الشرق الأوسط يخشى ارتفاع الأسعار

ارتفاع أسعار الحبوب الرئيسية يحدث صدمة فى كل الأسواق العربية
ارتفاع أسعار الحبوب الرئيسية يحدث صدمة فى كل الأسواق العربية

كتب: أمال المغربي - مروى حسن حسين - سميحة شتا

بدأت تأثيرات انسحاب روسيا من اتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود تظهر على أسعار المواد الغذائية فى الشرق الأوسط، وسط توقعات بمزيد من الارتفاعات خلال الفترة المقبلة بالتوازى مع إعلان الهند (أكبر مصدر للأرز فى العالم) وقف تصدير الأرز، هذا الأمر وضع الحكومات التى تعتمد بشكل رئيسى على الحبوب المستوردة من روسيا وأوكرانيا أمام مشكلات كبيرة، فى ظل حالة الغضب الداخلى من الارتفاعات المستمرة فى أسعار السلع والخدمات.

تشـــعر دول الشرق الأوسط ذات الدخل المنخفض مثل لبنان وباكســـتان بالقلق من تبعات انســـحاب روسيا من اتفاقية الســـماح بتدفـــق الحبـــوب الأوكرانية. حيث تعانى مـــن المشـــاكل الاقتصادية التى دفعت المزيد مـــن الناس إلى حافة الفقـــر، وتخشـــى أن يســـبب ارتفـــاع أســـعار المواد الغذائية مزيـــدا من الألم للأســـر ويؤثر على الشـــركات والأرباح الحكومية. وكشـــــفت أزمة الحبوب الأوكرانية، التى تســـــتغلها روســـــيا لصالحها فى حربهـــــا ضد كييف، مدى تبعية عدد مـــــن دول الشـــــرق الأوســـــط للغـــــرب، حيث تقف بعـــــض الدول عاجزة عن تحقيق اكتفائها الذاتى مـــــن الحبوب، معرضـــــة ميزانياتها لخطر التآكل الكبير جراء الارتفاع العالمى للأســـــعار، فى حين يسعى عدد قليل منها إلى تنويع مصادره والاستثمار فى موارده الذاتية. ويرى الخبراء أن عثـــور البلـــدان منخفضة الدخـــل، مثل اليمـــن الـــذى مزقتـــه الحـــرب أو لبنان الـــذى يعد مـــن كبار مســـتوردى القمح، على ّ مصدرين على مســـافة أبعد سيزيد التكاليـــف. كما ضعفـــت عملاتها مقابل الـــدولار المعتمـــد لشـــراء الحبـــوب فى الأسواق العالمية. وهو ما يعد من الأســـباب التى تجعل تضخم أســـعار المواد الغذائية متواصلا فى العديد من البلدان، وهـــذا يزيـــد الضغـــط على الحكومات، التى ســـيتوجب عليها دفع المزيـــد لمواصلـــة دعم الخبـــز عند نفس المســـتوى وتجنب زيـــادة التكاليف على الأســـر.

ونظرا إلـــى أن الكثير منها ترى أيضا تضاؤل احتياطياتها من العملات الأجنبيـــة، فقـــد يدفع ذلـــك البعض فى الشرق الأوسط وأماكن أخرى من العالم نحو وضع مالى أكثر خطورة. وأثـــار زعمـــاء الـــدول الأفريقية مخاوف بشـــأن ارتفـــاع أســـعار المواد الغذائية فى قمة اســـتضافتها روســـيا ودعوا إلى إحيـــاء صفقـــة البحر الأســـود من خـــلال حل توافقـــى يراعـــى مطالب جميـــع الأطراف ومصالحها ويضع حدا للارتفاع المستمر فى أسعار الحبوب. وقد يخلـــق انهيار صفقـــة الحبوب عقبـــة إضافيـــة فـــى لبنـــان، لأن الدولة المتوســـطية الصغيـــرة تعتمـــد علـــى أوكرانيـــا فى 90 فى المائـــة على الأقل من قمحها. وســـاعدت الاتفاقية فـــى حل نقص المعروض الذى صدم السوق خلال بداية الحرب، مما تســـبب فـــى طوابير الخبز الطويلة والترشيد. ويشهد البلد الذى يبلغ تعداد سكانه 6 ملايـــين نســـمة أزمـــة اقتصادية أدت إلى إفقار ثلاثة أرباع ســـكانه. وتدمرت صوامـــع تخزيـــن القمـــح الرئيســـية فـــى انفجـــار مينـــاء بيروت فـــى .2020 وأصبحـــت احتياطيات الحبـــوب لذلك موجـــودة بالكامل فى مخـــازن المطاحن الخاصة. وتعد باكســـتان نقطة مضيئة.

وكانت مستوردا رئيسيا للقمح الأوكراني، لكنها ّسجلت هذا العام أعلى إنتـــاج محلى منذ عقـــد رغم الفيضانات الكارثيـــة التـــى شـــهدتها فـــى 2022 ويرجـــع المحصـــول الوفير إلـــى توفير البـــذور وغيرهـــا مـــن المســـاعدات للمزارعين. وتضررت باكستان، التى يحصـــل اقتصادهـــا المتعثـــر على خطة إنقـــاذ من صندوق النقـــد الدولى بقيمة 3 مليارات دولار، بشـــدة عندما ارتفعت أســـعار المـــواد الغذائيـــة بعـــد الغـــزو الروسي.

كما ســـبب الصـــراع فـــى أوكرانيا صعوبـــات للبلـــدان الناميـــة وجنـــوب الكرة الأرضية، لاســـيما من حيث نقص الوقود والأغذية والأســـمدة. ويمكن القول إن المتضرر الأكبر من هذا النزاع بين روسيا وخصومها هو الدول الفقيرة، والأكثر احتياجا للحبوب، وهى الدول الأبعد عن الحرب الدائرة فى أوكرانيا وأسبابها. ففى قارة إفريقيا نجد: نيجيريا، مالي، السنغال، جمهورية إفريقيا الوسطى، خصوصا أن لديها أزمات غذائية وصحية من الدرجة الأولى منذ زمن طويل.

اما فى المنطقة العربية، فالدول الأكثر استيرادا للحبوب من أوكرانيا، وهي: مصر (تستورد منها 53% من احتياجاتها)، ليبيا (تستورد 40%)، الجزائر (تستورد 30%). وفق إحصائية أمريكية، فإنه يوجد أكثر من 550 مليون نسمة يعانون الفقر حول العالم، قد يزيدون إلى 800 مليون بعد انهيار اتفاق الحبوب.