إنها مصر

الصبر غير الضعف !

كرم جبر
كرم جبر

كنا نلوم الدولة على صبرها فى فض اعتصام رابعة والنهضة وتحملها وقوة أعصابها، وكان الجميع يعلمون أن فى استطاعتها، أن تفض التجمهر فى ساعات قليلة، وكان الإخوان يريدون ذلك، ليسقط آلاف الضحايا وتجرى الدماء فى الشوارع، فيهللون ويكبرون ويتاجرون بالضحايا ولما فشلت خطتهم جمعوا بعض الجثث وبعضها أحياء، ونقلوا المشاهد الملفقة فى مختلف وسائل الإعلام.

وحشدوا على مسرحهم التآمري، عينات من المؤيدين لهم، ذهبوا للتعبير عن الولاء والطاعة، من رجال دين وسياسيين وحزبيين وإعلاميين وغيرهم، واستباحت بعض الفضائيات حرمة الوطن وسيادته.

الدرس المستفاد هو أن صبر الدولة لم يكن ضعفاً ولا استسلاماً، وإنما أرادت أن تضمن سلامة العملية وأن تكشف فى نفس الوقت طابور المحرضين الذين كانوا يصعدون مسرح رابعة، ويشاركون فى جريمة حرق الوطن، فانتصرت إرادة الدولة وانكشف الغطاء عن أسوأ صور الانتهازيين.

■ ■ ■

الفن يشكل وجدان الشعوب، والفنانون كتائب استطلاع متقدمة، تغوص فى أعماق المجتمع، وتسطر ألواناً إبداعية، قد تكون رواية أو فيلماً أو أغنية أو حتى طقطوقة.

لا أريد أن أكون قاسياً على نجوم قفزوا فوق سلم النجومية بخطوات سريعة، وحققوا معدلات هائلة من الشعبية والتميز والتفرد ولكنهم لجأوا إلى النجومية الزائفة التى تجافى المضامين الحقيقية لرسالة الفن.

الفن رسالة قوامها إيقاظ الضمير البشرى نحو الخير والجمال والخيال والمحبة والسلام، والبعد عن العنف والقبح والشر وعدم الإفراط فى السلبيات والسواد إلا فى حدود ما يخدم العودة إلى الجمال والحقيقة والروح الأصيلة.

لا نريده نسخة مكررة من نجوم الأزمنة الماضية، فلكل عصر نجومه وقوانينه وثقافته، ولكن نرجوه أن يكون عوناً لأبناء جيله، فيأخذهم معه إلى طريق القدوة، وما يفعله فيلم واحد أو مسلسل، تعجز عنه آلاف خطب الوعظ والإرشاد.

بعد فيلم "الوردة البيضاء" - مثلاً - بطولة الموسيقار محمد عبد الوهاب، وضع طلاب الجامعات فى ذلك الوقت وردة بيضاء فى عروة الجاكت، وكانوا يتحدثون مع زميلاتهم يا "هانم"، وصار نموذجاً يحتذى به فى الذوق والشياكة والجمال.

عبد الحليم حافظ عندما غنى لجارته "خسارة خسارة فراقك يا جارة"، كانت بنت الجيران فوق الرءوس، وكان أولاد الحتة يدافعون عنها، ويتمنى كل واحد أن يرتبط بها غير "أولاد الحتة" فى هذا الزمن الصعب.

وهكذا رشدى أباظة "الرجولة والشهامة"، وأنور وجدى "العاشق النبيل"، وأحمد زكى "ابن البلد"، ومحمود المليجى "الشر على أصوله"، وتوفيق الدقن "الندالة الضاحكة"، ومصر فيها طوابير من الأجيال الجديدة التى تحاول العودة إلى الأصالة بمفاهيم عصرية.