«مصباح الكلمة» محمود درويش.. شاعر الأرض المحتلة

محمود درويش
محمود درويش

كانت هزيمة يونيو بمثابة الناقوس الذي دق بعنف منبها بضرورة فهم عدونا فهما حقيقيا ونفهم طبيعة عالمنا المعاصر ونساهم بإيجابية في صنع الحياة.

ومن أبرز الأسماء التي برزت في سماء المقاومة والنضال الشاعر محمود درويش  وزملاءه من شعراء الأرض المحتلة، بحسب ما نشرته مجلة آخر ساعة في يوليو 1969.

ومحمود درويش الذي تحل اليوم ذكرى رحيله ليس مجرد شاعر برز اسمه عقب الهزيمة داعيا لمواصلة النضال رافضا اليأس والهزيمة ولكنه أيضا يرمز إلى إرادة الإنسان العربي في أخطر مراحل نضاله.

الإنسان الذي تنطلق أفكاره متحررة من الروح الانهزامية مؤمنا بحتمية النصر فهو رمز لجيل جديد الإنسان الذي تدفعه أشواقه إلى غد جديد وتنطلق أفكاره متحررة من الروح الانهزامية مؤمنا بحتمية النصر فهو رمز لجيل جديد أنه تخطى مرحلة الجيل السابق عليه الجيل الذي صبغته هزيمة 48 مليون يائس.

وهو أيضا صدى لجيل ثورة 36 المقاوم الثورة التي أجهضتها قوى الصهيوينة والاستعمار ان نفسه تمتلئ بالأمل فهو يقول عقب هزيمة يونيو: أخمدت في لحم الظلام هزيمتي وغرزت في شعر الضياء أناملي فإذا احترقت على صليب عبادتي أصبحت قديسا بزي مقاتل ولعل طفولة محمود درويش هي التي رسمت في وجدانه ملامح فنه تلك الطفولة التي عرفت معنى الغربة وطعم التشرد وألم الضياع في سن مبكرة ومنذ أن خرج تحت جنح الظلام عبر الجبال في تلك السن الصغيرة إلى لبنان هربا من الطغيان الصهيوني وعندما يعود إلى مرتع طفولته يجد طفولته أطلال ويطوي نفسه على حزن غامض.

ومع الأيام يتضح له الوجع البشع الذي تكمن خلفه مأساته ومأساة وطنه وتتحدد رؤياه من خلال الفكر الاشتراكي الذي فتح أمامه النوافذ على ثورة الإنسان المعاصر ضد الظلم والاستغلال.

ومن إيمانه العميق بالقومية العربية تفتحت عيناه على واقع ناضج ليس وليد الحجرات المغلقة ولكنه وليد التلاحم مع الناس وأن الكلمة لا معنى لها إذا لم نحمل المصباح من بيت إلى بيت. هذا هو محمود درويش الثائر الذي يتمسك بتراب الوطن عاشقا له رغم ما لاقى من سجن وتعذيب: يا نوح لا ترحل بنا إن الممات هنا سلامة إنا جذور لا تعيش بغير أرض ولتكن أرضي قيامة، حبه مرتبط بالأرض بالتراب بالصخور بالأعشاب بجلال النضال المقدس إن حبه لن يرسل ظلاله الداغشة إلا في ظل التخلص من الاستعمار الصهيوني أنه يخاطب حبيبته : يداك فوق جبيني تاجان من كبرياء إذا انحنيت انحنى تل وضاعت سماء ولا أعود جديرا بقبلة أو دعاء والباب يوصد دوني.