«ندم» قصة قصيرة للكاتبة سهام أحمد

صورة موضوعية
صورة موضوعية

قد كان هواها بوصلة حياتها وكانت تظن ذلك حرية، لم تعبأ بأى عادات ولا تقاليد، أخذت حياتها لهوا، لم تعبأ بنصحٍ، ولم تعمل حساب لآخرتها، كان كل همها أن تعيش تلك الحياة بطريقتها المتحررة.

 فكانت تخرج مع أصدقائها من الجنسين وتسهر معهم في الكافيهات ظنا منها أن هذا لا يعيبها ولا ينقص من كرامتها طالما تحافظ على نفسها وعلى شرفها.

 

تعب أبوها وأمها في تغيير مفهومها هذا، وبعد استنفاذهم كل الطرق تركوها لهوى نفسها بعد أن فقدوا الأمل فيها، وعندما وصلت إلى سن الزواج جاءها عريسٌ غني معه كل ما تتمناه اى فتاة، وفوق ذلك كان وسيما ومحبا للحياة، وافقت على الفور

والمفاجأة التى لم تعمل حسابها إن زوجها وضع ضوابط لحريتها، ولم يستجب لرغباتها الجامحة بأن تخرج وتفعل ما يحلو لها كما في السابق، فلم تعجبها عيشته وكانت تتوقع منه عكس ذلك تماما بماله ووسامته..... فكرهته.

 

ماذا تفعل لكي تتخلص من هذه الحياة التى قالت عنها أنها سجن، ادعت أنها حامل وتريد أن تعيش في بيت والديها إلى أن تلد حتى تتخلص من سجن الزوجية كما كانت تسميه، فوافق زوجها على الفور من أجل راحتها، وبالفعل ذهبت لتقيم مع عائلتها، ظنا منها أنها ستعيد سيرة الماضى وتفعل ما يحلو لها، لكن هيهات

 أمها وقفت ضدها وقالت لا يجوز أن تخرجي كعهدك السابق لأنك متزوجة الآن ولابد أن تستأذني زوجك، فلم يعجبها حالها وقد كانت تكذب  بشأن حملها، وفعلت ذلك فقط كى تخرج من سجن زوجها الذي فرضه عليها، وعندما لم تجد ما كانت ترمى إليه، هربت من بيت أبيها.

 

ذهبت  إلى الشارع، لم تجد إلا طريقا واحدا هو طريق الرذيلة واختفت عن الكل، ومن هذا التاريخ لا يُعرف أين هى ولا أين ذهبت؟

طلقها زوجها بعد فترة من اختفائها، وأبوها  لم يتحمل  فمات من الصدمة، وأمها أخفت نفسها عن الجميع حتى لا يشير إليها أحد ويقول ها هي أم الهاربة.

 

وبعد بضع سنين ظهرت هذه الإبنة بشكل يندى له الجبين في ثياب رثة وحال مزرية بعد أن أكل منها الكل وشرب، وجاءت لكى تحٍب على قدمي أبيها، فعلمت أنه مات وأمها غابت عن الحي الذي تسكن فيه حتى تتقي شر الفضيحة، حتى وجدت نفسها في الشارع مرة أخرى، تجر ورائها الحسرة والندم في وقت لا ينفع فيه الندم.