«توحد» قصة قصيرة للكاتبة أسمهان علي

صورة موضوعية
صورة موضوعية

 

منذ إحالتها إلي المعاش اعتادت الخروج للمشي في الصباح الباكر - قبل خلودها للنوم - إلي حديقة في نهاية الشارع، شد انتباهها طفلان تقوم الأم بجذبهما وهي تحمل حقيبتيهما.

تذكرت أحفادها عندما كانوا يملؤون حياتها وتوالت الصور وهي تودعهم في المطار بالدموع وابنتها الكبرى تقول دامعة: سوف أُرسل إليك دعوة للقدوم إليّ فأنا لا أستطيع الحياة بدونك.

بعد عدة أشهر ودعت ابنتها الصغرى أيضا في المطار ونفس الكلمات سوف أُرسل إليك دعوة.

وها هي تنتظر منذ عامين وفي كل مهاتفة هناك مبررات لعدم وصول الدعوة، دمعت عيناها فهي التي تخاف أن تنام وحدها في البيت أصبحت وحيدة تسهر الليل وتنام النهار عند استيقاظ الناس من حولها لتشعر بالأمان. 

وصلت إلى الحديقة لاحظت أن المقعد الذي اعتادت الجلوس عليه يحتل الطرف الآخر منه رجل أنيق بدا وكأنه في غيبوبة، اقتربت منه حتى كادت يدها أن تلامس كتفه، فزعت وتراجعت إلى الوراء عندما فتح عينيه فجأة.

قالت: آسفه كنت فاكرة إن حضرتك مغمى عليك، بل كنت نائماً فأنا أخاف أن أنام في البيت وحيداً بعد وفاة زوجتي منذ أيام وسفر أولادي.

هزت رأسها في حزن وجلست على الطرف الآخر من المقعد ونظرا إلى عصفورة وصغارها يحاولون الطيران بعد أن أطعمتهم.