى وفهم كل شيء !

ومع هذا احتفظ صديق «شمهورش» بهدوئه وثباته.. وقال لسيده صاحب العمارة إنه فهم ما يُراد به، وإنه لا يمانع فى دخول المستشفى لتلقى العلاج ! 
ورجاه أن يدخل بمفرده حتى لا يسيء الممرضون معاملته ! 

ابتسم مالك العمارة ولبى رجاء البواب!.. ومشى البواب حتى اختفى داخل المستشفى.. وانتظر مالك العمارة فى التاكسى ليراقبه ويتأكد أنه لن يعود، وما لبث أن عاد البواب مع ممرضين أشداء عتاة سرعان ما ألقوا القبض على مالك العمارة الجالس داخل التاكسى بحجة أنه «مجنون» خطر كما أفهمهم البواب !..

وتم اقتياد صاحب العمارة المذهول إلى داخل المستشفى.. ولم يلتفتوا إلى استغاثاته وصراخه وكل المحاولات التى بذلها لشرح الحقيقة لهما ! 

ابتسم البواب لصاحب العمارة.. واستدار عائداً إلى السكان ! وقف أمام العمارة يتفرس فى وجوه من يدخل ومن يخرج وفى يده عصاه الغليظة.. لم ينطق بكلمة لكن نظراته كانت تتكلم وهى تتفرس الوجوه.. أتى بعدها بفترة قصيرة بعربة «كارو»، وأخذ يجمع عليها حوائجه التى كانت فى الحجرة المُخصصة له..

وسار بها ليبحث عن عمارة أخرى يعمل بها بواباً يمارس فيها تحكمه فى سكانها.. كانت فى عينيه نظرات أسى وكأنه يقول لنا: «مساكين»!.. أما مالك العمارة.. فقد ذهب بعض السكان للعودة به من مستشفى المجاذيب بعد أن عرفوا مكانه من السيد البواب ! 

بقلم : شادية نقلاً عن مجلة «الكواكب»