بقلم واعظة

فاطمة حمزة تكتب: أَحْسَنَ الْحَدِيثِ

فاطمة حمزة
فاطمة حمزة

وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين صحابته رضوان الله عليهم خاطبا فيهم يعظهم ويرشدهم لما فيه الهدى والرشاد، ويدعوهم إلى التمسك بكتاب الله عز وجل، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أمَّا بعدُ، فإنَّ أصدَقَ الحديثِ كِتابُ اللهِ،وإنَّ أفضَلَ الهَدْيِ هَدْيُ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ... بهذه الكلمات البالغة يبين لنا صلوات ربى وسلامه عليه مكانة القرآن الكريم وأنه الكتاب الحق «لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ* تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» (فصلت:42) وعلى مر العصور والأزمان يكتشف علماء الدين والدنيا حقائق جمّة فى جميع المجالات الحياتية والطبية والعلمية قد تكلم عنها رب العزة جل وعلا وذكرها فى كتابه العزيز، ومازال الكثير والكثير من الآيات والدلائل البينات التى لم يتم اكتشافها وفهم محتواها وهذا إن دل فإنما يدل على صدق كلام رب العالمين. 

وكتاب الله لم يتصف بالصدق فقط، فقد يكون الكلام صادقا ولكن غير مؤثر إما لركاكة فى لفظه أو ثقل فى معناه، ولكن هيهات هيهات فقد امتدحه سبحانه وتعالى فى أكثر من آية بالحُسن واليسر وسهولة الحفظ والتعلم. 

قال تعالى:- ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِى بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ «الزمر: 23».

فهذا وصف دقيق لكتاب الله عز وجل بأنه متشابه فى حسنه وإحكامه وعدم اختلافه، تثنى فيه القصص والأحكام، والحجج والبينات، تقشعر من سماعه، وتضطرب جلود الذين يخافون ربهم؛ تأثرًا بما فيه مِن ترهيب ووعيد، ثم تلين جلودهم وقلوبهم؛ استبشارًا بما فيه من وعد وترغيب، ذلك التأثر بالقرآن هداية من الله لعباده.

فمن أراد أن يهتدى بهديه ويتدبر معانيه فليبادر بتلاوته فى كل وقت وحين ولن يجد أى صعوبة فى ذلك وهذا وعد من ربنا تبارك وتعالى جل شأنه فى سورة القمر قال تعالى:﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ ،فمن يبحث عن كتاب يتصف بالحسن والصدق والسهولة واليسر فلن  يجد أفضل من كتاب رب العالمين فقد شهد له الإنس والجن، والمؤمن والعاصي، فحقا إنه يعلو ولا يُعلى عليه.