اشتباكات «عين الحلوة» مخاوف من التصعيد

من اشتباكات المخيم
من اشتباكات المخيم

شواهد كثيرة تدفع باتجاه المخاوف من عودة الاشتباكات التى تفاجأ بها الشارع اللبناني والمنطقة العربية بانفجار الوضع فى مخيم عين الحلوة فى توقيت مريب ولأسباب غير معروفة والبداية كانت منذ أكثر من أسبوعين بين مجموعات متشددة وقوات الأمن التابعة لحركة فتح عقب عملية اطلاق نار استهدفت الناشط الإسلامى محمود أبو قتادة، الذى أصيب بجروح.

وهو أبرز المطلوبين للأجهزة الأمنية اللبنانية أعقبها اغتيال قائد الأمن الوطنى فى لبنان أشرف العرموشى وعدد من مرافقيه أثناء تنفيذه لمهمة اعتقال احد المطلوبين بجريمة حصلت منذ أيام قبل الحادث وبعدها بدأت المواجهات بين عناصر مسلحة من حركة فتح وأخرى من مجموعات متطرفة من عصبة الأنصار الاشتباكات التى استمرت أيام تخللتها اتفاقات على الهدنة لم يتم الالتزام بها قام عليها العديد من الجهات الفلسطينية واللبنانية حيث تم الاتفاق على ثبيت وقف إطلاق النار وسحب المسلحين وتشكيل لجنة تحقيق فى ملابسات فىى اغتيال العرموشى وتسليمهم إلى العدالة اللبنانية فى أقرب وقت ممكن.

ولعل اشتباكات مخيم عين الحلوة فتحت ملف المخيمات الفلسطينية فى لبنان وهو إحدى القضايا المسكوت عنها وإن كانت تُمثل وجهًا من وجوه الخلاف بين الطبقة السياسية فى البلد  فهو من أكبر المخيمات الفلسطينية فى لبنان من بين أكثر من ٣٠ تجمعًا لهم هناك وكالة أونروا اعترفت بـ ١٥ مخيمًا كمخيمات نظامية وقد تم تدمير ثلاثة منها فى فترات سابقة، عدد سكانها ٢٠٠ ألف وتعانى من ظروف معيشية صعبة، حيث تصل نسبة الفقر إلى ٩٠ بالمائة.

وتعانى كل الخدمات من تهالك فى البنية التحتية وشح فى الخدمات وفيما يخص عين الحلوة فعدد سكانه يصل إلى حوالى ٤٧ ألف نسمة انضم إليهم عدة آلاف من الفلسطينيين الهاربين من سوريا حسب إحصائيات الأونروا عام ٢٠١٧ ولكن الإحصائيات غير الرسمية ترفع الرقم إلى أكثر من ٧٠ ألف فلسطينى وعلى مستوى الجماعات الفلسطينية السياسية فالمخيم يوجد فيه عناصر من فتح والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، كما ان هناك قوى أخرى ابرزها حماس والجهاد اضافة الى جماعات متطرفة منها عصبة الأنصار وتحولت المواجهات الى جزء من الصراع الداخلى فى لبنان.

وكذلك على الصعيد الفلسطينى وفيما يخص المواقف السياسية الداخلية، فقد أشار رئيس الحكومة نجيب ميقاتى إلى أن حكومته لا تقبل استخدام الساحة اللبنانية لتصفية حسابات سياسية خارجية بينما أعاد رئيس حزب الكتائب سامى الجميل التأكيد على مطلب نزع سلاح المخيمات ووضعه تحت عهدة الجيش وقال أيضًا: «عندما يكون البلد متفلتًا والسلاح موجود فى أيدى الجميع حتمًا سنرى مثل هذه المأساة».

وقال: إن وجود ميليشيات مسلحة لبنانية وغير لبنانية على الأرض اللبنانية فالنتيجة هى أحداث عين الحلوة، وكشف النائب فى صيدا عبدالرحمن البرزى، عن طبيعة المخيم واعتبر أنه عبر سنوات عديدة حولته الظروف السياسية الداخلية فى لبنان الى ملجأ للخارجين على القانون والمطلوبين للعدالة وتم تسهيل وصول كل من لديه ملف أمنى ولا تريد القوى السياسية اللبنانية حسم موقفه ودعا مجلس المطارنة الموارنة الحكومة والمؤسسات العسكرية والأمنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة تضع حدًا نهائيًا لتفلت السلاح فى المخيم وكان من الملاحظ لبنانيًا ذلك الاتصال الذى أجراه نجيب ميقاتى مع محمود عباس وإسماعيل هنية حيث أكد أن القوات اللبنانية ستقوم بواجبها.

وعلى الصعيد الفلسطينى شهدت المواقف تباينًا أيضاً حيث ربط البعض بين زيارة مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج الى بيروت واندلاع المعارك هناك وهو ما نفته تمامًا السلطة الفلسطينية وقالت إن الزيارة تمت بدعوة كريمة من المؤسسات الأمنية اللبنانية فى إطار العلاقات الثنائية البناءة بين الشعبين. كما ان هناك حالة من الهدوء وتوقف للاشتباكات ولكن هذا لايمنع من مخاوف العودة من جديد للصراع الذى يربطه البعض بالوضع العام فى لبنان والمنطقة ويستبعد فكرة ان  ماجرى عمل فردى واسباب ذلك عديدة ومنها التالى:
أولا: توقعات بأن الاشتباكات مثلت جولة من المواجهات انتهت دون أن يتم استبعاد ان هناك معركة كبرى مازالت واردة فالهدف منها لم يتحقق وهو تحجيم حركة فتح الموجودة منذ عشرات السنين والتى كان لها الدور الأكبر فى ادارة المخيمات وهناك من يحاول تقليص وجودها لصالح قوى اقليمية تحاول الإمساك بالملف الفلسطينى بصفة عامة والمخيمات فى لبنان بصفة خاصة.

ثانيًا: صعوبة تنفيذ خريطة الطريق التى تم التوافق عليها خلال زيارة عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والمشرف على الساحة اللبنانية، حيث أجرى اتصالات مع عدد من كبار المسئولين وفى مقدمتهم رئيس مجلس النواب نبيه برى والحكومة نجيب ميقاتى وقائد الجيش العماد جوزف عون والتى تتضمن ثلاثة بنود.

ثالثا: ان اتفاق لوقف اطلاق النار الذى تم التوصل إليه نجح فى هدنة هشة ولكن بعض التقارير تحدثت عن خطورته فى انه سمح بوجود مربعات أمنية وتقسيم للنفوذ والمخيم.

رابعًا: موقف الجيش اللبنانى صحيح أنه نجح فى ضبط تحركاته ولم يتدخل فى الاشتباكات فى المخيم بأى صورة من الصور رغم وقوع اصابات فى صفوفه نتيجة الاشتباكات كانوا خارج المخيم ولكنه قال إنه سيرد على مصادر النيران مهما كانت واحتفظ بالسيطرة على مداخل ومخارج المخيم بعد تجربة عام ٢٠٠٧ المريرة التى تورط فيها الجيش فى حرب المخيمات، وبعد فهناك إحساس عام لدى الجميع كتلا سياسية وأوساط شعبية بأن البلد لا يحتمل فى ظل هذه الظروف تداعيات مثل هذا الملف.