أحمد فى رحلة البحث عن أمه : اشتقت لأمى قد البحر اللى بكلمه وواقف قدامه ليل نهار»

احمد يدعو الله ان يجد أمه
احمد يدعو الله ان يجد أمه

الاسكندرية‭ ‬:‭ ‬محمد‭ ‬مجلي

  أخطاء الآباء يدفع ثمنها دائمًا الأبناء.. ليست مجرد حكمة مأثورة، بل هي وصف دقيق لما يتعرض له الكثير من صغار السن، ضحايا عدم استقرار الأسرة، نتيجة انفصال الأب والأم، والذي يؤدي بهم إلى مصير محفوف بالمخاطر.

وشهدت الإسكندرية فصلًا جديدًا من فصول تلك الرواية الحزينة التي كانت بدايتها بوست على الفيس، وكان بطلها الطفل أحمد عبد الحميد، طالب الإعدادية، الذي يعانى انفصال والديه واتجاه الأب للزواج من أخرى واختفاء الأم منذ 4 سنوات، ما دفعه لخوض رحلة بحث بائسة عنها، استخدم فيها جميع الوسائل، بغرض أن يعود وشقيقته إلى أحضانها من جديد، فهو الحصن المنيع الذي لا يستطيع العيش بدونه على حسب تعبيره، ولأنها مهمة إنسانية صاحبناه في رحلة البحث عن أمه التي باءت للأسف بالفشل ولكن لا يزال الصغير مشحونًا بالأمل في أن تعود يوما تملأ حياة ولديها بهجة وسعادة.

الشرطة تتواصل معنا باستمرار وهم يبحثون عنها

على الرغم من صغر سنه، يجوب شوارع الإسكندرية يوميا دون كلل أو ملل بحثا عن والدته ايمان محمد إبراهيم، 30 سنة التي اختفت من عام 2019، فلم يترك قسم شرطة أو مستشفى، إلا وعرض على المسؤولين فيهما صورة والدته، كما أنه لم يكتف بذلك بل يعرض صورتها أيضًا على المارة من المواطنين، أملًا في أن يتعرف أحدهم عليها.

احمد وبنظرة حزن نظر الى البحر وكأنه يخاطبه قال: «نفسي يا أمي ترجعلنا احنا محتاجينك قوي، ومش قادرين نعيش لحظه حلوة من غيرك انا واختي چنى اللي دايما بتسأل عليكي».

وأضاف وقد تحولت كلماته الى دموع: «أنا عاوز أشوفك بس حتى لو من بعيد اسمع صوتك، اطمن عليكي بس، وانا مقدر كل الظروف اللي مريتي بيهاعايز بس اطمن انتي كويسه وعايشه ازاي من غيرنا من غير ولادك، والله يا أمي بموت من غيرك ومش عارف إنتي عايشة ولا ميته ولا حالتك إيه».

عودي يا أمي

وتابع احمد وهو ينظر الينا: «نفسي اسمع صوتها تكلمني بس ولو حتى مش عايزه ترجع وعايزه تفضل في نفس مكانها، أنا بقولها من خلالكم أنا معاكي.. فترة كبيرة يا أمي تعبنا فيها أوي بالله عليكي لو شوفتي صورتي في الجريدة طمنينا عليكي بس أو حتى طمنينا ولو بمكالمة تقولي لنا أنا كويسه، صدقيني يا أمي أنا مش قادر أمسك دموعي تعبان من غيرك يا أمي، بحبك أوي».

وطالب الابن الجميع بالدعاء لأمه حتى تعود، قائلا: ادعولها ربنا يحفظها وتكون بخير، محدش يقول أي كلمة وحشة على أمي الله أعلم بيها وبظروفها، وطالب أحمد، بمساعدته فى نشر كلامه على أوسع نطاق.

سألت احمد ونحن نسير معا على طريق البحر، ليه انت اغلب وقتك بتقضيه هنا بين الشواطئ؟!، أجاب الصغير بعفوية قائلا: «معرفش يمكن عشان بنحب نرمي همومنا في البحر، فعندي امل أني ألاقيها ماشيه على الكورنيش بتبكي، صدقوني بتمني أغمض عينيا وافتحها تاني ألاقي كل حاجة بقت أحسن، وألاقي تعبي خلاص انتهى وألاقي نهاية لوجعي اللي بقاله كتير ملازمني، تتجدد روحي فيا وشغفي تاني للحياة بعد ما خلاص الواحد انطفى من جواه وبقى بيلف في دايرة أيام مش عارف هتنتهي على ايه.

عدسة «أخبار الحوادث» لا تزال تصاحب الطفل أحمد في رحلته أثناء تجواله فى شوارع الإسكندرية بحثًا عن والدته، كان واضحًا لنا أنه يعيش أياما صعبة فى ظل ابتعاد الأم عنه وعن شقيقته الأصغر جنى، موضحًا أن الحكاية في بدايتها كانت جيدة قال: «كنت أعيش رفقة والدى ووالدتى و شقيقتى وكانت حياتنا جميلة وعلاقة أبى وأمي جيدة حتى دبت المشكلات وقرر الاتنين الانفصال، وهنا كانت نقطة فاصلة فى حياتنا والتي تحولت بعدها الحياة في نظرنا إلى جيحم وقلق وخوف.

طلاق وانفصال

ويضيف أحمد؛ ارتضينا بالطلاق وظللت أنا وشقيقتى رفقة والدتى نقيم في منزل جدى ثم انتقلنا بعد مرور 3 أشهر إلى منزل والدى للاقامة معه على أن أقضى يومي الخميس والجمعة عند امي، لكن بمرور الوقت دبت الخلافات بين والدتي وجدى ما جعل أمى تشعر بضيق شديد وعدم قدرتها على التكيف مع الوضع.

وفى نبرة صوت خافتة يملؤها الخوف والقلق مصحوبة بتساقط دموعه يقول أحمد: «أمي كان كل حلمها أن نقيم معها فى شقة واحدة ولا نفترق ابدا لكن لم يتحقق حلمها»، مشيرا إلى أن والدته عملت بأحد الاندية فى الإسكندرية لكنها تعرضت لمضايقات تركت على أثرها العمل ثم التحقت للعمل بأحد المصانع لمدة أيام معدودة لكن بعد مرور 3 أيام فقط اختفت وتحديدًا في 24 ديسمبر من عام 2019.

اختفاء

وكشف أحمد؛ أن اختفاء والدته لم يعلم به نهائيًا الا بعد مرور 7 أشهر، مؤكدًا أن الفترة الأولى من اختفائها حاول جدى وجدتى اخفاء الخبر عني انا وشقيقتي، قالا لي عندما سألتهما عنها أنها مسافرة لكن عدم وجود أي اتصال لمدة 7 أشهر جعلنى أتساءل حتى عرفت بخبر اختفائها ثم بدأت رحلة البحث عنها فى أقسام الشرطة والمستشفيات لكن لم استدل عليها.

وأوضح؛دخلنا المشارح في المستشفيات لكن مفيش حد باسم إيمان محمد إبراهيم، نفسي أشوفك يا امي وأعرف أخبارك نفسي أطمن عليكي وتاخدينى في حضنك ونكمل حياتى انا واختي معاكي وأحقق حلمك بأن أصبح مهندسًا.

وعن حياته أشار الطفل أحمد صاحب الرسالة المؤثرة: أنا فى مرحلة الشهادة الإعدادية وأقيم مع والدى المتزوج من أخرى لكن لا أشعر بالراحة ودائما فى مشكلات،  أنا يعمل في صالون للحلاقة لنحو 13 ساعة يوميًا تبدأ الثانية عشر ظهرًا حتى الواحدة منتصف الليل، وشقيقتي التي تصغرنى بـ 5 سنوات تقيم عند جدتي، يعني انا واختي مشتتين.

رسالة مؤثرة

ووجه الطفل أحمد رسالة من خلال «أخبار الحوادث» إلى والدته، أملاً أن تصل إليها قائلاً:»عودي يا أمي وأوعدك احل كل مشكلاتك وأنا معاكي عمرى ما هسيبك، مضيفًا حياتنا من غيرك بلا طعم ومش قادرين نعيش من غيرك أتوسل اليكى العودة»، مؤكدًا أنه لن يتوقف عن البحث عن أمه وسوف يواصل رحلة البحث عنها طالما كان على ظهر الدنيا حتى يجدها ويرتمي فى حضنها».

«و.ال» معلمة كانت تدرس لأحمد قالت لنا: فوجئت بما تعرض له أحمد ووالدته مؤكدة أن حالتهم كانت ميسورة وأحمد كان طالب فى احدى المدارس الخاصة بالمرحلة الابتدائية ووالدته كان لديها أمل كبير فى أن يصبح مهندسًا لكنها غادرت وتسببت فى أزمة كبيرة لدى أبنائها.

وأضافت لـ «أخبار الحوادث»: أن أحمد لا يتوقف عن البحث عن والدته منذ أن تركتهما فلا يوجد مكان فى الإسكندرية لم يتركه الا وسأل عنها، مطالبة من الجميع التدقيق فى صورها املًا فى الوصول إليها حتى يطمئن ولديها ويتم لم الشمل مرة أخرى، منوهة إلى أن أحمد يعاني من العيش بدون والدته والاقامة مع والده وزجته.

سألت احمد: هل حررتم محضرا باختفائها؟!، أجاب قائلا: نعم جدتي حررت محضرا بقسم الشرطة وسألنا عليها فى كل مكان وبصورة يومية، وهناك تواصل مع الجهات الشرطية على أمل العثور عليها لكن دون جدوى لكن كل ما أتمناه هو عودة ايمان لنا سالمة،صدقوني احنامحتاجينهااوي، مفيش حد يقدر يستغنى عن امه. وأضاف بدموع وأسى موجها رسالته لأمه: «ماما انا اشتقت ليكي أوي قد البحر اللي واقف قدامه ده ليل نهار».

على الطريق

وكشف احمد نجل الأم المتغيبة، عن قيام بعض الأشخاص بالتواصل معه للتأكيد على أنهم شاهدوها، وكان آخرها فى مدينة السادات لكن تبين بالبحث عنها أنها ليست الأم المقصودة، كاشفًا عن تعرضه لموقف بعد نشر منشور عن اختفائها بقيام أحد الأشخاص يشير إلى أن والدته عثر عليها وتقيم معه وبمحاولة التواصل معه أغلق هاتفه وتبين انه من هؤلاء الذين يستخفون بمصائب الناس، مطالبًا بعدم التلاعب بمشاعره في هذا الموقف الصعب، مطالبًا من الجميع بالدعاء له بالعثور على أمه.

اقرأ أيضًا : فى قصة الطفل «أحمد» الذى يبحث عن أمه منذ 4 سنوات.. الجدة: إيمان الطلاق دمرها نفسيًا وخايفة يكون الاكتئاب أصابها


 

 

 

;